تراجع ثقة الفلسطينيين بتنظيماتهم وقياداتهم وتزايد تأييد حل الدولة الواحدة

TT

تراجع ثقة الفلسطينيين بتنظيماتهم وقياداتهم وتزايد تأييد حل الدولة الواحدة

أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز القدس للإعلام والاتصال بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت، وجود تغيرات جوهرية وأكثر تشدداً في مواقف الجمهور الفلسطيني بخصوص حل الدولتين والمفاوضات، وانخفاضا ملحوظا في مستوى الثقة بالقيادات السياسية والتنظيمات، وعدم رضا عن ردود الفعل السياسية من قبل الفلسطينيين والعرب حول قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن القدس، وكذلك عدم الثقة بإمكانية تطبيق فعلي لتوصيات المجلس المركزي الأخيرة.
وجاء في الاستطلاع، أن أغلبية المستطلعين (96.1 في المائة)، ترفض في كل الأحوال، قيام دولة فلسطينية دون أن تكون القدس عاصمة لها مقابل 3 في المائة قالوا العكس.
كما أظهر الاستطلاع تراجع نسبة تأييد حل الدولتين إلى 35.8 في المائة، بعد أن كانت 49.6 في المائة في فبراير (شباط) الماضي 2017. وفي المقابل ارتفعت نسبة الذين يؤيدون حل الدولة الواحدة ثنائية القومية إلى 23.9 في المائة، بعد أن كانت 18.1 في المائة في فبراير الماضي.
كما انخفضت نسبة المؤيدين للمفاوضات كأسلوب أفضل لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني إلى 25.2 في المائة في بعد أن كانت 37.6 في المائة في فبراير 2017.
وفي المقابل، ارتفعت نسبة المؤيدين للمقاومة المسلحة إلى 35.7 في المائة بعد أن كانت 30.3 في المائة. وكذلك ارتفع التأييد للمقاومة الجماهيرية السلمية إلى 30.8 في المائة، بعد أن كان 25.4 في المائة خلال الفترة السابقة.
وعلى الرغم من تأييد أكثرية من 55.3 في المائة لقرار المجلس المركزي بتعليق الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها، فقد قدر 55.7 في المائة من المستطلعين بألا يتم تنفيذ هذه القرارات. كما توقع 54 في المائة تراجع القيادة عن قرارها بعدم قبول الوساطة الأميركية ودورها كراع لعملية السلام، وذلك مقابل 36.8 في المائة توقعوا استمرار التزام المنظمة بهذا القرار.
وحول الوسيط المفضل لرعاية المفاوضات في حال تم استئنافها، فضلت النسبة الأكبر (25.4 في المائة) أن يقوم الاتحاد الأوروبي بهذا الدور، تليه مصر (22.4 في المائة)، ثم الأمم المتحدة (12.9 في المائة)، ثم اللجنة الرباعية (10.7 في المائة)، بينما قال 1.8 في المائة فقط، إنهم يؤيدون أن ترعاها الولايات المتحدة بالمقارنة مع 7.6 في المائة في فبراير 2017. وتراجعت نسبة الذين يرون أن د. رامي الحمد الله يقوم بعمله كرئيس للوزراء بشكل جيد إلى 21.4 في المائة، بعد أن كانت 26.9 في المائة في فبراير من العام الماضي. كما زادت نسبة الذين يعتقدون أن هناك تراجعا في تعامل حكومة الحمد الله بشفافية في إدارة الشؤون المالية من 38.6 في المائة في أغسطس 2015 إلى 48.6 في المائة في الاستطلاع الأخير.
وكذلك تراجعت نسبة الذين قالوا إنهم راضون عن الطريقة التي يدير بها الرئيس محمود عباس عمله كرئيس للسلطة إلى 39.1 في المائة، بعد أن كانت 44.6 في المائة في يوليو 2016. وكشفت نتائج الاستطلاع أيضا، عن زيادة في نسبة المستطلعين الذين يعتقدون بوجود فساد في السلطة، من 75 في المائة في فبراير من العام الماضي إلى 79.6 في المائة في هذا الحالي.
وبشكل مشابه، لوحظ ارتفاع حاد في نسبة الذين لا يثقون بالتنظيمات والشخصيات، حيث ارتفعت نسبة الذين لا يثقون بأي من الشخصيات السياسية إلى 52.5 في المائة، بعد أن كانت 40.5 في المائة في آب من العام الماضي. كما ارتفعت نسبة الذين لا يثقون بأي من التنظيمات السياسية والدينية إلى 53.6 في المائة، بعد أن كانت 42.8 في المائة في آب من العام الماضي. وفي المقابل انخفضت الثقة في حركة فتح من 25 في المائة إلى 22.3 في المائة، وحركة حماس من 14.5 في المائة إلى 9.5 في المائة في نفس الفترة.
كما أشار الاستطلاع إلى تراجع في حرية التعبير في المجتمع الفلسطيني. فقد ارتفعت نسبة الذين قالوا إن حرية التعبير غير متاحة إلى 30.7 في المائة، بعد أن كانت 23.4 في المائة في يوليو 2016. أما الذين قالوا إن حرية التعبير متاحة إلى درجة كبيرة، فقد تراجعت نسبتهم إلى 17.5 في المائة في هذا الاستطلاع بعد أن كانت 21.2 في المائة في يوليو 2016.
وتوزعت المسؤولية عن استمرار الانقسام بنسبة 9.4 في المائة لحركة فتح و11.1 في المائة لحركة حماس و34.8 في المائة على حركتي فتح وحماس في آن واحد و26.7 في المائة على إسرائيل.
وحملت النسبة الأكبر من المستطلعين (47 في المائة) إسرائيل مسؤولية أزمة الكهرباء في غزة، تليها بنسبة 22.9 في المائة السلطة الفلسطينية، فيما حمل 22.3 في المائة حكومة حماس في قطاع غزة المسؤولية.
وأظهر الاستطلاع أن الجمهور يذهب إلى التمسك أكثر بالهوية الفلسطينية على حساب الهوية الدينية. وردا على سؤال كيف تعرف نفسك بكلمة واحدة؟ أجابت أكثرية 60.6 في المائة «فلسطيني»، بعد أن كانت هذه النسبة في فبراير الماضي 52.5 في المائة، وتليها «مسلم» بنسبة 11.8 في المائة بعد أن كانت 21.7 في المائة في فبراير الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».