«لا صوت يعلو فوق صوت القبيلة» في انتخابات الرئاسة بسيناء

زعماء القبائل حشدوا بكثافة لإثبات أنهم «ليسوا كمالة عدد»

ناخبون يصطفون أمام إحدى لجان شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
ناخبون يصطفون أمام إحدى لجان شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
TT

«لا صوت يعلو فوق صوت القبيلة» في انتخابات الرئاسة بسيناء

ناخبون يصطفون أمام إحدى لجان شمال سيناء («الشرق الأوسط»)
ناخبون يصطفون أمام إحدى لجان شمال سيناء («الشرق الأوسط»)

يلعب زعماء القبائل، أو المشايخ، دورا أساسيا في هوية قبائلهم في شبه جزيرة سيناء، ولا تزال لهذا الأمر أهمية رمزية ومادية بالنسبة إلى القبيلة، خصوصا في المناسبات المهمة مثل الانتخابات الرئاسية.
ويقول أحد مشايخ ورموز قبيلة الأرخاسة في شمال سيناء الشيخ، عيادة زايد سلامة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القبيلة لها سلطة قوية في المجتمع السيناوي الذي يرتبط بعادات وتقاليد لا يمكن للأفراد الحياد عنها حسبما توارثناها عن آبائنا وأجدادنا».
وأشار إلى أن «المجتمع القبلي في سيناء يصطف خلف رموزه وعواقله، وأيضا للمشايخ دور مهم في توحيد صف القبيلة، وحدث هذا في الانتخابات الرئاسية التي تجرى حاليا في مختلف أرجاء البلاد، حيث جرى التصويت حسب توجيه الرموز والمشايخ للأفراد».
وقال الشيخ محمد نافل، أحد مشايخ قبيلة البياضية في مدينة بئر العبد: «اتفقنا خلال اجتماع في ديوان القبيلة في قرية الخربة على أن يتوجه أبناء القبيلة إلى صناديق الاقتراع بكثرة من أجل التصويت في الانتخابات الرئاسية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «مشاركتنا واجب وطني حتى تظهر صورة القبيلة أمام الرئيس القادم جيدة، ويعرف أن السيناوية لديهم وعي سياسي ويشاركون في الانتخابات وليسوا كمالة عدد ولا مهمشين».
وتشهد مناطق شمال سيناء ووسطها تواصل العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» التي أطلقها الجيش الشهر الماضي بالمشاركة مع قوات الأمن، للقضاء على بؤر جماعات إرهابية تنشط منذ سنوات، أبرزها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع تنظيم داعش في 2014، وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء».
وشاركت القبائل البدوية في شبه جزيرة سيناء بقوة في انتخابات الرئاسة، وظهرت المشاركة بصورة واضحة أمام اللجان الانتخابية، وأثناء عمليات نقل الناخبين وحشدهم من الوديان والتجمعات البدوية البعيدة إلى اللجان للتصويت، خصوصا قبائل السواركة والرميلات والتياها والأحيوات والأخارسة والبياضية والعقايلة في مناطق الشيخ زويد ووسط سيناء وغربها.
وأعلن رئيس غرفة عمليات مجلس الوزراء، علي هريدي، أن مدن بئر العبد والشيخ زويد والعريش «شهدت أكبر نسبة كثافة في عملية التصويت خلال أول وثاني أيام الانتخابات الرئاسية».
وقال عضو مجلس النواب عن دائرة بئر العبد رمضان سرحان الذي ينتمي إلى قبيلة البياضية، إنه يفتخر بارتدائه لعباءة القبلية، ويدين لها بالفضل في وصوله إلى البرلمان للدورة الثالثة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «أبناء القبائل قادرون على الحشد وتحقيق أفضل النتائج بدعم رموزهم وقادتهم ومشايخهم، والكلمة الأولى لأي انتخابات في شبه جزيرة سيناء تكون دائما للقبيلة».
وعزا الشيخ حميد منصور، أحد مشايخ قبيلة السماعنة في شمال سيناء، كثافة التصويت في الانتخابات، سواء البرلمانية أو الرئاسية، في شبه جزيرة سيناء إلى أبناء القبائل، سعيا إلى تنمية سيناء ودعما لاستقرارها وتعزيزا لولاء أبناء القبائل وانتمائهم إلى وطنهم المصري.
«القبيلة تاج رؤوسنا»، عبارة أكدها محمد سلام سلامة، أحد أبناء قرية بالوظة غرب شمال سيناء، وشدد على أهمية الانتماء إلى القبيلة في المجتمع السيناوي. وأضاف أن «القبيلة تعني الفخر والعز بالنسبة إلينا، وكلام كبارنا وعواقلنا مسموع ومجاب».
ويرى الشيخ حميد عبد الله سليم، أحد مشايخ قبيلة السواركة، في منطقة غرب العريش، أن جهود أبناء قبيلته في عملية الاقتراع بالانتخابات الرئاسية «مدفوعة بالأمل في التخلص من الإرهاب وعودة أبنائها النازحين إلى ربوعهم وقراهم في مناطق الشيخ زويد ورفح، وهذا سبب كافٍ لأن يبذل جميع أبناء القبيلة جهودهم لتحقيق هذا المسعى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».