ذعر حوثي من تقدم الجيش اليمني وغضب القبائل

استنفر قادته للدفاع عن صعدة بعد اقتراب قوات الشرعية من معقل الجماعة

تجمع حوثي للاستعراض المسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع حوثي للاستعراض المسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

ذعر حوثي من تقدم الجيش اليمني وغضب القبائل

تجمع حوثي للاستعراض المسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع حوثي للاستعراض المسلح في صنعاء (إ.ب.أ)

أصاب التقدم الميداني الأخير لقوات الجيش اليمني المدعومة من التحالف، في جبهات محافظة صعدة، زعيم ميليشيا جماعة الحوثيين بالذعر؛ وهو ما جعله - بحسب ما أكدته لـ«الشرق الأوسط» مصادر قبلية وعسكرية - يستدعي عدداً من قادته السلاليين (المنحدرين من سلالة الجماعة التي تدعيها) في صنعاء لتكليفهم بوضع خطط دفاعية عن معقل الجماعة الرئيس، وتحذيرهم من غدر رجال القبائل.
وقالت المصادر، إن زعيم الجماعة الموالية لإيران عبد الملك الحوثي، استدعى عشرات القادة في الجماعة الذين يرتبطون به سلالياً من أبناء صعدة إلى اجتماع عبر دائرة تلفزيونية، تحدث فيه إليهم عن خطر السقوط الوشيك لمعقل الجماعة ومسقط رأسه في أيدي قوات الجيش اليمني بسبب انهيار صفوف ميليشياته أمام التقدم المتسارع في الجبهات التي تطوق صعدة من مختلف الجهات.
وأثارت تحذيرات الحوثي من مسلحي القبائل الموالين له، وأوامره الجديدة بشأنهم، غضباً في أوساطهم؛ ما جعل بعضهم ينسحب من جبهات القتال في الأيام الماضية، طبقاً لما أفادت به مصادر قبلية في صنعاء.
وسبق قبل أيام أن عقد مسلحو قبيلة «آنس»، غربي ذمار، اجتماعاً هددوا فيه بالانتقام من الجماعة التي باتت الشكوك تراودهم بأنها هي من تقف وراء تصفية العشرات من رجال القبلية، سواء في حوادث الاغتيالات الغامضة التي تشهدها المحافظة، أو أثناء مشاركتهم في الجبهات، ومقتل الكثير من أبناء القبلية بعيداً عن خطوط المواجهة.
وكانت قوات الجيش اليمني بدعم من التحالف باغتت الجماعة الانقلابية بفتح جبهة جديدة قبل أيام في مديرية الظاهر، غربي صعدة، واستولت على معسكر الكمب، القريب من مركز المديرية الحدودية (الملاحيظ)، في ظل قصف مدفعي وصاروخي لتطهير الجبال المحيطة، بما فيها جبال مران المجاورة، حيث المعقل الأول لنشأة الجماعة الطائفية ومؤسسها حسين الحوثي.
وجاء فتح هذه الجبهة، غربي المحافظة، بعد أسابيع من التقدم المحرز لقوات الشرعية في جبهة مديرية «رازح» في الناحية الشمالية الغربية، التي سيطرت على مناطق واسعة في جبال زهور مقتربة من مركز المديرية التي تبعد أقل من 40 كيلومتراً إلى الشمال من جبهة «الملاحيظ».
وكشفت المصادر، عن أبرز القيادات في الجماعة التي استدعاها الحوثي للاجتماع العاجل، وذكرت من بينهم، شقيقه عبد الخالق الحوثي، وعمه عبد الكريم الحوثي، والقيادي الميداني رئيس استخبارات الحكومة الانقلابية أبو علي الحاكم، إلى جانب آخر من قيادات الصف الثاني في الجماعة.
وحذر زعيم الميليشيات أتباعه من «غدر رجال القبائل الموالية للجماعة»، بحسب ما قالته المصادر، وأمرهم بأن يعيّنوا في قيادة الجبهات والمجموعات القتالية قادة من عناصر السلالة التي ينتمي إليها، كما طلب منهم التعميم على القادة الميدانيين لتصفية كل من يحاول الهرب أو الاستسلام من المقاتلين.
