هوتون قادر على إبقاء برايتون بين الكبار

صدق المدرب مع اللاعبين ساعد الفريق على مواجهة ضغوط الدوري الممتاز

سقوط آرسنال أمام برايتون في المرحلة السابقة زاد الضغوط على مدربه فينغر (رويترز) - هوتون مدرب برايتون («الشرق الأوسط»)
سقوط آرسنال أمام برايتون في المرحلة السابقة زاد الضغوط على مدربه فينغر (رويترز) - هوتون مدرب برايتون («الشرق الأوسط»)
TT

هوتون قادر على إبقاء برايتون بين الكبار

سقوط آرسنال أمام برايتون في المرحلة السابقة زاد الضغوط على مدربه فينغر (رويترز) - هوتون مدرب برايتون («الشرق الأوسط»)
سقوط آرسنال أمام برايتون في المرحلة السابقة زاد الضغوط على مدربه فينغر (رويترز) - هوتون مدرب برايتون («الشرق الأوسط»)

بالنسبة للعالم الخارجي، تعتبر القرارات التي يتخذها مدرب ما السبيل الوحيد للحكم على مستوى جودة عمله، بيد أنه بالنسبة للدائرة المقربة منه، أي اللاعبين وفريق العمل داخل النادي، الذين يشكلون العناصر المشاركة في الحياة اليومية للفريق، فإن الأمر لا يتعلق بالقرارات فحسب، وإنما الأسلوب الذي يجري من خلاله توصيل هذه القرارات إلى اللاعبين، ويكشف هذا الأسلوب الكثير عن الأسلوب الإداري الحقيقي الذي ينتهجه المدرب.
يذكر أن لاعب خط وسط برايتون، ستيف سيدويل، كان يقترب من عيد ميلاده الـ35، وخلفه مسيرة مهنية طويلة متنوعة، عندما جرى استدعاؤه لتبادل أطراف الحديث مع مدرب فريق برايتون، الآيرلندي كريس هوتون. كان سيدويل قد مر بموسم مثير للإحباط، فقد تعرض لكسر في الكاحل، في وقت كان قد تعافى فيه تماماً لتوه من جراحة جراء إصابته بانزلاق غضروفي، وكان على وشك التعرض لأزمة جديدة؛ جلس هوتون مع لاعب خط الوسط، وبدأ حديثه.
وعن اللقاء، قال سيدويل: «عقد لقاء معي قبل أن يغلق موسم الانتقالات أبوابه، وقال: أتطلع نحو ضم مهاجم، وإذا فعلت ذلك ربما لا تكون هناك مساحة أمامك»، وكان من شأن سحبه خارج تشكيل الفريق المشارك بالدوري الممتاز، المؤلف من 25 لاعباً، القضاء على أية فرصة أمامه للعب بمجرد إنجازه فترة إعادة التأهيل الأخيرة، الأمر الذي شكل بالتأكيد صفعة قوية له، حتى وإن كان سيدويل مدركاً تماماً لأن هذا القرار يخدم مصلحة النادي على النحو الأمثل. واستجاب لاعب خط الوسط على نحو يتماشى مع الصدق والمجاملة المهنية التي أبداها هوتون في حديثه معه، وشرح موقفه بقوله: «يحدد الأسلوب الذي يتعامل من خلاله معك الآخرون رد فعلك. في مثل هذه الاجتماعات، كان هناك صدق وثقة من جانب المدرب تجاهي. ربما كان من السهل علي قلب الطاولة بأكملها، لو كنت قد تلقيت معاملة رديئة، لكن هذا لم يحدث. وعليه، عرضت على النادي القيام بأي شيء خارج الملعب، داخل غرفة تبديل الملابس أو بجوار أفراد بعينهم، وأن أتوجه لمتابعة المباريات نيابة عنه؛ كان كل هدفي الاضطلاع بأي دور بأقصى جهد ممكن».
يسلط هذا الموقف الضوء على المناخ العام الذي ساد داخل برايتون في ظل قيادة هوتون، فبعد أن ظل خارج الدوري الممتاز طيلة عقود، وبعد أن ناضل من أجل ضمان بقائه في حد ذاته، كان من الطبيعي أن تنتاب برايتون مشاعر إثارة مفرطة أو قلق مبالغ فيه إزاء هذا الموسم الذي يشارك خلاله في الدوري الممتاز، إلا أن هوتون يعشق تقييم وقياس البيئة الكروية المحيطة به بأقصى درجة ممكنة.
من ناحيته، يرى لاعب برايتون الناقد الرياضي بصحيفة «الغارديان»، ليام روزنير، أن التوجه الذي اتبعه هوتون عاد بالنفع الشديد على برايتون، وأوضح أن «المدرب يحدد نبرة الثقافة السائدة داخل النادي. ومن الناحية الشخصية، يتميز هوتون بكونه شخصاً شديد الاتساق مع نفسه، يتحلى بتواضع جم. وعندما تتوافر لديك هذه الخصال، فإنها تنتقل تلقائياً إلى عملك. ومع أنه لا يتعامل مع كل شخص بالأسلوب ذاته، فإنه يتعامل مع الجميع بالقدر ذاته من الاحترام، سواء كان ذلك فيما يخص أموراً تكتيكية أو شؤوناً تتعلق بحياتنا خارج الملعب وسلوكنا وتصرفاتنا».
