الحوثي يستبق عقوبات مجلس الأمن بمبادرة تبقي على الانقلاب

TT

الحوثي يستبق عقوبات مجلس الأمن بمبادرة تبقي على الانقلاب

استبق أمس الرئيس الفعلي لسلطة الميليشيات الانقلابية في اليمن محمد علي الحوثي العقوبات الأممية التي يتوقع أن يفرضها عليه مجلس الأمن الدولي في اجتماعه المقبل بمحاولة التهرب من العقوبات بطرح مبادرة إلى المجلس، تتألف من ستة بنود، ليس من بينها «إنهاء الانقلاب أو تسليم السلاح».
وتزامنت المبادرة التي نشرها من يسمى «رئيس اللجنة الثورية العليا» مع استمرار حملات القمع والاختطاف التي تمارسها جماعته بحق المواطنين العزل في مناطق سيطرتها، وبالتوازي مع فرض إجراءات جديدة لجهة السيطرة على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية.
وبث الحوثي أمس صورة من الرسالة الرسمية التي وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي على حسابه الرسمي في «تويتر» عارضا فيها مبادرة جديدة مؤلفة من ستة بنود، متجاوزا بذلك الصلاحيات الرسمية لحكومة جماعته الانقلابية غير المعترف بها وكذا صلاحيات رئيس المجلس الأعلى للانقلاب صالح الصماد، في مؤشر على تخبط الميليشيا في توزيع المهام والصلاحيات.
المبادرة الحوثية في «تشكيل لجنة مصالحة وطنية والاحتكام لصندوق الانتخابات لاختيار رئيس جديد وبرلمان يمثل كل الشعب اليمني، ووضع ضمانات دولية ببدء إعادة الإعمار وجبر الضرر، وإعلان عفو عام وإطلاق كل المعتقلين بموجبه من كل الأطراف، وطرح أي ملف مختلف عليه للاستفتاء، ومنع أي اعتداء من دولة أجنبية على اليمن». بحسب أوردته المبادرة الانقلابية الجديدة.
واستبق القيادي الحوثي وهو ابن عم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وقائد الميليشيات التي اقتحمت المؤسسات الحكومية والمعسكرات بعد الانقلاب على الشرعية في صنعاء وبقية المحافظات اليمنية، بمبادرته إخضاعه المتوقع للعقوبات الأممية خلال اجتماع مجلس الأمن بشأن اليمن والمقرر انعقاده في 27 فبراير (شباط) الحالي.
ووصف القيادي الحوثي مبادرته المزعومة للسلام في اليمن بأنها عبارة عن خطوط عريضة، ويمكن لمجلس الأمن الدولي - على حد قوله - أن يقوم بصياغة آلية تنفيذية لها.
وكان آخر تقرير لفريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الأممية المكلفة من مجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن، أفاد بأن محمد علي الحوثي بات مستحقا لإدراجه ضمن لائحة المشمولين بالعقوبات الأممية إلى جانب شقيق زعيم الجماعة والقائد الميداني عبد الخالق الحوثي، والقائد الآخر في الميليشيات المعروف بـ«أبو علي الحاكم».
ويرجح مراقبون أن ابن عم الحوثي يتوقع فرض العقوبات الأممية بحقه ويريد أن يستبق القرار بهذه المبادرة غير الواقعية لتقديم نفسه بوصفه «رجل سلام»، على خلاف ما هو معروف عنه من تدمير ونهب لمؤسسات الدولة فضلا عن وقوفه خلف آلاف الانتهاكات التي طالت خصوم الجماعة في مناطق سيطرتها.
ويتهمه ناشطون في حزب «المؤتمر الشعبي» بأنه كان صاحب القرار الفعلي إلى جانب عبد الكريم الحوثي (عم زعيم الجماعة) بالتخلص من شريكهم في الانقلاب الرئيس السابق علي عبد الله صالح والقيام بقتله والتنكيل بأقاربه مع المئات من مناصريه وقيادات حزبه.
ويقول مراقبون في صنعاء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» إن مبادرة محمد الحوثي ليست أكثر من مادة للفرقعة الإعلامية ولا يمكن القبول بها من جانب الحكومة الشرعية لجهة تجاهلها للانقلاب الذي أقدمت عليه ضد الشرعية وما نجم عنه من الاستيلاء على جميع أسلحة الجيش ونهب لاحتياطيات البلاد من العملة الصعبة.
وسبق للجماعة الموالية لإيران أن رفضت كل مقترحات السلام التي طرحت خلال جولات التفاوض السابقة مع الحكومة الشرعية والتي رعتها الأمم المتحدة في كل من سويسرا والكويت قبل أكثر من عام، وخاصة فيما يتعلق بتسليم أسلحة الدولة المنهوبة والانسحاب من المدن الرئيسية وتسليم المؤسسات التي استولت عليها.
وتتمسك الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها لإنجاز أي اتفاق مع الميليشيا الحوثية بضرورة ارتكازه على المرجعيات المتوافق حولها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216، والقرارات الأخرى ذات الصلة.
على صعيد منفصل، واصلت الجماعة عمليات القمع والاختطاف بحق معارضيها في المناطق التي تسيطر عليها، إذ أكدت وسائل إعلامها أمس ما سبق تداوله من أنباء عن قيامها بشن حملات اختطاف في البيضاء وذمار ومناطق أخرى.
واعترفت النسخة الحوثية من وكالة (سبأ) بأن الميليشيات ألقت القبض على عدد من المواطنين في البيضاء، ونسبت إلى أجهزة الجماعة الأمنية قولها إن بعض المقبوض عليهم «تسللوا إلى المحافظة لتنفيذ أعمال تخريبية، والبقية الآخرين كانوا في طريقهم للالتحاق بمعسكرات الشرعية».
واتهمت الجماعة حزب «التجمع اليمني للإصلاح» بالقيام بتجنيد المقبوض عليهم لتنفيذ مهام متنوعة من بينها القتال في صفوف الشرعية ورصد تحركات الميليشيات الحوثية، وزرع عبوات ناسفة لاستهداف عناصرها.
إلى ذلك، أفاد سكان في محافظة تعز (جنوب) بأن الميليشيات قامت بتهجير السكان في منطقة «الحوجلة» والأحياء المجاورة لها شمال المحافظة، وأنها أمهلت الأهالي حتى أمس الخميس لمغادرة منازلهم بالتزامن مع تهديد بالقتل بحق الرافضين.
وكشف سكان المنطقة عن أن عددا من الأسر «بدأت النزوح من المنازل المجاورة لمسجد عيسى، وقامت الميليشيات باقتحامها والتمركز فيها وزرع الألغام في محيطها، تحسبا لاقتراب المعارك التي يخوضها الجيش الحكومي من المنطقة».
وعلى صعيد منفصل، شكلت الميليشيا الانقلابية مؤخرا، لجنة عليا تابعة لحكومة انقلابها للسيطرة والتحكم في المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية عبر مطار صنعاء وبقية المنافذ التي تسيطر عليها الجماعة، وذلك في سياق سعيها لتوجيه الدعم الإنساني لصالح عناصرها والموالين لها.
وتمنع الجماعة الانقلابية نشاط أي منظمة إنسانية في المحافظات التي تسيطر عليها دون موافقتها، في حين كشف التقرير الأخير لفريق الخبراء الأمميين عن جملة من العراقيل التي وضعتها الجماعة الحوثية أمام تدفق المساعدات الإنسانية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.