وأمر الحوثي قادته بأن يبدأوا حملة للتحشيد في صنعاء ومديريات محافظتي عمران وحجة، لجمع أكبر عدد ممكن من المجندين والدفع بهم إلى جبال مران الواقعة في مديرية حيدان، غرب صعدة، للدفاع عنها أمام التقدم الكبير لقوات الجيش الحكومي، ولتعويض المئات من القتلى الذين سقطوا في المعارك أو أثناء ضربات الطيران التي استهدفتهم خلال محاولتهم التقدم لتعزيز الجبهات المحيطة بصعدة. ولا يعرف على وجه الدقة المكان الذي يختبئ فيه الحوثي، إلا أن مصادر قبلية ومحلية في محافظة صعدة، ترجح أنه لا يزال في المحافظة متنقلاً بين عدد من الكهوف الجبلية التي أنشأتها الجماعة خلال السنوات الماضية بإشراف من خبراء إيرانيين، دون أن تستبعد المصادر أن يكون قد انتقل إلى صنعاء في الآونة الأخيرة للاختباء في المنازل الآمنة التابعة للجماعة، بخاصة بعد أن أمن من منافسة غريمه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في العاصمة.
وفي سياق متصل بتنفيذ توجيهات زعيم الجماعة، بدأ قادته أمس في صنعاء وعمران حملة جديدة لحشد المقاتلين من أبناء القبائل والعسكريين السابقين، حيث شهدت مديرية «العشة» في عمران تجمعاً مسلحاً دعا إليه عناصر الجماعة في سياق محاولتهم استقطاب المزيد من المجندين إلى جبهات صعدة.
وفي العاصمة صنعاء، كلفت الجماعة القيادي الطائفي البارز طه المتوكل، وهو أحد معممي الميليشيا والمسؤول السابق عن أموالها في صنعاء، ليتولى الإشراف على حملة التحشيد التي تستهدف استدعاء العسكريين السابقين والمتقاعدين لإجبارهم على التوجه إلى الجبهات، بعد أن فشلت محاولات الميليشيا خلال الأسابيع الماضية في عملية استقطابهم.
وذكرت المصادر الرسمية، للجماعة، أمس، أن القيادي طه المتوكل، حضر اجتماعاً للغرض ذاته المكلف به بحضور أمين العاصمة صنعاء المعين من قبل الميليشيا حمود عباد، ووكلائه، والمسؤول الأول عن أحياء المدينة وعقال الحارات، لجهة وضع خطة بديلة لاستدعاء العسكريين وحشد المجندين الجدد.
وأفادت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، بأن القيادي عباد أمر المسؤوليين المحليين في العاصمة «بتوفير كافة الإمكانات اللازمة لنجاح لجنة التعبئة والاستدعاء واللجان الفرعية في المديريات في تنفيذ مهامهم، وأن يفرّغ مديرو المديريات جزءاً من أوقاتهم للعمل مع اللجان وتذليل الصعاب أمامها»
وشدد عباد، بحسب الوكالة الحوثية: «على دور الشخصيات الاجتماعية والمشايخ والعقال في مساندة جهود التعبئة والدفع بمنتسبي القوات المسلحة» للالتحاق بصفوف الميليشيا.
وتشير مصادر قريبة من الجماعة في صنعاء، إلى وجود صراع خفي بين أجنحة الميليشيا، على أكثر من مستوى، ففي حين بات العناصر القادمون من صعدة، هم أصحاب الحظ الأوفر في المناصب والأموال، يشكو عناصر الميليشيا في صنعاء وبقية المحافظات من التهميش.
كما بدأ عناصر الميليشيا من رجال القبائل، الذين تطلق عليهم «الزنابيل» في استشعار الغبن، والتعامل معهم من دونية لجهة عدم انتمائهم إلى سلالة الحوثي الموصوف عناصرها بـ«القناديل»، كما يشكو أغلب رجال القبائل من عدم تنفيذ أوامرهم من قبل عناصر السلالة، عند إسناد أي منصب قيادي إليهم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.