دفاع فرنسي عن لقاءات لودريان في طهران: لم تكن «حوار طرشان»

مصادر في باريس تتحدث عن {تضارب} في القيادة الإيرانية بخصوص طريقة التعاطي مع الملف النووي

{الحرس الثوري} يستعرض صاروخي «قدر» و«ذو الفقار» الباليستيين خلال احتفالية وسط طهران في يونيو الماضي (مهر)
{الحرس الثوري} يستعرض صاروخي «قدر» و«ذو الفقار» الباليستيين خلال احتفالية وسط طهران في يونيو الماضي (مهر)
TT

دفاع فرنسي عن لقاءات لودريان في طهران: لم تكن «حوار طرشان»

{الحرس الثوري} يستعرض صاروخي «قدر» و«ذو الفقار» الباليستيين خلال احتفالية وسط طهران في يونيو الماضي (مهر)
{الحرس الثوري} يستعرض صاروخي «قدر» و«ذو الفقار» الباليستيين خلال احتفالية وسط طهران في يونيو الماضي (مهر)

أجمع الإعلام الفرنسي على اعتبار أن وزير الخارجية عاد من زيارته إلى طهران أول من أمس «خالي الوفاض» ولم ينجح في زحزحة المسؤولين في القيادة الإيرانية عن مواقفهم بشأن القضايا التي ذهب جان إيف لودريان إلى طهران لمناقشتها؛ وهي: البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني، وسياسة طهران الإقليمية، وما يفترض بإيران أن تقوم به من إصلاحات بنيوية من أجل استدرار الاستثمارات الأجنبية والارتقاء بمستوى المبادلات التجارية والشراكات الاقتصادية.
لكن مصادر دبلوماسية فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، رغم موافقتها على هذا التشخيص، فإنها عدّت أن الهدف من الزيارة «لم يكن حمل إيران على توقيع ورقة تعهدات»؛ بل إن الوزير لودريان سعى إلى «شرح الموقف الفرنسي ومطالب باريس وجها لوجه مع طيف متنوع من القادة الإصلاحيين وغير الإصلاحيين».
وأضافت هذه المصادر أن الهدف الآخر كان التعبير عن «مشاغل ومخاوف باريس بالاستناد لمعلوماتنا ولقراءتنا للوضع الراهن وللإشكاليات المرتبطة بالاتفاق النووي، وببرامج إيران الصاروخية - الباليستية، وسياستها الإقليمية» وهو ما سبق للرئيس إيمانويل ماكرون وللوزير لودريان أن عبرا عنه في أكثر من مناسبة.
تنظر المصادر الفرنسية إلى ردود الفعل على الزيارة وما دار فيها من زاوية النزاعات الداخلية بين الأجنحة الإيرانية المتصارعة. وتعد باريس أنها «المرة الأولى» التي تتاح للدبلوماسية الفرنسية أن «تحتك بالطيف السياسي الإيراني الكامل وأن تطلع مباشرة على تنويعاته». وبحسب ما كشفت عنه، فإن اللغة التي استخدمها مثلا علي شمخاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي حول مصير الاتفاق النووي، وتلك التي لجأ إليها الرئيس حسن روحاني كانت «متباعدة حقيقة»؛ فالأول «لا يجد سببا للقلق» إن نقضت واشنطن الاتفاق ويذهب لحد الدعوة إلى خروج إيران منه. وفي المقابل، فإن روحاني أبدى «تمسكا» بالاتفاق. لكن ما بدا غير مفهوم أن اجتماع لودريان مع علي لاريجاني رئيس البرلمان قد ألغي، ولم تذكر باريس الأسباب التي حملت المسؤول الإيراني على إلغائه.
ثمة من وصف ما دار خلال الزيارة بأنه كان بمثابة «حوار طرشان». بيد أن المصادر الرسمية أكدت العكس؛ إذ عدّت أن «كل طرف عرض بالتفصيل حججه وقراءته للوضع». ودليلها على ذلك أن لودريان أمضى ما يزيد على 6 ساعات من المناقشات «الصريحة» و«المباشرة»، وهو ضعف الوقت الذي كان مخصصا لها. فضلا عن ذلك، أبدى الطرف الإيراني «اهتماما» بمتابعة المناقشات مع لودريان الذي كان أول وزير أوروبي معني بالملف النووي يزور طهران منذ أن هدد الرئيس ترمب بنقض الاتفاق والخروج منه إذا لم يعدل بشكل كاف.
