مونيه كما لم نرَه من قبل... المباني وانعكاسات الأضواء

«ناشيونال غاليري» في لندن يعرض 75 لوحة لفنان الانطباعية الأشهر

سلسلة من اللوحات حول كاتدرائية روين للفنان الفرنسي كلود مونيه (إ.ب.أ)
سلسلة من اللوحات حول كاتدرائية روين للفنان الفرنسي كلود مونيه (إ.ب.أ)
TT

مونيه كما لم نرَه من قبل... المباني وانعكاسات الأضواء

سلسلة من اللوحات حول كاتدرائية روين للفنان الفرنسي كلود مونيه (إ.ب.أ)
سلسلة من اللوحات حول كاتدرائية روين للفنان الفرنسي كلود مونيه (إ.ب.أ)

75 لوحة للفنان العالمي كلود مونيه تنتظم في حجرات العرض في الطابق الأسفل بـ«ناشيونال غاليري» بلندن، تعد الزائر بمتعة بصرية فائقة لعرَّاب الانطباعية الذي اشتهر برسم مناظر الطبيعة وتأثير الضوء وأحوال الطقس، وتمثل من جهة أخرى أول معرض مخصص لمونيه يقام في لندن من عشرين عاماً. في المعرض سيجد المشاهد نفسه أمام لوحات لم يرها من قبل؛ فاللوحات الـ75 جُمِعَت من أنحاء العالم؛ من متاحف في باريس وموسكو ومجموعات خاصة.
ورغم كل ذلك، فإن إقامة أي معرض لمونيه تواجه عقبة محددة تتمثل في وجود لوحات الفنان الفرنسي بشكل واسع جداً تجارياً، وهو ما يجعل مهمة أي منسِّق لمعرض عن فنِّه صعبة بعض الشيء، فعليه أن ينتزع الجمهور من حالة التوقع السلبي للوحات مونيه، وأن يقدم رؤية جديدة تفتح أعين الجمهور على مونيه آخر ولوحات لم يسبر أغوارها بعد. ويبدو أن منسقَي المعرض طورا فكرة لمعرض يعد زوراه بنظرة مختلفة لأعمال كلود مونيه، ويفعل... منطلقنا كزوار للمعرض هو علاقة مونيه بالمعمار، في البيوت الريفية والكنائس والقصور وأيضاً الجسور، كيف تعامل معه وأبرزه أحياناً واستخدمه خلفيةً ضبابيةً في أحيان أخرى. في كل الحالات يمكن القول إن المعرض يقدم لنا مونيه كما لم نره من قبل.
المعرض ينقسم لثلاثة محاور، ينسج من خلالها مشوار كلود مونيه الفني منذ البدايات في 1860 إلى 1912، تبرز كيف استخدم مونيه المعمار لتكوين لوحاته وإضفاء الحياة عليها. تمثل المباني والجسور والكنائس في اللوحات أمامنا نقاط تركيز وثبات بالمقارنة مع حالة الطبيعة المتغيرة، وتمثل أيضاً خلفية ينعكس عليها الضوء. في لوحاته نجد البيوت العادية والكنائس القروية إلى جانب المباني الأيقونية، مثل مبنى البرلمان بلندن وقصور البندقية، هي هناك في خلفية اللوحة وبيننا وبينها الطبيعة، هضاب وأشجار ومياه أنهار وبحيرات، التزاوج بين العناصر يصيب العين والعقل بحالة ترنُّح جميلة.
اللافت في اللوحات هو غلبة الطبيعة والمباني على الوجود الإنساني؛ الأشخاص في اللوحات يبدون كالأشباح، لا نميز ملامحهم، بعضهم لا يمكن رؤيته بسهولة، يروي منسق المعرض أن مونيه اشتكى لأصدقائه من صعوبة استكمال بعض لوحاته في مدينة البندقية بسبب وجود السياح الذي كانوا يعكرون عليه عمله، ويقفون في وجه ضربات فرشاته المفتونة بأشعة الشمس وبالانعكاسات المتلألئة على صفحة مياه «الغراند كانال».
يقول منسِّق المعرض ريتشارد توماس ملخصاً رؤيته: «أن نرى مونيه من خلال المعمار في لوحاته، فإنها طريقة جديدة لرؤية أعماله»، يشير للوحات رسمها مونيه في أمستردام.
ويعلِّق بأن الفنان انجذب لرسم البيوت الملونة وطواحين الهواء. يقول إن المباني لعبت أدوار مختلفة في فن مونيه؛ فهي علامة دالَّة على مكان معين، فرسمه لكنيسة ما في قرية يدل على مكانها، أو رسمه لمبانٍ في البندقية لا توجد إلا بها أو لجسر «تشارينغ كروس» بلندن، تعرفه العين وتدرك مكانه. أيضاً يمكن رؤية الهياكل الخراسانية أو الحديدية في لوحة «محطة سان لزار» كتسجيل لملامح المدنية.
من ناحية أخرى، هو يستخدم أسطح بيوت حمراء ليبرز من خلالها ألوان الطبيعة حولها، أو واجهات مبانٍ تختفي خلف غلالات الضباب يستخدمها كخلفية ليبرز انعكاسات الضوء عليها. اللافت أن مونيه يستغني عن الأشخاص ويستعين بالمباني لعكس مشاعر وانطباعات، مثل إبراز مبنى لكنيسة جورجيو ماجيوي بفينيسيا، لا يحتاج الفنان هنا لأشخاص يتأملون في جمال المبنى، لا يحتاج غير المتأمل في لوحته فقط، وهو المتفرج، يشعر بالانبهار لجمال مبانٍ معينة وقد يشعر بالوحدة من رسم لكوخ منعزل.
لعب مونيه على إظهار الضوء من خلال الأسطح المختلفة، على جدران المباني وعلى جوانب الجسور، تتسلل خيوطه للوحات من خلال غلالة من الضباب أو ينعكس على صفحات الماء، في كل الأحيان يستخدم مونيه المباني والمعمار لتكون مسرحه الخاص الذي يقدم من خلاله أشعة الضوء.
في مقابلة أُجرِيَت معه في عام 1895 قال الفنان: «قد يرسم آخر جسراً أو كوخاً أو قارباً... أما أنا فأريد أن أرسم الهواء الذي يحيط بهذا الجسر أو البيت أو القارب، وأن أرسم الجمال المضيء الذي توجد به».



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.