واشنطن تحذر من مخاطر على «المنطقة».. وتحمل المالكي المسؤولية

روحاني يتعهد بحماية المراقد في العراق * مصادر لـ «الشرق الأوسط»: الإدارة الأميركية لا تريد التعاطي مع حكومة بغداد

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته لمرقد الإمامين العسكريين في سامراء يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته لمرقد الإمامين العسكريين في سامراء يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تحذر من مخاطر على «المنطقة».. وتحمل المالكي المسؤولية

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته لمرقد الإمامين العسكريين في سامراء يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته لمرقد الإمامين العسكريين في سامراء يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تبدو فيه المدن الشيعية المقدسة بالعراق، لا سيما كربلاء (تضم مرقدي الإمامين الحسين وأخيه العباس) التي تبعد عن بغداد بمسافة 110 كم، والنجف (تضم مرقد الإمام علي بن أبي طالب) وتبعد عن بغداد مسافة 160 جنوبا، بعيدة نسبيا عن ميدان المعركة التي تدور الآن بين الحكومة وتنظيم «داعش» الذي سيطر على محافظتي نينوى (400 كم شمال بغداد) وصلاح الدين (180 كم شمال بغداد)، فإن مدينة سامراء (تضم مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري) وتبعد عن بغداد 125 كم شمال غربي تبدو على مرمى حجر من هجمات «داعش».
وكانت سامراء قد تعرضت، قبل احتلال الموصل بنحو أسبوع، لهجوم عنيف من قبل تنظيم «داعش» كاد يؤدي إلى اقتحام المرقد. وبينما كان يمكن أن تؤدي عملية اقتحام المرقد واحتمال تفجيره إلى إعادة سيناريو عام 2006 وذلك بدخول العراق في حرب طائفية، فإن عملية التصدي السريع لعملية الاقتحام حالت دون ذلك. وطبقا لما رواه الشيخ حسن عودة السامرائي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «كف الأذى عن تحقيق (داعش) أهدافهم باقتحام مرقدي الإمامين إنما جاء برد فعل قوي من أهالي سامراء قبل القوات العسكرية، والسبب في ذلك أن أبناء هذه المدينة كانوا سيدفعون ثمنا باهظا أكثر مما جرى دفعه خلال أحداث 2006، بالإضافة إلى أنهم وجدوا أنفسهم في تلك اللحظات مسؤولين عن أمن البلاد والعباد». وأضاف الشيخ السامرائي أن «القوات الأمنية عندما وصلت وشاهدت الحشود الجماهيرية من أبناء سامراء، من أهل السنة والجماعة، وهم يحمون مرقدين من أهم مراقد إخوانهم الشيعة، علما أن أهالي سامراء يعدون أنفسهم ينتمون إلى الإمامين، فقد تفاعلوا معهم بشكل جيد وجرى درء الخطر عن هذين المرقدين»، عادا «فشل خطة اقتحام مرقدي الإمامين هي التي دفعت (داعش) إلى تنفيذ الصفحة الأخرى من مخططها باقتحام الموصل وتكريت، ويبدو أن سبب نجاحه هناك يعود إلى التهاون الذي أبداه الجيش أو لنقل قسم من قطعاته».
وردا على سؤال بشأن الحشد الجماهيري ومن المتطوعين الذين يتوافدون إلى سامراء، فضلا عن وجود عدد كبير من القادة العسكريين، وفي مقدمتهم المالكي نفسه الذي ألقى كلمة في القطعات العسكرية هناك، قال الشيخ السامرائي إن «التركيز على سامراء أمر في غاية الأهمية لسبب رئيس، وهو أنه حتى لو نجحت الخطة العسكرية في إعادة الموصل وتكريت إلى الدولة، فإن أي شرخ يمكن أن يحصل في سامراء ويستغل من قبل (داعش) يعني تهديم كل الجهود والعودة إلى المربع الطائفي الأول»، مبينا أن «هناك معلومات لدى الجهات المسؤولة تفيد بأن المجاميع المسلحة لا تزال عينها على مرقدي سامراء، لأنه بالنسبة لها الهدف الأثمن في كل ما تنوي عمله».
وطبقا لخريطة التحرك العسكري، فإن أقضية بلد والدجيل وسامراء تمثل ما نسبته 60 في المائة من مناطق محافظة صلاح الدين التي تقع تحت سيطرة القوات الأمنية، ومن ثم فإن استمرار الإمساك بها يؤدي من وجهة نظر الخبراء العسكريين إلى إدامة زخم التوجه نحو مدينة الموصل.
وقال خبير عسكري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم ذكر اسمه، إن مدينة سامراء بوصفها تضم مرقدين شيعيين مهمين وكقضاء بمساحة كبيرة وحدود مع الأنبار من جهة وبغداد من جهة أخرى هي بمثابة «الجائزة الكبرى»، سواء للحكومة أو للمسلحين. ويضيف: «من ثم فإنه، سواء بالسيطرة على ما تمثله المدينة من رمزية فيما لو جرى الوصول إلى المرقدين أو السيطرة على قضاء سامراء كمساحة من قبل أي جهة، يمكن لكل جهة أن تعرقل جهود الجهة الأخرى». ويضيف الخبير العسكري إن «المسلحين حاولوا منذ البداية فتح جبهة سامراء قبل أسبوع من بدء عملية الموصل لكي يحققوا هدفا استراتيجيا في غاية الأهمية، وذلك فإن الحكومة العراقية تحاول جهدها أن تؤمن القضاء بقطعات عسكرية كافية لكي لا تحصل ثغرة يمكن أن تكبدها خسارة كبيرة قد تترتب عليها تداعيات سياسية وطائفية ومجتمعية من الصعب حساب نتائجها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.