وأضاف: «على امتداد الأسبوع، يتحدث هوتون إلى من حوله شخصاً لشخص. وهنا تكمن واحدة من نقاط قوته. عندما تلعب تحت قيادة شخص يروق لك، تتملكك الرغبة في ألا تخذله. وبالنسبة للأسلوب الذي ينتهجه لتحفيزنا، فإنه لم يكن بالصراخ، أو معاقبة اللاعبين الذي وقعوا في أخطاء أو قدموا أداء دون المستوى خلال مباراة ما، وإنما كان يملك البصيرة التي تمكنه من إدراك أنه قد يخسر لاعب ما. ودائماً ما كان ينظر إلى الأمور من زاوية الرغبة في تحسين الأداء، ولم يكن ينتابه ضيق مفرط قط عندما كنا نخسر مباراة، ولم يكن يفرط في فرحه عندما نفوز. وثمة حالة من الهدوء الحقيقي تحيط الفريق، والفضل في ذلك يعود إليه».
وقد التقى برايتون آرسنال، الأحد الماضي، في واحدة من أقوى المواجهات التي خاضها الفريق خلال الموسم. وبفضل إحرازهم 4 انتصارات، والتعادل مرتين، في جميع المسابقات التي خاضوها، فقد تمكنوا من تحسين موقفهم، وتجاوز فترة عصيبة استمرت شهرين. وتسبب برايتون في زيادة الضغط على أرسين فينغر، مدرب آرسنال، اليوم، عندما تلقى فريقه الهزيمة الرابعة على التوالي بجميع المسابقات، بعد خسارته 2 - 1 خارج ملعبه أمام برايتون. وبعد بداية قوية من الفريق الزائر، سجل لويس دنك، ليمنح برايتون المقدمة، وتهتز شباك آرسنال للمباراة الـ11 على التوالي، وهي أطول مسيرة منذ فبراير (شباط) 2002. وجعل جلين موراي النتيجة 2 - صفر في الدقيقة 26، محرزاً هدفه الخامس في آخر 5 مباريات في الدوري، قبل أن يقلص بيير - إيمريك أوباميانج الفارق مع تبقي دقيقتين على نهاية الشوط الأول. وتحسن آرسنال في الشوط الثاني، لكن برايتون صمد ليحقق ثالث انتصار على التوالي في الدوري بملعبه، ويتقدم للمركز العاشر في الترتيب.
اليوم، يشعر الفريق بالخفة والنشاط، لكنه حذر أيضاً لإدراك اللاعبين أن الفترة المقبلة تحمل لهم سلسلة مواجهات أمام عدد من الخصوم البارزين. والواضح أن هذه الفترة من الموسم تحمل أهمية محورية لضمان بقاء الفريق داخل الدوري الممتاز. وعلى ما يبدو، فإن كل شيء يخص الفريق منظم بشكل جيد، وثمة روح من الثقة تسود المكان.
وقد أبدى سيدويل انبهاره بكيفية تأقلم برايتون مع الحياة داخل الدوري الممتاز، وقال: «عندما صعدنا إلى الدوري الممتاز، كان هناك كثير من الإثارة والتوتر. وشكلت المباريات الأولى مزيجاً من ألوان مختلفة، وفوجئ اللاعبون بمدى صعوبة مواجهات الدوري الممتاز، ذلك أنهم اعتادوا التعامل مع الفوز في معظم مباريات دوري الدرجة الثانية، باعتباره أمراً مضموناً»، واستطرد موضحاً أن «الفضل في الثبات والاستقرار يعود إلى المدرب، فهو لا يسمح أبداً بانهيار روحنا المعنوية، ولا أن يتملكنا الذعر أو القلق عندما تتعقد الأمور أمامنا. وفي حين يتحلى معظم الوقت بقدر بالغ من الهدوء، فإنه عندما يحتاج إلى الانطلاق بقوة لا يتوانى عن ذلك. ومع أنه لا يتبع نهجاً صاخباً، فإنه في الوقت ذاته ليس مفرطاً في الوداعة واللطف، وإنما يتعامل بقوة محسوبة»، وأضاف: «يتحلى هوتون بقدر رائع من الصدق، وبابه دائماً مفتوح؛ لقد سبق أن عملت في أندية أخرى كان المدرب فيها يردد دائماً: (بابي مفتوح أمام الجميع)، لكن عندما تذهب لتطرق على بابه، يأتيك الرد: (عد في يوم آخر)».
ومن الواضح أن مزيج السمات البشرية والمهنية، الذي يتميز به هوتون، ترك أثراً رائعاً داخل برايتون. ويرى سيدويل أن هوتون لم ينل قدره المستحق من التكريم والتبجيل، لأنه لا يحب إثارة الجلبة حوله كمدرب. ولدى استعراضه تاريخه السابق في العمل، تحت قيادة مدربين لامعين أمثال أرسين فينغر وجوزيه مورينيو ومارتن أونيل وغيرارد أوليير، يرى سيدويل أن الاستعدادات التي يتخذها هوتون يوم المباراة الأفضل على الإطلاق، مضيفاً: «لقد كنت محظوظاً بعملي تحت قيادة واحد من أفضل المدربين في البلاد، وأرى أنه يستحق أن يكون في مصاف أفضل المدربين، إلا أنه بسبب عدم إقدامه على الصراخ، وعدم سعيه لاحتلال دائرة الضوء، فإنه لا يحظى بالاهتمام المستحق. ومع هذا، بدأ الناس في الالتفات نحوه اليوم. وإذا استمر في الدوري الممتاز، من يدري قد ينال فرصة تدريب فريق كبير، أو حتى المنتخب الإنجليزي».
ومع ذلك، تظل الحقيقة أنه مهما نال هوتون من فرص، سيظل يجري الحكم عليه للأسف تبعاً للمعايير ذاتها التي لا توفيه حقه، للأسف.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».