العراق: العبادي يفتح تحقيقاً في بيع سياسيين وظائف وهمية

TT

العراق: العبادي يفتح تحقيقاً في بيع سياسيين وظائف وهمية

أمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بفتح تحقيق فوري في ملفات فساد تتعلق بادعاءات عرض جهات سياسية أو بيعها عقود توظيف وهمية. وقال المكتب الإعلامي للعبادي في بيان إن «هناك درجات وظيفية لا تتوافر لها تخصيصات مالية في الموازنة وغير موجودة أصلاً تهدف لتحقيق كسب انتخابي غير مشروع».
ويقول عضو اللجنة المالية في البرلمان المقرب من رئيس الوزراء النائب جبار العبادي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا التحقيق جاء على خلفية قيام مرشحين ينتمون إلى كيانات سياسية، بعضها كبير ومعروف، بدغدغة مشاعر المواطنين، عبر أخطر قضية يمكن اللعب على عواطف الناس بها، وهي التعيينات المتوقفة أصلاً ولا يوجد لها سند مالي في الموازنة».
وأضاف أن «هناك عمليات تعيين في دوائر مثل الأمن الوطني والشرطة الاتحادية والحدود... وهناك من يستغل درجات وظيفية للشرطة والجيش لم توضع لها تخصيصات في الموازنة أو تمت الإشارة إليها، لكن من دون موافقة الحكومة بعد».
ورأى أن «هؤلاء الأشخاص يريدون ضرب عصفورين بحجر واحد هو استغلال هذا الجانب انتخابياً من خلال إطلاق مثل هذه الوعود، وفي حال عدم تمكنهم من الإيفاء بوعودهم يحملون الحكومة مسؤولية ذلك عبر القول إنهم حاولوا بالفعل لكن الحكومة لم توافق على التخصيصات، الأمر الذي دفع برئيس الوزراء إلى إيقاف مثل هذه المحاولات الإيهامية للناس عند حدها، حتى لا تتكرر مثل هذه الظواهر السلبية عند كل موسم انتخابي».
في السياق نفسه، أكد رئيس «المركز العراقي للتنمية الإعلامية» عدنان السراج أن «مثل هذه الممارسات تنشط عادة خلال الموسم الانتخابي بهدف إيهام الناس بإمكانية إيجاد فرص تعيين لهم في دوائر الدولة، من منطلق أن هؤلاء المرشحين ينتمون إلى كتل نافذة ولها أذرع في الحكومة».
ورفض السراج الإفصاح عن الكتل التي تقوم بذلك، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن «أبرز عمليات الغش بهذا الأسلوب يقوم بها مرشحون ينتمون إلى كيانات شيعية وسنية في محافظات العمارة والبصرة (جنوب العراق) والأنبار (غرب)، بينما حقيقة الأمر أن الموازنة ليست فيها وظائف»، وهو ما أشارت إليه وسائل الإعلام بوضوح، لكن أصبحت لبعض المرشحين أساليب معينة يتمكنون عبرها من خداع الناس بهذه الطريقة أو تلك».
وأعرب الناطق باسم «تحالف سائرون» الدكتور قحطان الجبوري عن أسفه، لكون من يقومون بهذه الممارسات «ممن يدعون أنهم يريدون بناء دولة ومؤسسات، لكنهم في الوقت نفسه يمارسون خداعاً مفضوحاً يتناقض مع كل ادعاءاتهم».
وقال إن أن تحالفه الذي يضم «التيار الصدري» و«الحزب الشيوعي» و«التجمع الجمهوري» و«الدولة العادلة» و«الترقي والإصلاح»، يرفض مثل هذه الأساليب التي «تهدف إلى خداع المواطن».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «من يخدع المواطن قبيل الانتخابات للفوز يعني أنه يريد أن يستخدم الانتخابات جسراً للوصول إلى السلطة ليستكمل الخداع».
ورأى أن «الكرة اليوم في ملعب الناخب العراقي الذي طالما مُورِسَت ضده مثل هذه الأساليب طوال الدورات الانتخابية السابقة، ولم يفِ أحد ممن يقوم بمثل هذه الممارسات والأساليب بأي من الوعود والتعهدات».
إلى ذلك، أظهر التنافس الانتخابي الانقسامات بين جناحي «ائتلاف دولة القانون» اللذين يتزعم أحدهما رئيس الوزراء حيدر العبادي فيما يقود الآخر منافسه وسلفه نوري المالكي.
واتهمت النائب عواطف نعمة التي تنتمي إلى جناح المالكي، رئيس الوزراء بإطلاق «تصريحات غير صحيحة» عن التخصيصات المالية للمحافظات.
وقالت نعمة إن «العبادي أعلن في مؤتمره الصحافي الأسبوعي إطلاق التخصيصات المالية لكل المحافظات، ما يدفعنا إلى التساؤل عن أسباب عدم صرف أجور عمال البلدية في أقضية محافظة البصرة ونواحيها منذ أكثر من ثلاثة شهور».
ورأت أن «على رئيس الوزراء متابعة هذه القضية والالتفات إلى الشعب الجائع بدلاً من الانشغال بإبراز عضلاته في وسائل الإعلام والتركيز على السباق الانتخابي، لو كان حقاً يهتم بقوت الناس».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.