اليمين المتطرف «يساوم» نتنياهو: ضم المستوطنات مقابل البقاء في رئاسة الوزراء

TT

اليمين المتطرف «يساوم» نتنياهو: ضم المستوطنات مقابل البقاء في رئاسة الوزراء

على رغم محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التظاهر بالقوة وعدم التأثر بالتطورات الدرامية في التحقيقات معه بشبهات الفساد وتراكم مزيد من الملفات ضده وتمكن الشرطة من تجنيد «شاهد ملك» في أحد ملفات التحقيق الأربعة معه، فإن مقربين منه أفشوا بأنه بات في الأيام الأخيرة شديد التوتر والعصبية. فالشرطة تطالبه بتخصيص ما يكفي من الوقت لإجراء جلسات تحقيق معه في الأسبوعين القريبين، فيما رفاقه في الائتلاف الحكومي يضعون عليه شروطاً سياسية لمواصلة دعمه. أما الإعلام الإسرائيلي فيواصل نشر تحقيقات تكشف مزيداً من الشبهات ضده، في حين تقف المعارضة صفاً واحداً في مطالبته بالاستقالة من رئاسة الحكومة.
وكان نتنياهو قد جمع رؤساء الائتلاف الحكومي وكبار المساعدين وقادة حزب ليكود وقال لهم إنه «على رغم جنون مخطط الانقلاب» ضده، فإن «الحقيقة ستنتصر، وسأواصل قيادة الدولة». ووجه نقده إلى قادة أحزاب الائتلاف الذين يلتزمون الصمت ولا يهبون للدفاع عنه، محذّراً من خطورة هذا الصمت إزاء ما سماه «مؤامرة إنهاء حكم اليمين».
وقد خرج رئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي) وزير التعليم نفتالي بينيت ليوضح في الإعلام أنه ليس في نية حزبه السماح بإسقاط الحكومة. وقال: «إنني أجد رئيس الوزراء يؤدي وظائفه كما ينبغي. وأنا أتمنى له أن يواصل ذلك ويخرج نقياً من كل السياقات، في صالحه وفي صالح دولة إسرائيل». وراح بينيت أبعد من ذلك ليقول: «لن أحل الحكومة حتى لو قدّمت لائحة اتهام (ضد نتنياهو)».
لكن مسؤولين كباراً في حركة الاستيطان، التي يقودها هذا الحزب، لم يخفوا رغبتهم في انتهاز الفرصة للربط بين هذا الكلام الناعم عن عدم حل الحكومة وبين مطالبهم السياسية. فقد قال أحد كبار القادة الآيديولوجيين في الحزب، موشيه زار، إن على نتنياهو أن يعطي اليمين المخلص له ما يستحقه من مطالب تتعلق بتعزيز الوجود اليهودي في «يهودا والسامرة» (مناطق الضفة الغربية المحتلة). فإذا كان يريد حقاً البقاء رئيساً للحكومة، فعليه أن يعلن فوراً عن توسيع الكتل الاستيطانية وضمها جميعها إلى إسرائيل وفرض السيادة عليها، ومن ثم يبادر إلى حل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) ويتجه نحو انتخابات جديدة. وأشار إلى أن الاستطلاعات توضح أن الجمهور الإسرائيلي يريد حكم اليمين و«سيعيد انتخابنا وانتخابه بنسبة أعلى بكثير مما له اليوم».
من جهة ثانية، أعلن قادة حزب اليهود الغربيون المتدينزن (يهدوت هتوراة) أنهم سيطلبون من نتنياهو سن مشروع القانون الذي يعفي الشبان المتدينين من الخدمة العسكرية مقابل ضمان استمرار دعمهم له في رئاسة الحكومة.
ومع أن قادة حزب ليكود يرون في هذه المقترحات من المستوطنين والمتدينين محاولة ابتزاز أو مساومة، فإنهم لا يستبعدون أن يتجاوب نتنياهو معها. ويقترحون عليه أن يجد طريقة للتوصل إلى حل وسط بين المتدينين وبين وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، الذي يرفض بشدة تغيير قانون الخدمة العسكرية.
من جانبها، كشفت الشرطة عن أن طاقم المحققين في ملف الفساد الذي يطلق عليه «الملف 4000»، يجري اتصالات مع كبار المسؤولين في مكتب نتنياهو بهدف تحديد موعد وصول المحققين إليه للحصول على شهادته في القضية ومواعيد أخرى لمواصلة التحقيق معه في ملفات أخرى. وبناء على المصادقة التي حصل عليها محققو وحدة مكافحة الجريمة الاقتصادية من المستشار القضائي للحكومة، فإنه سيتوجب على نتنياهو، في المرحلة الأولى، الإدلاء بشهادته. ولكن وعلى ضوء الأدلة التي كشف عنها في الأيام الأخيرة، فإنه على ما يبدو لن يكون هناك مناص من التحقيق معه كمشتبه في هذه القضية. وقالت الشرطة إنها، وفي إطار التحقيق في «الملف 4000» وحده، قامت بتفعيل أكثر من مائتي محقق وخبير في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وهو عدد غير مسبوق في أي ملف مر عليها منذ 70 عاماً. وتدور الشبهات في هذا الملف حول الضغوط التي مارسها نتنياهو عبر كبار مساعديه لكي يضمن نشر مقالات إيجابية عنه وعن عائلته مقابل امتيازات كثيرة يوفرها لمالك شركة «بيزك» للاتصالات وموقع «واللا» الإخباري، شاؤول ألوفيتش.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».