الرئيس الموريتاني: لن أقبل بحدوث الفراغ... ولن نعود إلى الوراء

أمام المئات من أنصاره المطالبين بولاية رئاسية ثالثة

TT

الرئيس الموريتاني: لن أقبل بحدوث الفراغ... ولن نعود إلى الوراء

قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، إنه لن يقبل بحدوث «فراغ» في السلطة، وهو الذي أعلن قبل عدة أيام عدم نيته الترشح لولاية رئاسية ثالثة خلال الانتخابات الرئاسية التي ستنظم العام المقبل، ولكنه أكد في المقابل أنه لن يقبل بوصول المعارضة إلى الحكم لأن ذلك يعني «العودة إلى الماضي».
وكان ولد عبد العزيز يتحدث ليل الجمعة - السبت في باحة قصر المؤتمرات بالعاصمة نواكشوط، أمام المئات من أنصار حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، الذين تجمعوا في افتتاح أيام تشاورية لإصلاح الحزب وانتخاب هيئاته القيادية وزيادة قواعده الشعبية.
وقال ولد عبد العزيز: «مشروعنا قائم على بناء دولة قوية ومستقلة، دولة تعتني بجميع مواطنيها، دولة توجهها محاربة الفساد وبناء الوطن وترسيخ الديمقراطية، هذا هو مشروعنا وسيستمر»، وأضاف: «أشكركم على اهتمامكم بهذا المشروع ودعمه، وأشكركم على اهتمامكم بحزبنا جميعاً».
ولد عبد العزيز بدأ خطابه بشكر المشاركين في الأيام التشاورية لإصلاح الحزب الحاكم، وقال إن ما يقومون به من مشاورات هو «من أجل متابعة ومواصلة برنامجنا، هذا البرنامج الذي تقدمنا فيه معاً، وإن شاء الله أضمن لكم أن نواصل جميعاً هذا المسار، ولن يحدث أي فراغ ولن نقبل سوى الاستمرارية في هذا النهج».
وأوضح ولد عبد العزيز أنه قرر الاستمرار «لأنه لا وجود لخيار أو توجُّه آخر، وأنتم تعرفون أن البديل هو الماضي، ونحن نرفض خيار العودة للماضي»، وأضاف أن «أصحاب هذا الخيار موجودون في المعارضة، لا يملكون أي برنامج لنهضة البلاد، سوى تفرقة الشعب وتقسيمه، والحقد والفساد والبطش، وهذه الصفحة طويناها منذ تسعة أعوام ولا رجعة في ذلك».
وختم ولد عبد العزيز خطابه بالقول: «نحن مستمرون في هذا النهج مهما كلفنا ذلك، وسنستمر فيه ولن يحدث أي فراغ، لأن البلد شهد تنفيذ كثير من المشاريع المهمة، ولكن لا يزال هنالك الكثير مما يجب القيام به».
وجاءت تصريحات ولد عبد العزيز لتزيد الغموض في الساحة السياسية الموريتانية، فمنذ أيام قليلة أعلن ولد عبد العزيز بشكل صريح أنه سيحترم الدستور، ولن يترشح لولاية رئاسية ثالثة، ولكنه في خطابه الأخير أمام أنصاره تجاهل الحديث عن مستقبله السياسي، مفضلاً التركيز على ما سماه «المشروع» أو «النهج» أو «المسار» الذي أكد أنه سيستمر مهما كلفه ذلك. وسبق أن أعلن ولد عبد العزيز في عدة مناسبات أنه سيدعم مرشحاً خلال الانتخابات الرئاسية، ويعتقد كثير من الموريتانيين أن سعي الرئيس لإصلاح الحزب الحاكم، وإعادة الحيوية إلى هيئاته وقواعده الشعبية، هو تمهيد لفتح الباب أمام فوز هذا المرشح، وقد تداول الموريتانيون عدة أسماء محتملة في مقدمتها اللواء محمد ولد الغزواني، قائد أركان الجيوش الموريتانية.
من جانبه، قال رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم، في خطاب افتتاح الأيام التشاورية، إنها مناسبة للتأمل والمراجعة «لا غنى عنها»، وأضاف أنها «لحظة مراجعة وتقييم وإعادة لكل الحسابات من أجل أن نعود أقوى مما كنا عليه»، كما دعا إلى التعلم من الأخطاء التي ارتكبها الحزب «لسد كل الثغرات في جدران بيتنا، ولنبني حزباً قوياً في الحكم لا قوياً به، يستعصي على الكسر». وأوضح ولد محم أن الرئيس الموريتاني هو من قرر إنشاء لجنة حكومية لتشخيص واقع الحزب وتفعيل هيئاته، معتبراً أن في ذلك «رسالة واضحة تقول إن إكراهات الموقع الدستوري كرئيس للجمهورية، ومهامه الجسيمة لن تثنيه يوماً عن لعب دوره بوصفه الشخصية المرجعية الأولى للحزب، والرئيس المؤسس كما يحلو لنا وصفه، والمناضل كما يحلو له أن يصف نفسه وموقعه».
وتأسس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، عام 2009 من طرف ولد عبد العزيز بعيد الانقلاب الذي قاده ضد الرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، واستقال ولد عبد العزيز من رئاسة الحزب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2009، ليتعاقب عليه بعد ذلك عدة رؤساء من المقربين منه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».