أحزاب سياسية مغربية تتوجس من الانتخابات المقبلة

«الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» المعارضان هددا بمقاطعتها

أحزاب سياسية مغربية تتوجس من الانتخابات المقبلة
TT

أحزاب سياسية مغربية تتوجس من الانتخابات المقبلة

أحزاب سياسية مغربية تتوجس من الانتخابات المقبلة

يعقد عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، اليوم، اجتماعا مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية، سيخصص للمشاورات حول الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وسط تجاذب واسع بين المكونات السياسية، سواء المنتمية إلى المعارضة أو الغالبية التي أظهرت توجسا مسبقا من هذه الانتخابات خشية التحكم في نتائجها.

وكان ابن كيران قد أعلن في 27 مايو (أيار) الماضي، للمرة الأولى، الجدولة الزمنية لمختلف الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي ستبدأ بانتخابات ممثلي المأجورين (العمال) في مايو 2015، ثم انتخابات المجالس الجماعية (البلدية) والجهوية (المناطق) في يونيو (حزيران) 2015، كما ستجرى انتخابات الغرف المهنية في يوليو (تموز) 2015، وانتخابات مجالس العمالات والأقاليم (المحافظات) في أغسطس (آب) 2015، على أن يجرى انتخاب مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) في سبتمبر (أيلول) من السنة نفسها.

وسيسبق هذه الانتخابات إعداد مجموعة من القوانين الانتخابية، سواء المتعلقة بانتخاب أعضاء المجالس المحلية والإقليمية (المحافظات)، والمجالس الجهوية، والغرف المهنية وممثلي المأجورين وأعضاء مجلس المستشارين، بالإضافة إلى تحيين القوانين المتعلقة بنمط الاقتراع واللوائح الانتخابية.

وبمجرد الإعلان عن موعد الانتخابات، شرع حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية ومتزعم الائتلاف الحكومي، في التحذير عبر قيادييه من تزوير نتائج الانتخابات، والتحكم في نتائجها لفائدة غريمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة، وعبر عن خوفه من تكرار سيناريو الانتخابات البلدية التي جرت عام 2009، حيث تصدر «الأصالة والمعاصرة» وقتها نتائج الانتخابات، رغم أنه لم يمر على تأسيسه سوى ثمانية أشهر.

ويرى مراقبون أن الحزب جرى تأسيسه في الأصل لقطع الطريق على «العدالة والتنمية» للوصول إلى الحكم، إلا أن الحراك الاجتماعي والسياسي الذي عرفته البلاد عام 2011 جعل نفوذه يتراجع.

ولم يتوقف ابن كيران منذ وصوله إلى رئاسة الحكومة عن توجيه الانتقادات اللاذعة إلى الحزب في مختلف لقاءاته الحزبية، وحتى داخل البرلمان، مذكرا أنه كاد يتسبب في توجيه البلاد إلى المصير نفسه الذي واجهته دول الربيع العربي.

وفي هذا السياق، قال عبد العزيز أفتاتي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه يتخوف على المسار الديمقراطي للبلاد ككل، وإن تخوفه ليس مرتبطا بشأن حصة حزب أو موقعه في الانتخابات، لأن «القضية أكبر وأخطر من ذلك، لأنه إما أن يكون هناك انتقال ديمقراطي في البلاد، وإما انتكاسة تفتح الباب على المجهول».

وأوضح أفتاتي أن التخوف من تكرار سيناريو انتخابات 2009 لا يتعلق بحزب العدالة والتنمية فقط، بل هو تخوف يعبر عنه المجتمع ككل، لأن حزب الدولة العميقة ما زال موجودا، وهي تسعى إلى تمكينه من السلطة للتستر على الفساد الاقتصادي، من خلال التسلط والتحكم والاستبداد، وهذا كله يستوجب الحذر، حسب رأيه.

وأشار أفتاتي إلى أن حصة حزب الأصالة والمعاصرة من تسيير البلديات كانت لا تتجاوز أربع بلديات، فأصبحت 30 بلدية، وتساءل: «ألا يدفع هذا الأمر إلى التوجس»، مشيرا إلى أن مسؤولين في الإدارة الترابية هم من أكدوا ذلك. وأردف قائلا: «هناك مؤشرات واضحة تفيد باشتغال الدولة العميقة لفائدة حزبها (الأصالة والمعاصرة)، لذلك ينبغي التصدي المسبق لهذا الوباء قبل فوات الأوان».

بدوره، يعقد حزب الأصالة والمعاصرة اليوم لقاء صحافيا للحديث عن المستجدات السياسية الراهنة، وموقف الحزب من التحضير للمسلسل الانتخابي.

وقال الروداني الشرقاوي، عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يأسف أن يصدر خطاب التوجس من الانتخابات المقبلة من حزب يقود الحكومة ومسؤول عن تنزيل مقتضيات الدستور وتنفيذ أحكامه، مضيفا أنه من غير المنطقي تقبل هذا الخطاب لأنه يثير الاستغراب. وذكر الروداني أن حزبه حصل على المرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعية الماضية، التي أقر حزب العدالة والتنمية بمصداقيتها، مشيرا إلى أن هذه الممارسات تسيء إلى المشهد السياسي المغربي وإلى العملية الانتخابية برمتها.

وأوضح الشرقاوي أنه «لو كان هناك تحكم لفاز حزب الأصالة والمعاصرة بالمرتبة الأولى، ولما طالبنا بإجراء الانتخابات البلدية، وطلبنا من الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في إصدار جميع القوانين لأننا نريد إنجاح هذه التجربة الديمقراطية».

وقال الشرقاوي إن خطاب التشكيك في الانتخابات يبقى مجرد كلام للاستهلاك السياسي، يهدف إلى خلق احتقان وارتياب تجاه أي نتيجة محتملة يحصل عليها أي حزب من الأحزاب خلال الانتخابات المقبلة.

وفي السياق ذاته، هدد حزبا «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» المعارضان بمقاطعة الانتخابات المقبلة «إذا تزايدت الأدلة على أن البلاد ذاهبة إلى انتخابات متحكم فيها وفي نتائجها»، وأشارا في بيان مشترك إلى أنهما مستعدان لتحمل المسؤولية الوطنية، بإمكانية طرح خيار مقاطعة الانتخابات على الأجهزة التقريرية للحزبين».

وانتقد الحزبان «تحركات بعض الأطراف في الإدارة الترابية، للضغط على مجموعة من المنتخبين وتوجيههم في اتجاه بعض الأحزاب» التي لم يسموها، وتساءلا عن مدى التزام الحكومة بضمان نزاهة هذه الانتخابات.

وأبدى القياديان المعارضان، استعدادهما للدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، مؤكدين أنهما «جربا سلاح مقاطعة التزوير والإفساد الانتخابي في مواجهة السلطوية طيلة عقود طويلة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.