نجوم الهجوم لا يتوهجون في المباريات الكبرى

معدل تسجيل معظمهم يتراجع في المواجهات الصعبة... ولوكاكو ليس الوحيد

رونالدو عانى في بدايته قبل أن يصبح أبرز هداف في أوروبا (أ.ف.ب) - لوكاكو يعاني في المناسبات الكبرى (أ.ف.ب)
رونالدو عانى في بدايته قبل أن يصبح أبرز هداف في أوروبا (أ.ف.ب) - لوكاكو يعاني في المناسبات الكبرى (أ.ف.ب)
TT

نجوم الهجوم لا يتوهجون في المباريات الكبرى

رونالدو عانى في بدايته قبل أن يصبح أبرز هداف في أوروبا (أ.ف.ب) - لوكاكو يعاني في المناسبات الكبرى (أ.ف.ب)
رونالدو عانى في بدايته قبل أن يصبح أبرز هداف في أوروبا (أ.ف.ب) - لوكاكو يعاني في المناسبات الكبرى (أ.ف.ب)

قدم المهاجم البلجيكي روميو لوكاكو لاعب مانشستر يونايتد، أداءً رديئاً في عدة مباريات خلال هذا الموسم، لكن الوقت ربما يثبت أنه ليس اللاعب الذي لا يتألق إلا أمام الفرق الأقل مستوى، مثلما الحال مع كثير من اللاعبين الآخرين، بمن فيهم البرتغالي الشهير كريستيانو رونالدو.
كانت كرة سُمع دويُّها في مختلف أرجاء العالم. في البداية، قفز كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد، والتوى بجسده واتخذ ظهره شكل القوس، ثم سدد الكرة بقدمه لتدوّي كالقنبلة في أرجاء الملعب.
وفي الوقت الذي نجحت الكرة المذهلة التي أطلقها رونالدو في مواجهة يوفنتوس في سلب الألباب، فإن مشاهدته يتألق على النحو نفسه خلال مواجهات دوري أبطال أوروبا، ومن جديد خلال «ديربي مدريد» أمام أتلتيكو، لم تكن بمثابة مفاجأة لأحد. يبدو أن رونالدو يرفع الشعار التالي بكل دقة: ما فُعل من قبل سيُفعل مرة أخرى.
وقد طرأت صورة رونالدو على الأذهان في أثناء «ديربي مانشستر» الأسبوع الماضي، بينما كان مانشستر سيتي يعصف بصفوف مانشستر يونايتد في الشوط الأول وسط انتقادات لبول بوغبا وروميلو لوكاكو مجدداً لعجزهما عن فرض وجودهما داخل الملعب. واللافت أن الناس قد اعتادوا توجيه الاتهامات ذاتها إلى رونالدو، وتحديداً أنه يخفق في المباريات الكبرى ولا يتألق إلا في مواجهة الفرق الأقل مستوى ويعجز عن فرض وجوده خلال المباريات المهمة.
وفي الوقت الذي نجح فيه بوغبا في الرد عملياً على هذه الانتقادات باستعادة وجه المقاتل الشرس فجأة مع بداية الشوط الثاني، ظل لوكاكو في الظل وبدا عنصراً هامشياً داخل مانشستر يونايتد. وغادر استاد الاتحاد وقد أخفق في تصويب كرة واحدة باتجاه مرمى الخصم، مع تحقيقه أدنى معدل في لمس الكرة (23)، وأدنى نسبة إنجاز تمريرات (53%) بين جميع اللاعبين الذين شاركوا في المباراة منذ اللحظة الأولى. في واقع الأمر، جاء أداء لوكاكو بوجه عام خلال المباراة بالغ السوء. وقد أشار منتقديه إلى أنه رغم إحرازه 31 هدفاً خلال 49 مباراة مع ناديه ومنتخب بلاده هذا الموسم، فإن هدفاً واحداً فقط من بينها جاء خلال المباريات التسع التي خاضها أمام الفرق الستة الكبرى على مستوى الدوري الممتاز.
بصورة عامة، يبدو لوكاكو للكثيرين نموذجاً للاعب الذي يتألق أداؤه فقط أمام الفرق الأدنى من حيث المستوى رغم قناعتنا بأن مثل هذا المفهوم لم يعد موجوداً على أرض الواقع من الأساس.
بطبيعة الحال نعلم جميعاً أن تسجيل أهداف في شباك الفرق الأفضل ينطوي على صعوبة أكبر بالنسبة إلى الجميع. ومع هذا، فإنه عندما عكف عمر تشودري، رئيس شؤون المعلومات لكرة القدم لدى «21 كلوب»، على تحليل بيانات تسجيل الأهداف في إطار الدوري الممتاز على مدار 15 عاماً، خلص إلى أن البيانات بدت هائلة. لقد خلص إلى أن متوسط تسجيل المهاجمين يصل إلى 0.24 هدف بخلاف ركلات الجزاء لكل 90 دقيقة أمام فرق أنجزت موسماً ما في واحد من المراكز الستة الأولى -ما يعني هدفاً كل 4 مباريات- مقارنةً بـ0.37 هدف أمام الفرق الأخرى. ويعني ذلك أن المهاجمين بصورة عامة يسجلون أهدافاً بمعدل أقل بنسبة 35% خلال «المباريات الكبرى»، سواء كانوا بارعين أو رديئي المستوى، وسواء كانوا متألقين أو غير مكترثين.
