مدارس ألمانية تطلب مساعدة الشرطة للتصدي لظاهرة العداء للسامية

مفوض الاندماج لدى الحزب الحاكم مصطفى عمار مع طلاب مهاجرين في مدارس ألمانية
مفوض الاندماج لدى الحزب الحاكم مصطفى عمار مع طلاب مهاجرين في مدارس ألمانية
TT

مدارس ألمانية تطلب مساعدة الشرطة للتصدي لظاهرة العداء للسامية

مفوض الاندماج لدى الحزب الحاكم مصطفى عمار مع طلاب مهاجرين في مدارس ألمانية
مفوض الاندماج لدى الحزب الحاكم مصطفى عمار مع طلاب مهاجرين في مدارس ألمانية

تتزايد الشكاوى في المدارس الألمانية من تعرّض أطفال ألمان للتنمر على يد أطفال من اللاجئين، بسبب اعتناقهم الديانتين المسيحية واليهودية. وقد تسبب حادث في مدرسة بمنطقة نويكولن ببرلين التي يعيش فيها عدد كبير من اللاجئين والمهاجرين المسلمين، بضجة كبيرة في الأيام الماضية. واستدعى مطالبات بوضع خطط فعالة لتوعية أطفال اللاجئين وأهاليهم على ضرورة تقبل حرية المعتقد والدين.
وشكا أهالي فتاة ألمانية تعتنق الديانة اليهودية في مدرسة بول سيمل الابتدائية ببرلين، من تعرض ابنتهم لتهديدات وإساءة من أطفال مسلمين. ويقول والدها بحسب ما نقلت عنه الصحف الألمانية، إن ابنته تتعرض للإهانات منذ نحو عامين، وأخيراً عندما عرف الأطفال الآخرون أنها يهودية زادت الإهانات. وطالب الأب المدرسة بوضع حد للتنمر الذي تتعرض له ابنته.
وكشفت صحيفة «بيلد» الشعبية والأكثر انتشاراً في ألمانيا، عن حالات شبيهة متعددة تقع في مدارس مختلفة بأنحاء البلاد. وفي إحدى المدارس، قال المدير إن أطفالاً تداولوا عبر «واتساب» فيديو لـ«داعش» يظهر عملية قطع رؤوس. وتحدثت الصحف عن تهديدات بالعنف وجَّهَها أطفال مسلمون لألمان بسبب دينهم. كما أجبر طفل يهودي آخر على ترك مدرسته بعد أن تعرض للإساءة بسبب ديانته، والانتقال إلى مدرسة أخرى. ومن بين القصص التي تداولتها الصحف الألمانية أيضا، أن أولاد اللاجئين يكررون أمام الأولاد اليهود بأن «هتلر كان رجلاً طيباً لأنه قتل اليهود». وفي ألمانيا يُعتَبَر التعاطف مع النازيين جريمة يعاقب عليها القانون. وقد اضطرت بعض المدارس إلى الاستنجاد بالشرطة في بعض الحالات التي تطورت إلى أعمال عنف بين الطلاب.
وفي بداية العام الحالي، سعى التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى طرد المهاجرين المعادين للسامية. وجاء في مسودة اقتراح للكتلة البرلمانية للتحالف طرحت في البرلمان (بوندستاغ) في 27 يناير (كانون الثاني) الحالي قبيل إحياء ذكرى محرقة النازية (هولوكوست): «مَن يرفض الحياة اليهودية في ألمانيا أو يشكك في حق إسرائيل في الوجود، لا يمكن أن يكون له مكان في بلدنا». وبحسب المسودة، التي نشرتها صحيفة «فيلت» الألمانية يتعين على البرلمان مطالبة الحكومة بالعمل على تطبيق الإمكانيات المتاحة في قانون الإقامة بالولايات لطرد الأجانب المعادين للسامية من ألمانيا.
وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، شتيفان هاربارت، في تصريحات للصحيفة: «يتعين علينا مواجهة معاداة السامية من جانب المهاجرين المنحدرين من أصول عربية ودول أفريقية بحسم... لا بد من تطبيق مبدأ الوقاية واستخدام كل الأساليب بما في ذلك إمكانية طرد الأجانب لمواجهة معاداة السامية المصدَّرة إلينا». إلا أن ظاهرة العداء للسامية في المجتمعات الغربية ليس بالجديدة، وتسبق تدفق مئات الآلاف من اللاجئين على أوروبا عام 2015. وكانت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية أجرت استبيانًا على نطاق واسع شمل ما يقرب من 6000 يهودي في الاتحاد الأوروبي في عام 2012، أظهر أن أكثر من 26 في المائة تعرضوا لمضايقات لفظية بسبب ديانتهم عام 2011. وأوضح الاستبيان أيضاً أن أربعة في المائة منهم تعرضوا للعنف الجسدي أو التهديد.
