بروكسل ترفض «الاختيار الانتقائي» وتحذر من «خلافات حتمية» مع لندن

وزير الخزانة البريطاني يريد اتفاقاً تجارياً يشمل الخدمات المالية

وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند يلقي خطابه في لندن امس حول رؤيته لـ«بريكست» (إ.ب.أ)
وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند يلقي خطابه في لندن امس حول رؤيته لـ«بريكست» (إ.ب.أ)
TT

بروكسل ترفض «الاختيار الانتقائي» وتحذر من «خلافات حتمية» مع لندن

وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند يلقي خطابه في لندن امس حول رؤيته لـ«بريكست» (إ.ب.أ)
وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند يلقي خطابه في لندن امس حول رؤيته لـ«بريكست» (إ.ب.أ)

رفض رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك «الاختيار الانتقائي» للندن في علاقاتها المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، بعد انسحابها من التكتل. وفي مسودة للقواعد الإرشادية قدَّمَها، أمس، في لوكمسبورغ، أشار توسك إلى أن التجارة المستقبلية في مجالات مثل الخدمات المالية يجب أن تجسد حقيقة أن بريطانيا «لن تعود تشارك في التنفيذ المشترك للإجراءات التنظيمية والإشرافية وإطار العمل القضائي» مع الاتحاد الأوروبي.
وقال إن الخطوط الحمراء البريطانية بشأن انسحابها من التكتل ستؤدي «لا محالة إلى خلافات». وأشارت المذكرة، التي اطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية إلى أن قرار بريطانيا للانسحاب من السوق الموحدة التابعة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الجمركي «سيحد من عمق» أي شراكة مستقبلية. وسيؤدي ذلك لسوء الحظ، إلى تداعيات اقتصادية سلبية». وتمهد الوثيقة، التي ما زالت تحتاج إلى موافقة الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، الطريق لمفاوضات حول اتفاق تجارة حرة مستقبلي مع بريطانيا. وحذر توسك من أن مثل هذا الاتفاق «لا يمكن أن يقدم المنافع ذاتها مثل تلك التي يتم التمتع بها الأعضاء».
وسيقدم البرلمان الأوروبي أيضاً، الذي لا يشارك في المفاوضات حول «بريكست»، لكنه يتمتع بحق تعطيل أي اتفاق مع لندن، «خطوطه الحمراء» في هذا الشأن. وكانت دول بينها فرنسا حذرت لندن من قبل، خصوصاً بشأن دخول السوق الذي يأمل فيه قطاع المال البريطاني بعد «بريكست». وقال وزير الاقتصاد الفرنسي بورنو لومير، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن «الخدمات المالية لا يمكن أن تُدرَج في اتفاق للتبادل الحر لأسباب كثيرة مرتبطة بالاستقرار وقضايا الإشراف». وقُدِّر عدد الوظائف التي ستنقل من بريطانيا إلى فرنسا بسبب «بريكست» بـ«الآلاف».
وما عرضه توسك، أمس (الأربعاء)، لرؤيته للعلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي ولندن، بعد «بريكست»، جاء بعد أيام على خطوة أولى قامت بها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي دعا وزير الخزانة في حكومتها فيليب هاموند إلى اتفاق تجاري بين الطرفين يشمل الخدمات المالية.
وانتهز توسك فرصة زيارته إلى لوكمسبورغ أمس ليعرض أمام وسائل الإعلام «مشروعه حول الخطوط التوجيهية حول إطار العلاقة المستقبلية» مع المملكة المتحدة، التي يشكل عمادها اتفاقاً للتبادل الحر ما زالت معالمه غير واضحة. وهذا الشق الأساسي من المفاوضات مع لندن لم يبدأ بعد، إذ إن المفاوضات تركزت حتى الآن على إعداد الاتفاقية التي تكرس «بريكست»، بما فيها الملفات الكبيرة مثل الكلفة المالية للانفصال ومصير العاملين الأوروبيين ومستقبل الحدود الآيرلندية. ويفترض أن توافق الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد (دون بريطانيا) على وثيقة توسك رئيس الهيئة التي تضم قادة دول الاتحاد الأوروبي.
ورحَّب كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه بـ«وضوح الخطاب» الذي ألقته رئيسة الوزراء تيريزا ماي في لندن. وأكدت ماي في خطابها تصميمها على خروج بريطانيا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. لكنها أشارت إلى إمكانية مواصلة المشاركة في بعض الوكالات الأوروبية مثل وكالتي الأدوية والأمن الجوي. ودعت ماي خصوصا إلى إنجاز «أوسع (اتفاق) ممكن» للتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي «يغطي عددا أكبر من القطاعات، وينص على تعاون أكبر من أي اتفاق آخر للتبادل الحر في العالم».
وتوسك قال مراراً إنه «لا يمكن إجراء تبادل تجاري خارج الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة بلا خلافات، وهذه الخلافات هي النتيجة الحتمية لـ(بريكست)، بطبيعة الحال».
ومن جهته، قال بارنييه إن «الخطوط الحمراء» البريطانية لن تسمح بالتفاوض حول خطة تجارية مختلفة عن «النموذج الذي تفاوضنا حوله أو أبرمناه مع كندا وكوريا الجنوبية وفي وقت أقرب اليابان».
في لندن، دعا فيليب هاموند إلى إدراج الخدمات المالية في اتفاق للتبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي. وحسب فقرات تم نشرها من خطابه، أكد هاموند أنه «حان الوقت للرد على المشككين الذين يقولون إن اتفاقاً تجارياً يشمل الخدمات المالية لا يمكن أن يبرم، لأن هذا لم يحصل من قبل يوماً». وقال وزير الخزانة في خطابه: «أقول لهم إن كل اتفاق تجاري أبرمه الاتحاد الأوروبي فريد». ويتبع هاموند بذلك بدقة الخط الذي حددته ماي التي تريد أن تدرج المبادلات في قطاع الخدمات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي «في اتفاق أوسع» من اتفاقات التبادل الحر التي تقتصر عادة على تبادل السلع.
أيّاً كان الأمر، فلا يمكن إبرام أي اتفاق للتبادل الحر قبل موعد «بريكست» المحدد في نهاية مارس (آذار) 2019، لذلك من الضروري أن تكون هناك مرحلة انتقالية. بانتظار ذلك، تأمل الدول الـ27 في التوصل بحلول الخريف إلى صياغة «إعلان سياسي» يحدد إطار هذه العلاقات المقبلة، يُرفَق باتفاق الانسحاب الذي ما زال التوصل إليه بعيداً. وقد رفضت تيريزا ماي في الواقع الصيغة الأولى من هذا الاتفاق الذي أعدَّه الاتحاد الأوروبي وكشفه، الأسبوع الماضي، بسبب إجراءات «غير مقبولة» برأيها حول الحدود بين آيرلندا الشمالية وآيرلندا. ولتجنب عودة حدود مادية بين الطرفين، أشار الاتحاد إلى إمكانية إقامة «مجال تنظيمي مشترك» يضم الاتحاد الأوروبي وآيرلندا الشمالية «بلا حدود داخلية». وقالت ماي إن «أي رئيس للحكومة البريطانية لن يقبل» بذلك، معبرة عن تخوفها من ظهور حدود بين آيرلندا الشمالية وبقية المملكة المتحدة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».