تعزيزات للنظام قرب دوما... وتوقع إجلاء 30 ألفاً من الغوطة

عربين في غوطة دمشق كما بدت أمس (أ.ف.ب)
عربين في غوطة دمشق كما بدت أمس (أ.ف.ب)
TT

تعزيزات للنظام قرب دوما... وتوقع إجلاء 30 ألفاً من الغوطة

عربين في غوطة دمشق كما بدت أمس (أ.ف.ب)
عربين في غوطة دمشق كما بدت أمس (أ.ف.ب)

يتكرر مشهد الإجلاء ذاته في الغوطة الشرقية منذ أيام، واستعد مقاتلون ومدنيون الثلاثاء للخروج منها باتجاه شمال البلاد، فيما بقي مصير مدينة دوما مجهولاً مع تهديد قوات النظام بشن هجوم عليها ما لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وأفادت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام، باستعدادات قوات النظام لبدء عملية «ضخمة» ضد دوما.
وتجري منذ أيام مفاوضات مباشرة حول مصير مدينة دوما بين روسيا وفصيل «جيش الإسلام»، الذي طالما كان الأكثر نفوذا في الغوطة الشرقية. وكانت تتركز على إيجاد صيغة تحول دون القيام بعملية إجلاء منها، كما حصل في الجيبين الآخرين في الغوطة الشرقية. وقال مصدر معارض مطلع على المفاوضات في دوما إن «في آخر اجتماع لهم، الاثنين، خيّر الروس جيش الإسلام بين الاستسلام أو الهجوم»، وجرى منح الفصيل المعارض مهلة أيام قليلة للرد.
وأوضح مصدر ثان معارض: «لا يريد الروس اتفاقاً مختلفاً في دوما عن (الاتفاقات التي تم التوصل إليها في) سائر مناطق الغوطة»، مشيراً إلى أن «جيش الإسلام في المقابل يريد البقاء» عبر تحوله إلى «قوة محلية»، وألا يتهجر أحد من أهل البلد.
وبعد خمسة أسابيع على هجوم عنيف بدأته قوات النظام وقسمت خلاله الغوطة الشرقية إلى ثلاثة جيوب منفصلة بينها دوما، توصلت روسيا تباعاً مع فصيلي «حركة أحرار الشام» في مدينة حرستا، ثم «فيلق الرحمن» في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقين، تم بموجبهما إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين إلى منطقة إدلب (شمال غرب).
ومنذ السبت، جرى إجلاء أكثر من 17 ألفاً من المقاتلين والمدنيين من الغوطة الشرقية إلى إدلب، ولا تزال العملية مستمرة من البلدات الجنوبية، فيما أعلنت دمشق مساء الجمعة حرستا «خالية» من المقاتلين المعارضين.
وقال المتحدث العسكري باسم «جيش الإسلام» حمزة بيرقدار لوكالة الصحافة الفرنسية: «طبعاً هناك مساع من قبل النظام والروس لتطبيق سياسة التغيير الديموغرافي في دوما، استكمالا لمشروعهم في الأوسط» في إشارة إلى إجلاء البلدات الجنوبية. وأضاف: «نحن قرارنا قدمناه وهو البقاء»، موضحاً أن «الروس قالوا إنه سيعقد اجتماع غداً» مع اللجنة المعنية بالمفاوضات.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن قوات النظام تنتشر في محيط دوما «من أجل الضغط على مفاوضي جيش الإسلام»، مشيراً إلى أن «الأكثر تشدداً» في الفصيل المعارض يريدون «القتال حتى النهاية».
وكانت المفاوضات تتركز أساساً على تحويل دوما إلى منطقة «مصالحة» يبقى فيها «جيش الإسلام» وتعود إليها مؤسسات الحكومة من دون دخول قوات النظام، ويتم الاكتفاء بنشر شرطة عسكرية روسية. وشهدت دوما خلال الأسبوع الأخير هدوءا بالتزامن مع المفاوضات واستمرار نزوح آلاف المدنيين منها. وتؤذن عمليات الإجلاء المستمرة من الغوطة الشرقية التي شكلت لسنوات معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، بنهاية فصل دامٍ ومرير في منطقة تعرضت للقصف والحصار لأكثر من خمس سنوات.
