اشتباكات بأطراف الغوطة مع دخول الهدنة الهشّة يومها الثاني

تصاعد أعمدة الدخان جراء القصف على الغوطة الشرقية (رويترز)
تصاعد أعمدة الدخان جراء القصف على الغوطة الشرقية (رويترز)
TT

اشتباكات بأطراف الغوطة مع دخول الهدنة الهشّة يومها الثاني

تصاعد أعمدة الدخان جراء القصف على الغوطة الشرقية (رويترز)
تصاعد أعمدة الدخان جراء القصف على الغوطة الشرقية (رويترز)

تشهد أطراف الغوطة الشرقية قرب دمشق اشتباكات بين قوات النظام والفصائل المعارضة رغم توقف القصف الجوي والمدفعي مع بدء سريان الهدنة الروسية اليومية القصيرة صباح اليوم (الأربعاء).
ومنذ بدء التصعيد العسكري بالغوطة الشرقية في 18 فبراير (شباط) الحالي، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل نحو 590 مدنياً؛ ربعهم من الأطفال، مما أثار تنديدات واسعة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية.
ورغم تبني مجلس الأمن الدولي السبت الماضي قراراً ينص على وقف شامل لإطلاق النار في سوريا «من دون تأخير»، أعلنت روسيا هدنة «إنسانية» يومية في الغوطة الشرقية بدأت أمس الثلاثاء، وتستمر فقط بين الساعة التاسعة صباحاً (07:00 ت.غ) والثانية من بعد الظهر.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن: «تستمر منذ منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء الاشتباكات العنيفة عند أطراف الغوطة الشرقية»، موضحاً أن قوات النظام ووسط «قصف جوي ومدفعي عنيف على مناطق الاشتباك حققت تقدما محدوداً في منطقتي حوش الظواهرة والشيفونية في شرق المنطقة المحاصرة».
وتواصلت الاشتباكات صباح اليوم رغم الهدنة القصيرة. فيما شهدت مناطق أخرى في الغوطة الشرقية هدوءاً خلال ساعات الليل قبل أن يتجدد القصف الجوي صباحاً مستهدفاً مناطق عدة بينها مدينة دوما. إلا أن القصف الجوي والمدفعي توقف مع بدء سريان الهدنة.
ويطغى مشهد الدمار على شوارع مدينة دوما، التي خرج إليها بعض الأشخاص مستغلين الهدوء، فيما واصل عمال الإغاثة عملهم في البحث عن ضحايا تحت الأنقاض.
ويُفترض أن تطبق الهدنة يومياً في التوقيت عينه على أن يُفتح خلالها «ممر إنساني» عند معبر الوافدين، الواقع في شمال شرقي مدينة دوما لخروج المدنيين. وكان اليوم الأول من الهدنة شهد انتهاكات عدة؛ إذ قتل مدنيان جراء قصف لقوات النظام.
في المقابل، اتهم إعلام النظام السوري، الفصائل المعارضة باستهداف معبر الوافدين بالقذائف، الأمر الذي نفاه المتحدث العسكري باسم «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، حمزة بيرقدار في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال محمد أبو المجد، (60 عاماً) أحد سكان دوما: «لا أحد يخرج من أهالي الغوطة، نرفض هذا الأمر»، مضيفا: «في حال خرجنا، أين يذهب الشباب؟ يأخذونهم إلى الجيش لقتال الشعب. وشعبنا يقتل شعبنا». وتساءل: «ماذا تعني هدنة للساعة الثانية؟ يعني أنه بعد الثانية يعود قصف الطيران ويزداد القتل».
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا إنجي صدقي: «من الصعب أن يستخدم أي مدني ممرات العبور إذا لم تكن هناك ضمانات كافية. لن تخاطر أسرة مؤلفة من أم وأطفال بحياتها إذا لم تكن لديها ضمانات السلامة اللازمة». وأضافت: «هناك نوع من الخوف لدى المدنيين بسبب عدم وجود توافق بين الأطراف».
وعدّت صدقي أن الحل لا يقتصر على إخراج الحالات الحرجة من الغوطة الشرقية؛ «وإنما أيضاً إدخال مساعدات طبية مناسبة ليتم علاجهم في أماكنهم»، موضحة: «للأسف 5 ساعات غير كافية لإيصال المساعدات، نحن نحتاج ساعات طويلة من التحضير والانتقال من نقطة إلى أخرى وتفريغ المساعدات».
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر طلبت في وقت سابق السماح لها بالدخول إلى الغوطة الشرقية للمساعدة في علاج الجرحى.
وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، فإن أكثر من 700 شخص بحاجة إلى إخلاء طبي من الغوطة الشرقية.
وسبق لروسيا أن أعلنت خلال معارك مدينة حلب (شمال) في عام 2016 هدناً إنسانية مماثلة بهدف إتاحة المجال أمام سكان الأحياء الشرقية المحاصرين للخروج، لكن من غادروا كانوا قلة؛ إذ عبّر كثيرون عن شكوكهم بشأن الممرات التي حددت على أنها طرق آمنة.
وانتهت معركة حلب مع ذلك بإجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين في ديسمبر (كانون الأول) عام 2016. وخلال هدن مماثلة في حلب، كان يتم فتح نحو 4 ممرات لخروج المدنيين، فيما يقتصر الأمر في الغوطة الشرقية التي تضم عشرات المدن والبلدات والقرى، على معبر واحد فقط.
واستبقت الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، وبينها «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن»، إعلان الهدنة الروسي برفضها أي «تهجير للمدنيين أو ترحيلهم».
وأبدت في الوقت عينه استعدادها لإخلاء مقاتلي «هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)» مع أفراد عائلاتهم من الغوطة الشرقية، بعد 15 يوماً من دخول وقف إطلاق النار الذي أعلنه مجلس الأمن الدولي حيز التنفيذ الفعلي. وتسيطر الفصائل المعارضة حالياً على ثلث مساحة الغوطة الشرقية الإجمالية نتيجة عمليات قضم لقوات النظام طوال السنوات الماضية.
ويطلب قرار مجلس الأمن الدولي من «كل الأطراف وقف الأعمال الحربية من دون تأخير لمدة 30 يوماً متتالية على الأقل في سوريا من أجل هدنة إنسانية دائمة» لإفساح المجال أمام «إيصال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم وإجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة».
ويستثني القرار تنظيمات «داعش» و«القاعدة» و«جبهة النصرة»، وكل المجموعات والأشخاص المرتبطين بها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».