المبعوث الأممي إلى ليبيا يعرض محاولة أخيرة لتعديل «الصخيرات»

سيف القذافي يتبرأ من نبأ ترشحه للانتخابات

صورة أرشيفية للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة متوسطاً رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ومنسقة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ماريا ريبريو في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة متوسطاً رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ومنسقة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ماريا ريبريو في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

المبعوث الأممي إلى ليبيا يعرض محاولة أخيرة لتعديل «الصخيرات»

صورة أرشيفية للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة متوسطاً رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ومنسقة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ماريا ريبريو في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة متوسطاً رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ومنسقة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ماريا ريبريو في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

اعتبر غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أن المؤسسات الليبية الحالية «ترتكز على شرعية سطحية وتفويضات ركيكة، أو منقسمة إلى أجسام متنافسة»، متحدثاً عن محاولة جديدة لتعديل اتفاق الصخيرات، فيما نفى قائد كتيبة حراسة سيف الإسلام القذافي، صلة الأخير بنبأ ترشحه لانتخابات الرئاسة.
وقال سلامة خلال إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، أمس، إنه «من أجل القيادة وتوحيد الصف واتخاذ قرارات صعبة، يجب أن تكون الحكومة آتية من الشعب، وهذا يعني انتخابات»، مضيفا: «لقد أحرزنا تقدماً في عكس عملية الاستبعاد المتبادل، والتواصل مع المجتمعات التي تم تهميشها، بما في ذلك أنصار النظام السابق، وعملنا على إقناع الجماعات العرقية، والمدن المتخاصمة، والأحزاب السياسية، بالتقارب».
وتابع سلامة موضحاً: «كلما اقتربت ليبيا نحو الانتخابات، كلما كانت التعديلات على الاتفاق السياسي أقل أهمية»، لافتا إلى أنه سوف يبدأ من اليوم (الخميس) ما وصفه بمحاولة جديدة وأخيرة في هذا الاتجاه.
وبدا سلامة متشائماً حيال الوضع الراهن في ليبيا، خلافاً لإحاطاته السابقة، حيث رأى «أن عجز الدولة عن تقديم الخدمات لمواطنيها، وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة خلق حلقة مفرغة»، لافتاً إلى أن «توفير الأمن مسؤولية المؤسسات الوطنية وليست المجموعات المسلحة».
ودعا إلى دمج كثير من الشبان الذين يكسبون قوتهم من وراء حمل السلاح، في الحياة المدنية، قبل أن يعلن أن البعثة الأممية تعتزم الإعلان عن استراتيجية في هذا الشأن قبل شهر مايو (أيار) المقبل.
في غضون ذلك، نفى العقيد العجمي العتيري، قائد «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت مسؤولة عن حراسة سجن سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، علم نجل القذافي بالمؤتمر الصحافي، الذي أعلن فيه أول من أمس ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية. وقال العجمي في تصريحات تلفزيونية مقتضبة أمس، إنه «لا علم لسيف بمؤتمر تونس، الذي أعلن منظموه عن ترشحه للانتخابات مؤخراً».
لكن العجمي لم يوضح الطريقة التي تواصل بها مع سيف الإسلام لنفي أنباء ترشحه، علماً بأن نجل القذافي متوارٍ عن الأنظار، ولم يظهر منذ إطلاق سراحه العام الماضي، ومن غير المعروف ما إذا كان داخل الأراضي الليبية أم خارجها.
وقالت صفحة «كتيبة أبو بكر الصديق» عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنها تواصلت مع سيف الإسلام حول ما أعلنه مقربون منه، فأجاب بأنه لا علم له بهذه الندوة، ولم يكلف أحداً بالحديث نيابة عنه، ورأى أن ما صدر عن أيمن أبو راس، منظم مؤتمر تونس، ومن معه «يخصهم ويعبر عن رأيهم»؛ لكنه قال أيضاً إن موضوع الانتخابات شأن يخص جميع الليبيين والليبيات، موضحاً أنه «يدعم التوجه إلى صناديق الانتخابات النزيهة، طالما هي رغبة الليبيين».
كما دعا سيف القذافي إلى عدم ترك الساحة السياسية للمتسلقين والمؤدلجين، وحث على خوض هذه الانتخابات «التي قد تكون مفروضة علينا، وخاصة الانتخابات البرلمانية، وعدم تركها للميليشيات والمخربين».
من جهته، أنهى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، زيارة غير معلنة إلى العاصمة الأردنية عمان، دامت نحو أسبوع، التقى فيها مسؤولين من الولايات المتحدة وبريطانيا.
وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن حفتر، الذي عاد مساء أول من أمس إلى ليبيا، طالب برفع الحظر المفروض على تسليح الجيش، ودعا المجتمع الدولي إلى معاضدة جهوده لمكافحة الإرهاب.
وبحسب المصدر نفسه، الذي طلب عدم تعريفه، فقد أكد حفتر عدم ممانعته في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تخطط لإتمامها البعثة الأممية بحلول شهر سبتمبر (أيلول) المقبل؛ لكنه حذر من محاولات «الإخوان المسلمين» والميليشيات المسلحة، التأثير على مجرى العملية الانتخابية حال إتمامها.
بدوره، فتح مصطفى عبد الجليل، الرئيس السابق للمجلس الانتقالي الذي تولى حكم ليبيا عقب الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، النار على «الإخوان المسلمين»، والتيار الإسلامي السياسي بشكل عام، وقال إن «الإسلاميين نكثوا عهدهم بتسليم السلاح يوم الإعلان عن تحرير البلاد من قبضة القذافي».
وأضاف عبد الجليل في حوار بثته «قناة 218» التلفزيونية المحلية مساء أول من أمس: «أخطأت في اعتمادي على الإسلاميين، وأنا أعتذر عن أي خطأ»، مضيفاً أن «جماعة الإخوان المسلمين خدعوا كل الليبيين، وفي أكثر من مناسبة قلت: أنا خدعت نفسي فيهم كما خُدع الجميع».
إلى ذلك، أكد فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، لدى لقائه مع قادة عسكريين وأمنيين، من بينهم وزير الداخلية عبد السلام عاشور، حرصه الشديد على بسط الأمن في البلاد، وتأمين حياة المواطنين وحماية ممتلكاتهم، مشدداً على أنه لا مجال أبداً للتهاون حيال ذلك.
وشدد السراج على مواجهة الخارجين عن القانون بكل عزيمة وحزم وقوة، وهو ما اتفق بشأنه المجتمعون الذين أكدوا أنه لا عودة إلى الوراء، ولا مجال للعابثين بأمن الوطن، والتزامهم جميعاً بتنفيذ التعليمات التي تحقق ذلك.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.