لكن كل هذه المناقشات لم تفض إلى أن يغير الجانب الإيراني مواقفه أو أن «يبدي مرونة أو انفتاحا» إزاء المطالب التي حملها لودريان في جعبته وهي تأطير البرنامج الصاروخي الإيراني والتهديد باللجوء إلى العقوبات في حال رفض طهران وحمل القيادة الإيرانية على أن تتبع «سياسة مختلفة» في جوارها المباشر وغير المباشر.
في الملف الصاروخي، كانت النقطة الأولى التي أثارها لودريان مفادها أن قيام طهران بتطوير صواريخ بعيدة المدى «يهدد استقرار وأمن المنطقة، ويهدد أيضا أمن أوروبا لأنها قادرة على الوصول إلى أراضيها». والنقطة الثانية أن ما تقوم به طهران يخالف نص القرار «2231» الذي يمنعها من تطوير إمكانات صاروخية «قادرة» على حمل رؤوس نووية. والنقطة الثالثة أن إيران تساهم من خلال نقل الصواريخ أو التكنولوجيا الصاروخية إلى هيئات أو تنظيمات أو ميليشيات وهو ما «ينسف أيضا الاستقرار ويغذي النزاعات والحروب» في إشارة لما تقوم به إيران في اليمن ولصالح الحوثيين.
ودرءاً لاتهامها بأنها تنطق بلسان الولايات المتحدة الأميركية أو أنها أصبحت «عميلة» لها، حرص لودريان على إبلاغ الإيرانيين أن لباريس «إمكاناتها ومصادر معلوماتها الخاصة». وجاء رد إيران أن برنامجها الصاروخي - الباليستي «محض دفاعي»، وأنها «لا تمتلك أسلحة نووية لتجهز الصواريخ بها»، وترفض الخوض فيه. وتساءلت أخيرا عن الأسباب التي تجعل الغرب يركز على برامجها الصاروخية ويتناسى الكم الهائل من الصورايخ الموجودة في المنطقة ومن كل الأنواع.
أما في ما يتعلق بسياسة إيران الإقليمية ودورها الذي تعده باريس «مزعزعا للاستقرار» و«يتصف بنزعة الهيمنة»، فإن الوزير لودريان شرح لمحاوريه أن فرنسا «لا تسعى لكي لا يكون لإيران نفوذ في المنطقة، كما أن غرضها ليس محاربة نفوذها؛ بل إنها تريد ألا يكون عبر استخدام الوسائل العسكرية». وأضاف لودريان أن باريس تريد من طهران أن تكون «عاملا يساعد على حل النزاعات وليس تأجيجها».
وجاء الرد الإيراني كلاسيكيا بالإشارة إلى أن تدخل إيران كان لمحاربة «داعش» والإرهاب، وأنه «لولا ذلك لكانت صورة المنطقة قد تغيرت جذريا».
يذكر أن إيران والأطراف الأوروبية الثلاثة «فرنسا وبريطانيا وألمانيا» بدأت، منذ انعقاد مؤتمر الأمن في ميونيخ، مشاورات حول الملفات الإقليمية، ويفترض أن تتواصل، وربما تكون «سابقة» تفتح الباب لتوسيع دائرة الحوار.
وكان الرئيس ماكرون قد استبق زيارة لودريان باتصال هاتفي مطول (ساعة كاملة) مع روحاني تناول في جزء منه الوضع في سوريا. وجاء الرد لاحقا حينما عدّ الأخير أن الحل الوحيد هو «دعم النظام»، مما يعكس اتساع الهوة التي تفصل بين الطرفين. كذلك، فإن وزير الخارجية محمد جواد ظريف رأى بشأن الاتفاق النووي، أن الضغوط يجب أن تتركز على الولايات المتحدة وليس على إيران من أجل المحافظة عليه.
إذا كان لودريان يسعى لتنازلات يقايض بها الجانب الأميركي، فإن محاولته، وإن كانت في بدايتها، لم تحصد أي نجاح، وربما تكون الضحية الزيارة التي كان ماكرون ينوي القيام بها إلى طهران، لأنه إن لم يحدث اختراق في الملفات الثلاثة المعقدة «النووي، والصاروخي، وسياسة إيران الإقليمية» فسيكون من الصعب عليه إتمامها. لكن الوقت يضغط، ونجاح فرنسا ومن خلفها أوروبا في إنقاذ الاتفاق النووي يفترض تنازلات جدية من إيران التي لا تبدو، حتى الآن، مستعدة لتقديمها.



غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
TT

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً، بينها نقاط تضم شخصيات قيادية.

وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن الغارات، التي نفذت ليل الجمعة – السبت، استهدفت إحباط هجمات «إرهابية» ولضمان أمن الحدود.

وأضافت الوزارة: «تم خلال تلك الغارات تدمير 25 هدفاً في كاره وقنديل وأسوس، بما في ذلك كهوف وملاجئ ومخازن ومنشآت يستخدمها (قادة إرهابيون)، وأسفرت عن مقتل عدد كبير من مسلحي (العمال) الكردستاني».

وتابعت الوزارة: «الحرب ضد الإرهاب ستستمر من أجل الحفاظ على أمن بلدنا وأمتنا بكل عزيمة وإصرار حتى يتم تحييد آخر إرهابي».

ولفت بيان الدفاع التركية إلى «اتخاذ جميع التدابير اللازمة خلال هذه العملية لضمان عدم تضرر الأبرياء، والعناصر الصديقة، والأصول التاريخية والثقافية، والبيئة».

تصعيد... ونقاط أمنية

وشهدت التحركات العسكرية التركية ضمن عملية «المخلب - القفل» المستمرة لأكثر من عامين في شمال العراق، تصعيداً منذ يونيو (حزيران) الماضي، ولا سيما في دهوك، إذ قامت القوات التركية المشاركة في العملية بنصب نقاط أمنية في مناطق عدة لملاحقة عناصر حزب «العمال»، إلى جانب قيامها بقصف بعض البلدات.

وبعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن القوات التركية ستكمل الحزام الأمني في شمال العراق، خلال الصيف، كما حدث في شمال سوريا، قال مسؤول بوزارة الدفاع، الأسبوع الماضي، إن «القفل يغلق»، في إشارة إلى قرب انتهاء عملية «المخلب - القفل» التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2022.

وأضاف المسؤول العسكري، في إفادة صحافية، أن القوات التركية تواصل عملياتها الموجهة ضد حزب «العمال» الكردستاني في شمال العراق بنجاح، وأن هذه العمليات تجري بتنسيق مع الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان العراق.

ولفت إلى أن «الأعمال الفنية الخاصة بإنشاء مركز للعمليات المشتركة مع العراق ضد (العمال) الكردستاني مستمرة دون أي مشكلات».

جنديان تركيان أثناء مسح كهوف تابعة للعمال الكردستاني شمال العراق (الدفاع التركية)

شكاوى من العراق

وتصاعدت الشكاوى، في الفترة الأخيرة، من جانب بغداد من عمليات توغل عسكري تركية واسعة. وكلف رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بالتنسيق مع سلطات إقليم كردستان لبحث تداعيات التوغل التركي المتكرر في شمال العراق.

وأكد وزير الخارجية، فؤاد حسين، أن بلاده لم تمنح تركيا ضوءاً أخضر للقيام بعمليات في إقليم كردستان، وأن الحكومة بحاجة إلى مزيد من النقاشات الأمنية مع الأتراك مع الإقرار بأن» العمال الكردستاني» مشكلة عراقية أيضاً.

وندد مجلس الأمن الوطني بالتوغل التركي لأكثر من 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية.

لكن الرئيس، رجب طيب إردوغان، قال، لاحقاً، إن أنقرة ترحب بالخطوات التي تتخذها بغداد وأربيل لمكافحة «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي»، وتعتبرها جيدة لكن «غير كافية».

وأضاف أن وزارتي الدفاع وأجهزة الاستخبارات في كل من تركيا والعراق تتمتع بـ«علاقات تعاون جيدة».

وبشأن عملية «المخلب - القفل»، قال إردوغان: «بعد زيارتنا للعراق في أبريل الماضي، رأينا للمرة الأولى اتخاذ خطوات ملموسة للغاية على أرض الواقع في القتال ضد حزب (العمال) الكردستاني من جانب الإدارة العراقية».

وأضاف أن مجلس الأمن الوطني العراقي أعلن حزب «العمال» الكردستاني منظمة محظورة، والآن نرى انعكاسات ذلك على أرض الواقع، وبعد الزيارة، كان تعاون قواتنا الأمنية وإدارة أربيل أمراً يبعث على الارتياح، كما أننا نتعاون مع كل من وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات في العراق، ولدينا علاقة جيدة.