وعلى خطى آلاف سبقوهم وآخرون سيلحقون بهم، تجمع الثلاثاء مقاتلون معارضون ومدنيون منذ ظهر الثلاثاء في حافلات تقلهم من مدينة عربين في جنوب الغوطة إلى نقطة قريبة، لينتظروا فيها لساعات طويلة حتى اكتمال القافلة، قبل أن ينطلقوا إلى إدلب في شمال غربي البلاد. وباتت حتى عصر الثلاثاء، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، 30 حافلة محملة بـ«1778 شخصاً بينهم 426 مسلحاً» من بلدات زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي المحاذي لها، جاهزة للانطلاق.
وفي زملكا، أفاد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية بتجمع الناس في أعداد كبيرة في الطرقات بانتظار حافلات الإجلاء. وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي «حركة أحرار الشام» في مدينة حرستا، ثم «فيلق الرحمن» في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقين، تم بموجبهما إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين إلى منطقة إدلب (شمال غرب)، في عملية تمهد لاستكمال قوات النظام انتشارها في الغوطة الشرقية، بعدما باتت تسيطر على أكثر من تسعين في المائة منها.
وبعدما انتهت عملية حرستا خلال يومي الخميس والجمعة، يستمر منذ السبت إجلاء مقاتلي فصيل «فيلق الرحمن» من البلدات الجنوبية.
وبعد رحلة طويلة استمرت نحو عشر ساعات منذ فجر الثلاثاء، وصلت بعد الظهر قافلة من مائة حافلة تقل 6749 شخصاً، ربعهم من المقاتلين، إلى مناطق سيطرة الفصائل في قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، قبل نقلهم لاحقاً إلى إدلب. وارتفع بذلك عدد الأشخاص الذين غادروا الغوطة الشرقية منذ الخميس إلى أكثر من 17 ألفاً. ورجح المتحدث باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان، أن يصل عدد الأشخاص الذين سيخرجون من المناطق الجنوبية، إلى نحو ثلاثين ألفاً.
وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي تستهدفها قوات النظام بهجوم عنيف منذ 18 فبراير (شباط)، ضربة موجعة للفصائل المعارضة، تعد الأكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية عام 2016.
وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنياً منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وبعد انتهاء عملية الإجلاء من البلدات الجنوبية، ستصبح دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، المعقل الأخير للفصائل قرب دمشق.
وتشرف روسيا مباشرة على تنفيذ عملية الإجلاء، إذ تنتشر عناصر من الشرطة العسكرية الروسية عند ممرات الخروج، يسجلون الأسماء، ويشرفون على تفتيش الركاب، ويرافقونهم في رحلتهم الطويلة إلى الشمال.
وقبل التوصل إلى اتفاقات الإجلاء، وعلى وقع تقدم قوات النظام، تدفق عشرات آلاف المدنيين عبر ممرات حددتها قوات النظام إلى مناطق سيطرتها.
وقدرت دمشق عدد المغادرين عبر «الممرات الآمنة» منذ نحو أسبوعين بـ110 آلاف مدني. ونقل هؤلاء إلى مراكز إيواء برعاية الحكومة، يوجد فيها وفق الأمم المتحدة نحو 55 ألف شخص.
وأعرب كثيرون في وقت سابق عن خشيتهم من تعرضهم للاعتقال أو الاحتجاز للتجنيد الإلزامي بالنسبة إلى الشبان؛ لكنهم لم يجدوا خيارات أخرى مع كثافة القصف والمعارك.
وأفاد المرصد السوري بأنه وثق اعتقال قوات النظام أكثر من 40 رجلاً وشاباً في بلدات سيطرت عليها مؤخراً.
وإلى جانب عملية الإجلاء، أفرجت الفصائل المعارضة عن معتقلين مدنيين وعسكريين لديها. وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية أنه جرى ليل الاثنين «تحرير 28 من المختطفين كانت تحتجزهم المجموعات الإرهابية في بلدة عربين». وكان قد تم الإفراج عن ثمانية آخرين السبت.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.