عجائب وغرائب الترشيحات والتحالفات الانتخابية في لبنان

ابن يترشح ضد والده وأقارب في «مواجهة شرسة» في دائرة كسروان ـ جبيل

TT

عجائب وغرائب الترشيحات والتحالفات الانتخابية في لبنان

لا تشبه الانتخابات النيابية المرتقبة في السادس من مايو (أيار) أي انتخابات أخرى شهدها لبنان، نظراً للتعقيدات المحيطة بها، التي أرساها قانون الانتخاب الجديد، إضافة لـ«عجائب وغرائب» طبعت الترشيحات والتحالفات التي باتت أوضح بعد إقفال وزارة الداخلية باب تشكيل اللوائح، أمس الاثنين.
ولعل أبرز ما يمكن تسجيله في هذا المجال خوض وليد البعريني المعركة الانتخابية على لائحة تيار «المستقبل» في دائرة عكار شمال لبنان في وجه والده النائب السابق وجيه البعريني، الذي يرأس لائحة قوى «8 آذار» في المنطقة. ويحمّل الأخير قيادة «المستقبل» ما آلت إليه الأمور في هذا السياق، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن نجله «تواصل مع أكثر من حزب وتيار لضمه إلى لوائحه، لكن كل هذه الأحزاب كانت تؤكد على وجوب أن يكون القرار النهائي لي في هذا المجال، إلا تيار (المستقبل) الذي لم يتردد في شق صف العائلة». ويضيف البعريني: «أعتبر نفسي اليوم في مواجهة انتخابية مع كل المرشحين على لائحة (المستقبل) أياً كانوا، خصوصاً وأنني لم أفوّض نجلي خوض الاستحقاق باسم العائلة، لا بل كان منذ العام 2005 يقدم الخدمات في المنطقة باسمي، وهو اليوم سيستفيد من ذلك في المعركة ضدي».
وفي عكار أيضاً، يخوض عضو كتلة «المستقبل» النائب الحالي رياض رحال الانتخابات على اللائحة التي شكّلها «التيار الوطني الحر»، علماً بأنه رفض منح صوته للعماد ميشال عون في انتخابات رئاسة الجمهورية، رغم قرار قيادته التصويت له نتيجة لما عُرف بـ«التسوية الرئاسية». وتواجه لائحة «الوطني الحر» حالياً لائحة «المستقبل» بعد تعذّر التوصل إلى تفاهم انتخابي بين الحزبين في المنطقة. إلا أن ما يثير استياء جزء كبير من الشارع العوني هو ضم رحّال بالذات إلى اللائحة رغم كل «الكلام الجارح» الذي صدر منه بحق رئيس الجمهورية، بخلاف نواب آخرين من «المستقبل» تجنبوا الخوض في الموضوع الشخصي خلال فترة الشغور الرئاسي.
ولدائرة كسروان - جبيل حصة كبيرة من «العجائب والغرائب»، بحيث تنكب السيدة منى الخازن على إدارة حملة زوجها فريد هيكل الخازن الانتخابية، بعدما أعلن أخيراً عن تشكيل لائحة تحالف بها مع «الكتائب اللبنانية» والنائب السابق فارس سعيد والنائبين يوسف خليل وجيلبيرت زوين وآخرين، في الوقت الذي تنشغل فيها شقيقتها بحملة زوجها نعمة أفرام الذي يخوض المعركة على لائحة مقابلة هي اللائحة التي شكلها «التيار الوطني الحر» مع مستقلين، ويرأسها العميد المتقاعد شامل روكز، ليتنافس «العديلان» بذلك على أحد المقاعد المارونية الـ5 المخصصة لقضاء كسروان.
ولا تقتصر مواجهة أفرام العائلية مع عديله، بل يتنافس أيضاً مع زوج شقيقته النائب وليد خوري مرشح «التيار الوطني الحر» عن المقعد الماروني في قضاء جبيل، وإن كانا جزءاً من لائحة واحدة.
ولعل أبرز ما أثار استغراب اللبنانيين، انضمام النائبين جيلبيرت زوين ويوسف خليل، اللذين هما جزء من «تكتل التغيير والإصلاح»، إلى لائحة الخازن التي تواجه اللائحة المدعومة من «الوطني الحر»، بعدما فضلت القيادة العونية استبدالهما بشخصيات أخرى كأفرام ومنصور البون وزياد بارود.
وتمتد المنافسة ضمن العائلة الواحدة إلى دائرة بعلبك - الهرمل، حيث يخوض عباس ياغي المرشح عن لائحة العائلات المواجهة بوجه عمّه غالب ياغي العضو في اللائحة المدعومة من تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية».
أما «التيار الوطني الحر» فقد وصل به الأمر إلى حد التحالف مع «الجماعة الإسلامية» في دائرة صيدا – جزين، علماً بأن الطرفين لطالما كانا وما زالا على خصومة سياسية كبيرة. وسيكون حلفهما في صيدا - جزين بمواجهة حلف آخر يُعتبر «حزب الله» جزءاً أساسياً منه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».