الحوثي يحاول قتل الرئيس السابق معنوياً عبر طمس آثاره

أخفى مكان دفنه وبدل اسم مسجده وأزال متعلقاته من المتحف

TT

الحوثي يحاول قتل الرئيس السابق معنوياً عبر طمس آثاره

في مسعى لطمس أثر الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح ومحاولة قتله معنوياً، أعلنت ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية، الاستيلاء الفعلي على «جامع الصالح» في صنعاء من خلال اعتماده مسجداً رسمياً لها، بعد أن بدلت اسمه إلى «جامع الشعب».
وفي السياق نفسه، أزالت الجماعة الانقلابية كل ما يتعلق بالرئيس السابق من داخل «المتحف الحربي» الواقع في ميدان التحرير وسط صنعاء، بعد أن كانت أخفت مكان قبره بعد تصفيته جسدياً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع عدد من معاونيه.
وقال شهود لـ«الشرق الأوسط» زاروا أخيراً «المتحف الحربي» في صنعاء، إن «عناصر الميليشيا الذين عينتهم لإدارته، أضافوا لمعروضات المتحف ملابس ومقتنيات خاصة بمؤسسها حسين الحوثي وعدد من قتلى قادة ميليشياتها عوضاً عن مقتنيات الرئيس السابق التي أتلفتها».
وبثت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» صوراً لرئيس مجلس حكمها الانقلابي صالح الصماد وقيادات أخرى في الجماعة وهم يؤدون معه صلاة الجمعة في المسجد، ويستمعون إلى خطبة يلقيها أحد أتباعهم الطائفيين، ووصفت الوكالة المسجد بأنه «جامع الشعب».
وسخر ناشطون موالون للرئيس السابق ولحزب «المؤتمر الشعبي» من سلوك الجماعة الانقلابية التي قالوا إنها ما زالت تخشى من ذكر اسم الرئيس السابق حتى بعد مقتله والتنكيل بأنصاره وأقاربه ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم.
وأفاد الناشطون بأن الميليشيا تسعى إلى تحويل الجامع والملحقات المرفقة به إلى مدرسة طائفية لتدريس «الملازم الخمينية» واستخدام المباني التابعة له لإيواء عناصرها الذين تستقدمهم من المحافظات الأخرى إلى صنعاء.
وكانت الميليشيات الحوثية، قامت بعد قتل الرئيس السابق بنهب المتحف الملحق بالجامع الذي كان يضم مقتنيات صالح الشخصية والهدايا التي كان يحصل عليها أثناء سنوات رئاسته لليمن.
ويعد «جامع الصالح» أكبر مسجد في صنعاء واليمن، وتم افتتاحه رسمياً في عام 2008، وكان الرئيس السابق أوصى بأن يدفن بعد موته في حديقة مجاورة ضمن باحة المسجد الذي بات معلماً من معالم العاصمة اليمنية. ويبدو - بحسب مراقبين - أن الجماعة الحوثية لم تكتفِ بقتل صالح جسدياً ونهب ممتلكاته وأقاربه والاستيلاء على منازله والحجز على الحسابات المصرفية، ولكنها تسعى إلى قتله معنوياً عبر طمس آثاره الباقية.
ويرجح المراقبون أن عدم سماح الحوثيين بإقامة جنازة رسمية لصالح بعد قتله، أو الكشف عن المكان الذي دفن فيه جثمانه، يأتي في سياق مخاوفها من أن يتحول قبره إلى مزار شعبي للآلاف من أنصاره، وهو ما يتعارض مع توجهها بطمس آثاره من الذاكرة اليمنية.
وتحاول الجماعة الموالية لإيران أن تضفي طابعها الطائفي الثقافي على كل نواحي الحياة في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها، سواء عبر نشر الشعارات الطائفية أو الطقوس المذهبية أو الأفكار العقائدية التي تحاول فرضها على مؤسسات التعليم العام، حيث المدارس والجامعات.
وفي غضون ذلك، بدأ محافظ الميليشيات في ذمار، تحركاته لتسخير نواب المحافظة في البرلمان من أجل إعادة العسكريين السابقين في مناطقهم إلى الخدمة في معسكراتهم السابقة تحت إمرة الجماعة.
وأفادت المصادر الرسمية للميليشيات الحوثية بأن محافظها في ذمار محمد حسين المقدشي، شدد في اجتماع مع عدد من النواب على الدور المطلوب منهم، «لإنجاح حملة الحشد والتعبئة العامة والتعاون مع اللجان التي ستقوم بنزول ميداني إلى المديريات». وتستهدف الحملة الحوثية التي أعلنتها قبل أيام إعادة المئات من العسكريين الذين يلزمون منازلهم في الأرياف والقرى منذ الانقلاب، إلى الخدمة العسكرية في وحداتهم السابقة تحت إمرتها، مقابل وعود بدفع رواتبهم من جهة، ومن جهة أخرى تهديد بإحالتهم إلى المحاكمة بتهمة «الخيانة والحنث بالقسم العسكري».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.