قيادي مسيحي يلوّح بـ{خيارات} للرد على جرائم {داعش}

اعتبر أن التنظيم يستهدف {وجود العراقيين بمختلف طوائفهم}

TT

قيادي مسيحي يلوّح بـ{خيارات} للرد على جرائم {داعش}

رجح ريان الكلداني أمين عام «حركة بابليون» المنضوية في «الحشد الشعبي» العراقي، أن يكون تنظيم داعش وراء الجرائم الأخيرة التي استهدفت مسيحيين في بغداد، ولوح بوجود «خيارات» لم يوضحها رداً على استمرار قتل المسيحيين والعراقيين بشكل عام.
وأقام المسيحيون في بغداد أول من أمس، حداداً في عموم الكنائس الكلدانية على مقتل طبيب وزوجته ووالدتها ذبحاً، إضافة إلى مقتل شاب مسيحي آخر على يد مسلحين قبل أسبوعين. وقال الكلداني، في اتصال مع وكالة الأنباء الألمانية: «اليوم لدينا مقتل عائلة الطبيب ومن قبله كان هناك الشاب سامر صلاح الدين... نحن لا نعرف من وراء الجريمة أو الهدف منها، ونرجح أن يكون منفذوها من (داعش)، وفي النهاية النتيجة واحدة وهي قتل أبرياء... سننتظر التحقيقات، لكننا نرفض أي محاولة للتسويف في تلك القضايا أو تقييدها ضد مجهول... لا يمكننا أن نقف صامتين على قتل مزيد من المسحيين والعراقيين بشكل عام، وستكون لنا خياراتنا».
وكانت «حركة بابليون» المسيحية الكلدانية قد تشكلت عام 2014، بعد أن قام تنظيم داعش بالسيطرة على الموصل وسهل نينوى. وشاركت مع فصائل «الحشد الشعبي» الأخرى في المواجهات ضد التنظيم في عدة محافظات عراقية.
وقال الكلداني: «وعدتنا الداخلية والاستخبارات والحكومة العراقية خيراً، وأعلنت القبض على بعض المشتبه بهم، والتحقيقات جارية معهم، ونأمل أن يتم الكشف عن نتائجها سريعاً أمام الرأي العام... لا نريد مزاحمة الداخلية والحكومة في الجهد الذي يبذلونه حالياً، ولكن كما قلنا إذا حدثت مماطلة غير مبررة ستكون لنا خياراتنا». ورفض الكلداني الإفصاح عن تلك الخيارات، وقال: «نحن نحتفظ بها لأنفسنا». وشدد: «المسيحيون الآن، وبعد حادثة الطبيب، باتوا يشعرون بدرجة كبيرة من الخوف ويخشون من تكرار مسلسل استهدافهم وتصفيتهم جسدياً، كما كان الحال من قبل بالعاصمة ومحافظة نينوى... أي قبل ظهور داعش الذي استهدف الجميع».
وحول التركيز على تلك الجريمة رغم تعدد جرائم القتل والاستهداف للعراقيين على مختلف طوائفهم، فضلاً عن التفجيرات العشوائية، أجاب: «نهتم بالفعل بحياة أي عراقي بغض النظر عن طائفته، ولكن مع الأسف علينا أن نعترف أن المسيحيين بالعراق أصبحوا قلة، وأي استهداف لأي مسيحي أصبح يشكل تهديداً حقيقياً للوجود المسيحي بالعراق... وقوع حادث لمسيحي ببغداد يروع المسيحيين في كل المحافظات ويدفعهم للهروب». وأضاف: «قبل 2003، كنا نحو مليون ونصف المليون، والآن انخفض العدد جداً... قد يتجاوز نصف المليون فقط»، مشيراً إلى عدم وجود إحصاء دقيق لعدد المسيحيين بالعراق. واستدرك: «لا نقول إن هناك تقصيراً في حماية المسيحيين... ونطالب بألا يكون هناك أي تقصير في توفير الحماية للجميع، ونطالب بجهد استخباراتي حقيقي وبإصدار أحكام مشددة على الجناة، وإلا فسوف تكون هناك جرائم أخرى».
وحول حقيقة وجود عصابات تستهدف بصورة ممنهجة ترويع المسيحيين لدفعهم للهجرة من العراق من أجل الاستيلاء على ممتلكاتهم، أجاب: «مع الأسف كانت هناك سرقات من قبل بعض حيتان السياسة وبعض العصابات لممتلكات ومنازل المسيحيين... وسبق أن تحركنا بما نستطيع وبالتنسيق مع وزارة الداخلية لإرجاع بعض تلك الممتلكات والمنازل بعدد من أحياء بغداد والموصل». ورفض الكلداني الكشف عن أسماء أي من السياسيين المتورطين في هذا الأمر، وقال: «بعض السارقين عندما يتم توقيفهم يقولون إنهم يعملون عند ذلك القيادي أو السياسي، وهو بالطبع يتبرأ منهم... وعموماً الأمر متروك للقضاء للفصل في ملكية المنازل، وكشف ما يحدث أحياناً من تلاعب أو تزوير في بعض سندات الملكية، وغيرها من الأمور».
وحول وضع حركته حالياً، قال الكلداني: «بابليون في الوقت الراهن حركة سياسية صرفة لا علاقة لها بالعمل العسكري... نعم شاركنا بالبداية في تأسيس قوات الحشد الشعبي، ولكن أخيراً تم تسليم اللواء والعناصر بسلاحهم للقيادة العسكرية». وأضاف: «لا نواب أو أعضاء منا بالحكومة حالياً، ولكننا سنخوض انتخابات مايو (أيار) المقبل، وفضلنا أن تكون لنا قائمة خاصة بنا، فضلنا ألا نرث أو نحاسب على ماضي أي حزب أو أن نكون تابعين لقراره بالمستقبل. وهدفنا ليس فقط الحفاظ على الوجود المسيحي وإنما وجود كل العراقيين بمختلف طوائفهم»، واستطرد: «وفضلت رغم ضغوط المكتب السياسي ألا أترشح حتى أحاسب أي نائب عن الحركة يتخاذل عن أداء مهامه في خدمة الشعب العراقي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.