لكن أكدت منظمات تعنى بالاندماج لـ«الشرق الأوسط» وجود حالات معاداة السامية في المدارس. ويرى مصطفى عمار، مفوض الاندماج لدى الحزب الحاكم والعراقي الأصل، أن التسامح مع الكراهية بين الأديان غير مقبول. ويدعو العائلات إلى لعب دور تثقيفي مع أولادهم، ويقول: «في هذا البلد هناك حرية الأديان، وممنوع منعاً باتّاً التعليم على الكراهية بين الأديان المختلفة».
ويذكر عمار بتعميم من الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم جاء فيه أن «من يعيش في ألمانيا ولا يمكن أن يتقبل قانون حرية المعتقد والدين فعليه أن يغادر، لأنه يجب أن يعرف أن هذا بلد حرية وتسامح». ويضيف عمار أن الأمر ينطبق على المدارس وليس العامة فقط. ويتحدث عن دور للمدارس في التوعية وعن ضرورة إدخال مواد في البرامج الدراسية موجهة للمهاجرين والمسلمين.
وقال نادر خليل من المركز الألماني العربي الذي يعمل مع المدارس في أحد مشاريعه للمساعدة على الاندماج، أن مركزه تلقى طلبات مساعدة من نحو 13 مدرسة في برلين لتفادي المشكلات بين أطفال اللاجئين والألمان.
من جهته، كشف مفوض الاندماج لدى الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم مصطفى عمار أن «خططاً جديدة تتم مناقشتها في الحكومة حاليا لأن الموضوع توسَّع كثيراً في الآونة الأخيرة». وكشف عمار عن العمل على استحداث مكتب في مقر المستشارية ببرلين للتنسيق لمواجهة مشكلات الاندماج ومكافحة التطرف. وأعلن عبد السلام اليزيدي من المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا لـ«الشرق الأوسط» عن مبادرة تقدَّم بها المجلس لمواجهة هذه الظاهرة، تقضي بالتعاون من حاخامات يهود ورجال دين مسيحيين لتوعية طلاب المدارس على التسامح بين الأديان. ولم يتلق المجلس ردّاً على مبادرته بعد، ولا تعليقاً رسمياً من الوزارات المعنية.
ولكن اليزيدي يرفض اعتبار إساءة الأطفال المسلمين لغير المسلمين «ظاهرة متفشية»، ويتحدث عن حالات فردية. ويقول إن معاداة السامية وكره الإسلام موجودان في ألمانيا، ومتفشيان لدى اليمين المتطرف.
كذلك يرفض نادر خليل من المركز الألماني العربي ربط المشكلات الحاصلة في المدارس بالدين بشكل أساسي، ويفضل الحديث عن فروقات في الثقافة. ويقول: «أطفال اللاجئين يحاولون تمييز أنفسهم، ونحن نرى أن المشكلة هي أكثر بين الثقافتين العربية والألمانية وليس بين الديانتين الإسلامية والمسيحية أو اليهودية». ويتحدث أيضاً عن إرباك وعدم فهم للنظام في ألمانيا ومسؤولية المدارس من قبل أهالي الأطفال اللاجئين، ويقول: «الأهالي يعتقدون أن المدرسة تتولى كل شيء، ولكن المدرسة موكلة بالتعليم، والتربية جزء من ذلك ولكن ليس الكل».
ويُعتَبَر نادر أيضاً أن هناك مشكلة في الجهاز التعليمي في ألمانيا لأن «المدارس ليست مهيئة للتعامل مع ثقافات مختلفة ومتعددة»، ويتحدث عن «نقص في أسلوب مواجهة المشكلات الحاصلة، وغياب استعداد التعاون مع منظمات الاندماج».
وخلال الأيام الماضية طرح موضوع معاداة السامية بقوة في بريطانيا، ووجهت انتقادات لزعيم حزب العمال جيرمي كوربن بأنه لم يقم بما هو مطلوب لمحاربة «تفشي معاداة السامية» في صفوف حزبه. واعترف كوربن بأن هناك بعض الجيوب التي يمكن أن يقال عنها إنها معادية للسامية، وإنه يعتذر عن ذلك للجالية اليهودية. وخرجت مظاهرات في لندن الأحد الماضي، تطالب كوربن بالعمل من أجل اجتثاث هذا النوع من المرض من صفوف حزب العمال المعارض. لكن كان هناك مظاهرات يهودية أخرى تدافع عن كوربن، ويقول هؤلاء إن الانتقادات التي وُجِّهت إلى كوربن هي بسبب مواقفه اليسارية، وان العداء للسامية هي مجرد غطاء أخلاقي لتبرير الهجوم على سياسات حزب العمال اليسارية وسياسته الخارجية التي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».