في هذا الصدد، يبدو الأرجنتيني سيرغيو أغويرو مهاجم سيتي، حالة نموذجية. ففي الوقت الذي جاء متوسط معدل الأهداف التي سجلها المهاجم أفضل بهدف لكل مباراتين في مواجهة الفرق الستة الكبرى، باستثناء ركلات الجزاء (0.52 هدف بخلاف ركلات الجزاء عن كل 90 دقيقة) -ما يضعه في مرتبة أفضل من أي لاعب آخر على مستوى الدوري الممتاز على مدار الأعوام الـ15 الماضية- فإن هذا المعدل أقل بنسبة 33% عنه في مواجهة الفرق الأضعف (0.78 هدف بخلاف ركلات الجزاء لكل 90 دقيقة).
في الوقت الراهن، يبدو لوكاكو استثناءً صغيراً لهذه القاعدة، ذلك أن معدل تسجيله للأهداف أقل بنسبة 52% خلال المباريات الكبرى، ما يعتبر أسوأ من أي مهاجم آخر سجل 80 هدفاً خلال مباريات الدوري الممتاز منذ عام 2003. ومع هذا، يشدد تشودري على أنه لا ينبغي لجماهير مانشستر يونايتد المبالغة في قلقها، مشيراً إلى أن البيانات المتوافرة لديه تكشف أن ثمة علاقة ارتباط إيجابية للغاية بين الأهداف في أثناء «المباريات الكبيرة» و«المباريات الأخرى»، لذا فإن ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن مسار لوكاكو الفاتر حالياً سيصحح نفسه بنفسه نهاية الأمر.
يذكر أن لوكاكو حقق ذلك بالفعل خلال مباريات كبرى، وخلال أول موسمين كاملين له في إنجلترا، سجل المهاجم 8 أهداف في شباك فرق أنجزت الموسم في واحد من المراكز الستة الأولى، وبمعدل أعلى عنه خلال المباريات «غير البارزة». وإذا كنت بحاجة إلى مزيد من الإقناع بأن هذا التباين يحمل دلالة مهمة، عليك النظر إلى سجل رونالدو المبكر مع مانشستر يونايتد. خلال السنوات الأربعة الأولى التي قضاها في إنجلترا، سجل رونالدو 7 أهداف خلال 39 مباراة كبرى شارك بها (أي أمام واحد من الفرق الستة الأولى على مستوى الدوري الممتاز أو خلال مباراة تصفية في إطار دوري أبطال أوروبا)، إلا أنه خلال الفترات التي لعب كجناح وليس قلب هجوم، فجأة يبدو الانتقاد الموجه إليه حقيقياً: أن أداءه يتراجع خلال المباريات الكبرى.
وقد استغرق رونالدو فترة طويلة من أجل دحض هذا الاعتقاد، رغم فوزه ببطولة دوري أبطال أوروبا 4 مرات وفوزه بلقب هداف البطولة 6 مرات وحصوله على جائزة «الكرة الذهبية» 5 مرات.
بيد أنه تبعاً لما ذكره تشودري، فإنه في الوقت الذي جاء فيه أداء رونالدو ضعيفاً بعض الشيء خلال سنواته الأولى، بين عامي 2010 و2013، فإنه في واقع الأمر سجل أهدافاً بمعدل أكبر خلال المباريات الكبرى (أمام الفرق الأربعة الأولى على مستوى الدوري الإسباني ودور التصفيات بدوري أبطال أوروبا). ولدى إمعان النظر في الأرقام نجد أنه سجل 9 أهداف خلال 11 مباراة كبرى في موسم 2010 – 2011، و11 هدفاً خلال 12 مباراة بعد عام، و10 أهداف خلال 9 مباريات في موسم 2012 – 2013، وبعد ذلك، تراجع أداء رونالدو بعض الشيء.
في الواقع، أشار تشودري إلى أن تقييم اللاعبين بناءً على أدائهم في المباريات الكبرى يمكن أن يشكل نواة دراسة كبرى في التحيز التأكيدي. لقد سجل رونالدو أهدافاً حيوية وفي كل مرة كان يسجل فيها واحداً من هذه الأهداف، كان يطلق عليه «رجل المباريات الكبرى»، وذلك في تجاهل لحقيقة أنه نجح في تسجيل هدف واحد فقط بخلاف ركلات الجزاء خلال آخر 5 مباريات له في مواجهة برشلونة. أما لوكاكو فيشكل النقيض: فإنه عندما لا يسجل أهدافاً في مباراة كبرى، يتعرض للاستهداف، في تجاهل لحقيقة أنه سجل هدفاً وساعد في إحراز آخر في مرمى تشيلسي، وساعد في تسجيل آخر في مرمى ليفربول.
وثمة دروس مهمة للأندية أيضاً وراء هذا الأمر، ذلك أن المدربين غالباً ما يحاولون الكشف عن اللاعبين بناءً على أدائهم في المباريات الكبرى أو في مواجهة فريقهم. إلا أن هذا ربما يدفع الأندية حتماً للتوصل إلى نتائج غير دقيقة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».