دعوات سياسية لتجنيب لبنان الوقوع في أتون العاصفة

جنبلاط قال إن المنطقة تمر بفوضى عارمة.. وبري يحذر من إعادة الترسيم

دعوات سياسية لتجنيب لبنان الوقوع في أتون العاصفة
TT

دعوات سياسية لتجنيب لبنان الوقوع في أتون العاصفة

دعوات سياسية لتجنيب لبنان الوقوع في أتون العاصفة

دعا مسؤولون لبنانيون إلى وجوب تجنيب لبنان الوقوع في أتون الفتنة المذهبية العاصفة في المنطقة، على خلفية تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في مدن عراقية وسورية، وذلك من خلال الإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته أواخر مايو (أيار) الماضي، وتأمين استمرارية العمل في مؤسسات الدولة، في إشارة إلى العملين التشريعي والحكومي.
ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «ما يحصل في المنطقة فتنة مذهبية وطائفية، وترسيم حدود أين منها سايكس بيكو»، في إشارة إلى الاتفاقية الشهيرة التي وقعت بين فرنسا وإنجلترا عقب الحرب العالمية الأولى، وقسمت بموجبها المنطقة التي كانت خاضعة للاحتلال العثماني.
وأكد بري خلال لقائه وفد رؤساء روابط المخاتير، أن «لبنان عصي على الأعاصير التي تعصف بنا وفي المنطقة»، وقال: «رغم الأزمات والمشاكل التي نواجهها لا يفكر أحد أن يبلع هذا البلد».
وحث بري على ضرورة «وحدة اللبنانيين في وجه كل ما يجري»، مشددا على وجوب أن يحمي نفسه لبنان من تحت إلى فوق، داعيا إلى «العمل من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، وإلى عدم تعطيل المؤسسات الدستورية الأخرى، والسير في نهج النكايات». ورأى بري أن «الشعب اللبناني هو الضمان الأول للمؤسسات، وأن وحدته هي التي حمت، إلى جانب المقاومة والجيش، لبنان خلال العدوان الإسرائيلي في عام 2006. وحققت الانتصار». بدوره، دعا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط لتجاوز الخلافات السياسية الحادة في لبنان والسعي لتوحيد الرؤية في مواجهة التطورات الخطيرة والمتسارعة الآتية «بعد أن سقطت المنطقة العربية والشرق الأوسط في أتون الحروب والفوضى العارمة، وزالت معظم الحدود العربية والإقليمية في المساحة التي كانت مسماة الهلال الخصيب».
ورأى جنبلاط في تصريح صحافي أن المتغيرات الكبرى والمنعطفات التاريخية التي تشهدها المنطقة العربية هي بمثابة «تحولات غير مسبوقة»، ولا سيما مع ارتداء النزاعات المشتعلة الطابع المذهبي: «مما يحتم على اللبنانيين بناء مقاربات جديدة أقله لتنظيم الخلاف السياسي بين مختلف الأفرقاء، والإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية تلافيا لإطالة أمد الشغور الرئاسي والتعثر المؤسساتي في مرحلة حساسة لا تحتمل ممارسة الترف السياسي».
ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن المسؤولية الوطنية تفرض على اللبنانيين «تحصين المنعة الداخلية لمواجهة الخطر التكفيري»، متسائلا: «هل يحتمل لبنان المزيد، فيما التحديات تحاصر المنطقة والنار تحاصر البلاد، هل يحتمل المزيد من المناورات والمغامرات والتعطيل للمؤسسات، أم أن المطلوب أن نحصن الوحدة الوطنية ونعزز منعة لبنان من خلال تفعيل المؤسسات وتيسير مصالح الناس؟».
وشدد قاووق خلال احتفال تأبيني في جنوب البلاد على وجوب أن يكون لبنان «معافى داخليا ليستطيع أن يواجه النار المقبلة إليه من الجوار»، لافتا إلى أن «قدر اللبنانيين أن يتلاحموا في موقف جامع وطني تاريخي لمنع الخطر الذي يتهدد كل اللبنانيين من كل الطوائف ومن كل المناطق حتى نقطع الطريق على نار الفتنة».
وقال: «لبنان بحاجة إلى تهدئة داخلية وإلى حماية التوافق السياسي من أجل أن نكون في موقف واحد جامع لمواجهة الخطر التكفيري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».