التوتر السياسي الدرزي ـ الدرزي ينتقل إلى الشارع

إشكالات وإطلاق نار بين مناصري جنبلاط ووهاب

وليد جنبلاط ووئام وهاب في مناسبة جمعتهما العام الماضي («الشرق الأوسط»)
وليد جنبلاط ووئام وهاب في مناسبة جمعتهما العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

التوتر السياسي الدرزي ـ الدرزي ينتقل إلى الشارع

وليد جنبلاط ووئام وهاب في مناسبة جمعتهما العام الماضي («الشرق الأوسط»)
وليد جنبلاط ووئام وهاب في مناسبة جمعتهما العام الماضي («الشرق الأوسط»)

انتقل الاحتقان الذي يشهده البيت الدرزي في لبنان على خلفية الانتخابات النيابية في الساعات الماضية إلى الشارع، مع تسجيل أكثر من إشكال بين مناصري رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير الأسبق وئام وهاب.
وانعكست السجالات بين رؤساء الأحزاب الدروز، التي شكلت ظاهرة جديدة في الأيام الماضية بعدما كانوا طوال السنوات الماضية تحيّد الساحة الدرزية عن الخلافات الداخلية التي تطال الملفات الاستراتيجية، على الشارع الدرزي، حيث سُجل مساء الأربعاء أكثر من إشكال في دائرة الشوف الواقعة في منطقة جبل لبنان بين شبان يؤيدون جنبلاط وآخرين يؤيدون وهاب. وأفادت المعلومات بأن الإشكالات بدأت على خلفية نزع صور لوهاب، فتطورت الأمور بعد احتجاز أحد الشبان الذين قاموا بنزع الصور، بالتزامن مع تسجيل تبادل لإطلاق النار، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويضع حدّاً للموضوع.
وقد سارع جنبلاط ووهاب على حد سواء لسحب الفتيل من الشارع، فشجب الأول «قيام شباب الحزب التقدمي الاشتراكي أو المناصرين بالتعدي على صور المنافسين أيّاً كانوا»، معتبراً أن أحداثاً مماثلة تساعد الخصوم مجاناً. وقال في تغريدة له على موقع «تويتر»: «اتركوهم وتجاهلوهم. وحده الصوت التفضيلي يقرر».
من جهته، دعا وهاب إلى «تهدئة الأمور وعدم التخاصم أو التصادم من أجل صورة»، مشدداً على أن «كل المقاعد النيابية لا توازي نقطة دم».
وكانت الخلافات الدرزية - الدرزية انفجرت، مطلع الأسبوع، مع توجيه رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» وزير المهجرين طلال أرسلان، رسالة إلى النائب جنبلاط قال إنها «الأقوى في التاريخ»، اعتبر فيها أن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»: «مقتنع بأن قوته تأتي بالتزعم على مجتمع ضعيف يحتاجه في كل شيء، بصحته ولقمة عيشه، بالترغيب والترهيب».
واقتصر رد جنبلاط على أرسلان عبر تغريدة قال فيها: «لا داعي للدخول في مساجلة مع أمير الوعظ والبلاغة والحكم. أما وأنني على مشارف الخروج من المسرح، أتمنى له التوفيق مع هذه الكوكبة من الدرر السندسية والقامات النرجسية. أنتم، كما قال جبران، في النور المظلم، ونحن في العتمة المنيرة».
وأوضح مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، أن حزبه أصدر أكثر من بيان دعا فيه مناصريه للالتزام بالقوانين والأصول واحترام حرية الرأي والتنوع، لافتاً إلى أن لديه «كامل الثقة بأن المواطنين سيُقدمون على الاستحقاق بكثير من المسؤولية، لكن يبقى الدور الأساسي للقوى الأمنية لمواكبة الاستعدادات للانتخابات، ومنع الإشكالات». وقال الريس لـ«الشرق الأوسط»: «النائب وليد جنبلاط حريص كل الحرص على حماية التعددية والاستقرار داخل الساحة الدرزية، كما أن اللبنانيين يعون تماماً كيف اندلعت السجالات الأخيرة، وأن أسبابها تنحصر بلزوم الاستهلاك السياسي والانتخابي». وأضاف: «لن ننجر إلى سجالات جانبية لأن المعركة الحقيقية بعد أسابيع، وهي معركة ديمقراطية بامتياز ننتظر كما كل اللبنانيين بشغف».
ولم تقتصر السجالات داخل البيت الدرزي على جنبلاط وأرسلان، بل شن وهاب أخيراً أيضاً هجوماً على أرسلان، علما بأن الطرفين جزء من نفس فريق «8 آذار» السياسي، ويدوران في فلك «حزب الله». واتهم رئيس حزب «التوحيد العربي»، وزير المهجرين بممارسة «أبشع عمليات التمييز والهدر» وزارته.
وتتزامن السجالات الدرزية - الدرزية مع احتدام الحملات الانتخابية قبل نحو 3 أسابيع على موعد الاستحقاق النيابي، بعد فشل القوى السياسية الأساسية في دائرة الشوف - عاليه في التوافق على تشكيل لائحة ائتلافية، كان يسعى إليها النائب جنبلاط. وتتنافس في الدائرة المذكورة حاليا 6 لوائح، الأولى هي لائحة «المصالحة» شكلها جنبلاط بالتحالف مع تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، الثانية شكلها أرسلان و«التيار الوطني الحر» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» باسم «ضمانة الجبل»، الثالثة شكلها وهاب، الرابعة حزب «الكتائب» ومستقلين، أما الخامسة والسادسة فلائحتان تمثلان المجتمع المدني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.