إسرائيل تعمل على «تغيير قواعد اللعبة» بقصف مواقع «حماس» في عمق القطاع

TT

إسرائيل تعمل على «تغيير قواعد اللعبة» بقصف مواقع «حماس» في عمق القطاع

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في قطاع غزة، صباح أمس (الاثنين)، عن وفاة مروان قديح (45 عاماً) متأثراً بجروحه التي أصيب بها يوم الجمعة الماضي في المواجهات التي اندلعت على الحدود الشرقية لمدينة خانيونس، جنوب القطاع، في ما عرف باسم «جمعة الكاوتشوك»، ضمن «مسيرات العودة الكبرى».
وبذلك يرتفع عدد الضحايا الفلسطينيين الذين سقطوا منذ 30 مارس (آذار) إلى 32 قتيلاً، وأكثر من 2850 مصاباً برصاص الجنود الإسرائيليين الذين واصلوا في الساعات الماضية استهداف خيام «مسيرات العودة»، على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وبدا، أمس، أن إسرائيل ستلجأ إلى أسلوب جديد تحاول من خلاله «تغيير قواعد اللعبة»، عبر قصف مواقع لحركة «حماس» في عمق قطاع غزة، وليس على الحدود فقط، وهو الأسلوب الذي اعتمدته منذ بداية الأحداث في 30 مارس الماضي. فقد أطلقت طائرات إسرائيلية، فجر الاثنين، 4 صواريخ في اتجاه موقعين لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، في بلدتي بيت لاهيا وجباليا، شمال قطاع غزة، دون وقوع إصابات.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن الهجوم جاء رداً على محاولة تسلل قام بها فلسطينيون إلى الحدود، ومحاولة زرع عبوات ناسفة، محملاً «حماس» المسؤولية عن أي حدث أمني على حدود القطاع، وأضاف: «ينظر الجيش ببالغ الخطورة إلى المحاولة التي تقودها حماس لتحويل منطقة السياح إلى ساحة قتال، بما فيها محاولات المساس بالبنية التحتية الأمنية والدفاعية».
وتابع: «لن يسمح الجيش بأن يكون الاستخدام السخيف للمدنيين غطاءً لارتكاب اعتداءات تخريبية ضد مواطني إسرائيل، وقوات الجيش سترد على أي محاولة من هذا النوع»، وفق تعبيره.
كان مصدر عسكري إسرائيلي قد قال لصحيفة «هآرتس» العبرية إن الجيش سيستخدم سلاح الجو لمهاجمة أهداف ومواقع حركة «حماس» في العمق خلال المظاهرات التي تندلع عند حدود غزة، وذلك في حال استمرت «الهجمات» على الجدار الأمني.
من جهته، قال فوزي برهوم، الناطق باسم «حماس»، إن القصف الإسرائيلي لمواقع الحركة يعكس عمق الأزمة الداخلية، وحالة الإرباك التي يعيشها الاحتلال بعد نجاح مسيرات العودة وكسر الحصار.
واعتبر برهوم، في تصريح صحافي، أن الاحتلال أراد بهذا التصعيد «خلط الأوراق كي يغطي على أزمته وجرائمه بحق المتظاهرين العزل، وقتله الأطفال والصحافيين»، مضيفاً: «إن الجماهير الفلسطينية نجحت في كسر هيبة الاحتلال، وفضحت جرائمه، ونجحت في تطوير أدوات المواجهة والنضال الشعبي».
وتأتي هذه التطورات في وقت وصل فيه نيكولاي ميلادينوف، منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، إلى قطاع غزة. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن ميلادينوف التقى قيادة «حماس» بعيداً عن وسائل الإعلام، وبحث معها التصعيد على الحدود، مطالباً إياها بضرورة وقف الاحتكاك بالجيش الإسرائيلي، والحفاظ على سلمية المظاهرات، ومنع المتظاهرين من الاقتراب من الجدار الأمني.
وأشارت المصادر إلى أن ميلادينوف ربما يكون قد نقل رسالة إسرائيلية إلى «حماس» بهذا الخصوص، تضمنت تحذيراً من التمادي في «استفزاز» جيشها على الحدود، لأن ذلك قد يدفع بالأوضاع إلى تصعيد عسكري، وتابعت أن «حماس» أكدت للمنسق الأممي أن المسيرات ستستمر حتى إحياء ذكرى النكبة في 15 مايو (أيار) المقبل، وأن المتظاهرين يستخدمون الأساليب السلمية، لكن الاحتلال يتعمد قنصهم عن بعد، رغم عدم وجود أي مخاطر أمنية.
وتزامن وصول ميلادينوف إلى غزة مع حراك مصري، في محاولة للسيطرة على الوضع في القطاع، حيث تشير معلومات إلى أن مصر تسعى للضغط على «حماس» لمنع اجتياز المتظاهرين الجدار الأمني.
وفي سياق متصل، اعتبر وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي بيان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الاحتلال في قطاع غزة بمثابة بدء للتحقيقات رسمياً بما وقع في القطاع من جرائم حرب، بحسب القانون الدولي الإنساني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.