إسرائيل تحيي ذكرى ضحايا النازية وسط خلافات حول قيمها

TT

إسرائيل تحيي ذكرى ضحايا النازية وسط خلافات حول قيمها

أحيت إسرائيل أمس الذكرى السنوية لضحايا النازية اليهود بعدد من الأنشطة والطقوس والبرامج، التي تروي قصصا حول جرائم النازية بشكل عام وضد اليهود بشكل خاص.
كما دارت نقاشات واسعة حول الخلاصة من جرائم النازية. فالبعض اعتبر المناسبة فرصة للتأكيد على أن إسرائيل القوية لم تعد تسمح بالمساس باليهود، والبعض يرى أن على اليهود، الذين تعرضوا للظلم والعنصرية تعلم الدرس وألا يسمحوا لأنفسهم بظلم الفلسطينيين، فيما يفضل البعض الآخر الاستمرار في إبقاء الذاكرة حية حول المحرقة، لكن غالبية اليهود الشرقيين يرون أن المحرقة لا تمت إليهم بصلة، لأنهم عاشوا في الدول العربية من دون مذابح.
ويقود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التيار، الذي يريد الإبقاء على ذاكرة حية وإظهار قوة إسرائيل العسكرية، وقال في خطابه بمناسبة ذكرى المحرقة التي أقيمت في متحف الكارثة في القدس (ياد فاشيم) «قادة العالم الحر أرادوا منع الحرب وأدوا إلى احتلال أوروبا كلها. وعدم استعدادهم لدفع ثمن وقف العدوان في مرحلة مبكرة جعل الإنسانية تدفع الثمن. فقد مات 60 مليون شخص في الحرب العالمية الثانية، بينهم ستة ملايين من أبناء شعبنا. وإسرائيل لن تتصرف أبدا بهذه الطريقة الخاطئة. نحن نصد العدوان في مهده، ليس لدينا كلمات فارغة، نحن ندعمها بالأفعال. ويمكن تلخيص سياستنا في ثلاث كلمات: عدوان ضد العدوان».
بدوره قال الرئيس رؤوفين ريفلين في كلمته «رغم أن اللاسامية لم تختف من العالم، فإن الشعب اليهودي قوي وواثق. معاداة السامية لن تختفي ولم تختف، وكراهية إسرائيل لم تتغير، ولكننا نحن تغيرنا. لقد تغير الواقع لأننا تغيرنا. نحن واثقون وأقوياء. قاتلنا للتحرر من العبودية، وخرجنا من خطر الإبادة إلى الاستمرارية، إلى البناء والإنتاج. أعزائي الناجين والناجيات من المحرقة، لقد قمتم بمعجزة. بهذه الروح العظيمة بنيتم ورسختم هذا البيت - الجيش الإسرائيلي، الموساد والأجهزة الأمنية، وعالم القضاء، والاستيطان. أعدتم من الدمار بناء عالم التوراة والمدارس الدينية. طورتم الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، أقمتم بيتا، وزرعتم شجرة، وأنجبتم الأطفال وربيتموهم على المفاخرة، والهامة المرفوعة، وحب الحياة وحب الإنسان.... وسنواصل تثقيف أولادنا وبناتنا على هذا التراث».
وفي الجيش الإسرائيلي نشر «سلاح التربية» بيانا أكد فيه على ضرورة التمسك بالقيم الديمقراطية، والحفاظ على الأخلاق وقيم الإنسان، وقال إن النازية «قضت على الديمقراطية خطوة خطوة، وإذا تم القضاء على الديمقراطية في أي بلد، بما في ذلك في إسرائيل، فإن النازية ستعود».
وتعرض الجيش لانتقادات واسعة من قوى اليمين بسبب هذا البيان، إذ اعتبروا كاتبه يلمح للإجراءات الحكومية والقوانين التي يتم سنها، وهدفها تقليص حقوق المواطنين العرب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.