5 أولويات فرنسية بينها إقناع بوتين بـ«التخلي عن الأسد»

ماكرون على اتصال دائم مع ترمب

TT

5 أولويات فرنسية بينها إقناع بوتين بـ«التخلي عن الأسد»

قالت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس، رغم عزمها على المشاركة في ضربات عسكرية ضد النظام السوري، فإنها «تريد أن تعرف أين تضع رجليها»، بمعنى أن تكون أهداف هذه الضربات التي تريدها واضحة ومحددة، وكذلك الوسائل التي ستستخدم لذلك. ويفسر هذا الحرص «التأخير» الحاصل في تنفيذ العمليات العسكرية. وأضافت هذه المصادر أن حرصها مضاعف بالنظر لـ«صعوبة التنبؤ بما يريده الرئيس الأميركي دونالد ترمب» صاحب المواقف المتبدلة.
ومن هذه الزاوية يمكن فهم ما قاله الرئيس الفرنسي أمس في حديث إلى القناة الأولى في التلفزيون الفرنسي بأنه على «تواصل دائم» مع ترمب ومع فريقه، وأن الخبراء لدى الجانبين «يعملون معا» للتحضير لهذه العملية التي لم يعلن ماكرون تاريخا محددا لانطلاقتها، مكتفيا بالقول إنه سيتخذ القرار «في الوقت المناسب» وفي اللحظة التي تكون «العمليات فيها» «الأكثر فائدة وفعالية». وما لم يقله الرئيس ماكرون قاله رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الفرنسي جان جاك بريدي من أن «كل شيء جاهز للقيام بالضربات وللمعاقبة، لكن ما زال أمامنا الوقت للنقاش»، مضيفا في حديثه عن الرئيس السوري بشار الأسد: «يتعين الاقتصاص منه وتحطيمه وتدمير كافة إمكاناته من السلاح الكيماوي».
واضح من كلام ماكرون وبريدي أن باريس تريد العمل بوضوح لجهة الوسائل والأهداف. ماكرون أكد أمس أن بلاده «تمتلك البرهان على أن أسلحة كيماوية استخدمت الأسبوع الماضي» وأن من استخدمها هو النظام، بالتالي فإن الشرط الرئيسي الذي كانت باريس تريده قبل التحرك لمعاقبة انتهاك «الخط الأحمر» قد توافر. لكن لفرنسا أهدافها في سوريا وهي تريد العمليات العسكرية التي تتمناها «جماعية» في إطار السعي لتحقيقها. وأمس، عرض الرئيس الفرنسي منها خمسة، أولها محاربة الإرهاب، وفرض احترام القانون الدولي والإنساني، والتوصل لوقف النار وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، ونزع الإمكانات الكيماوية من النظام، وأخيرا «العمل لتهيئة سوريا الغد».
الواقع أن الهدف الأخير يطرح معادلة صعبة، بحسب مصادر فرنسية، إذ إن الحديث عن «العمل لتهيئة سوريا الغد» تلميح إلى أن باريس تريد إحداث تغيير في النظام. وجاء كلام رئيس لجنة الدفاع الذي هو من حزب «الجمهورية إلى الأمام» الرئاسي، أكثر صراحة، إذ قال ما حرفيته: «الحرب في سوريا تدوم منذ سبعة أعوام والأسرة الدولية غير قادرة على إيجاد الحلول. لذا يتعين أن نعمل للعثور على حل، ولذا ففرضية بقاء الأسد في السلطة بعد الجريمة التي ارتكبها (في إشارة إلى الهجوم الكيماوي) لم تعد واردة».
إذا كان لهذا الكلام من معنى، فإنه يدل على أن فرنسا تريد التخلص من الأسد. وقالت المصادر الفرنسية الرسمية المشار إليها سابقا إن «أحد أهداف العملية العسكرية المرتقبة هو الضغط على الروس للقبول أخيرا بالتخلي عن الأسد والمجيء بشخص آخر مكانه». بيد أن ماكرون، في الحديث التلفزيوني نفسه، أكد من جهة أنه «على تواصل دائم» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن جهة أخرى أن «إحدى أولوياته هي التمسك باستقرار المنطقة، وفرنسا لا تريد بأي حال من الأحوال حصول تصعيد».
وقبل ذلك وخلال المؤتمر الصحافي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساء الثلاثاء في قصر الإليزيه، اعتبر ماكرون أن الأسد «عدو شعبه وليس عدو فرنسا»، وأن الضربات العسكرية «لن تستهدف شركاء الأسد»، أي روسيا وإيران. ويبين هذا «الخلط» تأرجحا في الرغبات الفرنسية والغربيين بشكل عام، بين الاكتفاء بتوجيه «صفعة» للأسد ونزع قدراته الكيماوية والرغبة في استغلال الوضع الحالي للضغط على النظام السوري مباشرة من خلال استهداف مواقعه والضغط كذلك على الجهات التي تدعمه.
وأكدت أوساط فرنسية أخرى أن التأخير في الإعلان عن الانخراط في ضربة عسكرية من الجانب الفرنسي لأن باريس تريد «استكمال التشاور» والتأكد من أن ما ستشارك به يحترم القانون الدولي. وفي السياق نفسه، فإن رغبة باريس هي في «عمل جماعي». لكن صعوبة هذا الخيار أنه يتطلب الكثير من التشاور للتوافق على التفاصيل و«عدم الانخراط في مغامرة غير محسوبة العواقب أو تكون لها نتائج عكسية»، وفق ما تؤكده هذه الأوساط. ويريد ماكرون أن يكون «ضابط الإيقاع»، بمعنى ألا يكون الرئيس الأميركي هو من يوجه ويحدد، لما في ذلك من مخاطر تصعيدية، خصوصا على ضوء التهديدات الروسية بالرد. من هنا، تأتي أهمية استمرار التواصل بين ماكرون وبوتين، بحيث أصبح الرئيس القناة التي تصل بين واشنطن وموسكو.
ثمة عنصر آخر يهم باريس، وهو «شرعية» العملية العسكرية. واستبق بريدي أي تحرك بالقول إن الضربات العسكرية «ربما تكون خارج قرارات الأمم المتحدة، لكنها في أي حال تندرج في إطار الشرعية الدولية»، ولكن من غير أن يفسر هذا التناقض.
وفي أي حال، فإن الأوساط الفرنسية نفسها لا ترى أن ثمة إمكانية لتلافي «ضربات عسكرية ما»، بعد أن أصبح الغربيون «رهائن» لمواقفهم وتصريحاتهم. فإذا تراجعوا عن توجيه الضربات العسكرية في آخر لحظة، فإن شبح الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما سيعود ليخيم على البيت الأبيض وستعود الخيبة إلى باريس. وإذا استمروا في خططهم بـ«تأديب» النظام السوري، فعليهم التأكد من ردة الفعل الروسية الحقيقية والتعرف على ما يمكن أن تقبل به موسكو لـ«غض النظر»، مثل ألا تستهدف مواقعها وألا يكون الهدف الغربي إطاحة النظام.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.