عون: نعول على صداقاتنا الدولية في ملف الحدود

زيارته إلى أرمينيا تمهد لتعاون اقتصادي في أربعة قطاعات

الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان واللبناني ميشال عون يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك في العاصمة الأرمينية يريفان أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان واللبناني ميشال عون يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك في العاصمة الأرمينية يريفان أمس (أ.ف.ب)
TT

عون: نعول على صداقاتنا الدولية في ملف الحدود

الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان واللبناني ميشال عون يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك في العاصمة الأرمينية يريفان أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان واللبناني ميشال عون يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك في العاصمة الأرمينية يريفان أمس (أ.ف.ب)

أكد الرئيس اللبناني ميشال عون تمسك لبنان بحدوده البرية والبحرية، وبحقه في الدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة، مشدداً على «أننا نعول على صداقاتنا الدولية للمساعدة في مواجهة هذه التهديدات وعدم تفاقم الأوضاع».
وجاء تصريح عون خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الأرميني سيرج سركيسيان بعد انتهاء المحادثات الرئاسية في يريفان. وأكد الجانبان تضامن البلدين استنادا إلى الثقة المتبادلة مع استمرار تعزيز وتعميق التعاون المتعدد الأوجه، فيما مهد لقائه برئيس الحكومة الأرمينية لتعاون اقتصادي بين البلدين في أربع قطاعات، هي العمل المصرفي والتكنولوجيا والاتصالات والزراعة والصناعة.
وأعلن عون أنه اتفق مع نظيره الأرميني على ضرورة إيجاد حلول سلمية للأزمات في الشرق الأوسط، وإيقاف آلة الحرب «لأن العنف لا يستجر إلا العنف والتطرف، وهذا ما برهنت عليه السنوات السبع الأخيرة منذ اندلاع الاضطرابات في منطقتنا». وأطلع سركيسيان على التحديات التي خلفتها الحرب في سوريا على الساحة اللبنانية، وعلى رأسها «تمدد تهديدات المنظمات الإرهابية وخلاياها إلى بلدنا، وغيره من بلدان المنطقة والعالم»، مؤكداً «نجاح لبنان في مواجهته لهذه التهديدات، والقضاء على الخلايا الإرهابية، وصون السلام والاستقرار في مجتمعنا». كما تطرق البحث إلى مشكلة النازحين السوريين والضغوط الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الناجمة عنها «نتيجة وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح فوق أراضي لبنان، مع عدم كفاية المساعدات الدولية لتغطية حاجاتهم». وتم التشديد في هذا الإطار على ضرورة العمل من أجل الوصول إلى توافق دولي يؤمن عودتهم إلى المناطق الآمنة في بلادهم والتي باتت تحت سيطرة الدولة السورية.
من جهته اعتبر سركيسيان أن الزيارة «ستعطي زخما جديدا لعلاقات الصداقة القائمة على روابط تاريخية متينة»، مؤكداً «تضامن بلدينا استنادا على الثقة المتبادلة وباستمرار تعزيز وتعميق تعاوننا المتعدد الأوجه»، لافتاً إلى «أولينا أهمية للحفاظ على الحوار السياسي الرفيع المستوى بين بلدينا كدفعة مهمة في التعاون المتبادل ذي المنفعة في جميع المجالات». وأعرب سركيسيان عن تقديره «لأهمية مساهمة لبنان العملية والفعالة في مكافحة الإرهاب والتطرف، ونثمن عاليا مساعداته الإنسانية للشعب السوري خلال هذه السنوات». وأعلن عن الاتفاق مع رئيس لبنان «على مواصلة الاحتكاك الأرمني - اللبناني النشط بنفس الروح وتحفيز التعاون في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك».
وبعدها، التقى عون رئيس مجلس النواب الأرميني آرا بابلويان حيث شدد على أن «لبنان بلد تعددي وحياتنا الاجتماعية والسياسية والوطنية تقوم على احترام حرية المعتقد للآخر وحق الاختلاف والرأي والتعبير عنه بحرية والتعلق بكياننا الوطني». وقال: «صحيح أننا متعددون في شعبنا، ولدينا تعدد مذهبي إسلامي ومسيحي، ولكن المسلمين بجميع مذاهبهم والمسيحيين بجميع مذاهبهم أيضا متعايشون بسلام، وحياتنا الاجتماعية والسياسية والوطنية تقوم على احترام حرية المعتقد للآخر وحق الاختلاف والرأي والتعبير عنه بحرية، والتعلق بكياننا الوطني. وقد اعتدنا عبر هذه المبادئ على العيش بهدوء والتفاهم».
وفي لقائه مع رئيس الوزراء الأرميني كارين كارابيتيان، أبلغه عون أن زيارته المقبلة لبيروت في 12 و13 مارس (آذار) المقبل، «سيتم تحضيرها بالتنسيق مع رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء المختصين لتكون زيارة منتجة وناجحة تعكس العلاقات اللبنانية - الأرمينية التي تشهد تطورا متزايدا يوما بعد يوم».
إن العلاقات السياسية الرفيعة المستوى يجب أن تنعكس على العلاقات الاقتصادية بين البلدين. هناك مجالات مهمة للاستثمار اللبناني في أرمينيا، والخط الجوي المباشر سيساهم في تعزيز هذه العلاقات، وهناك زيادة في التبادل التجاري، إلا أن النسبة تبقى قليلة، إذا ما قيست إلى ما يجمع بين بلدينا من علاقات».
وحدد كارابيتيان أربعة مجالات للتعاون بين البلدين، «الأول، القطاع المصرفي، حيث الخبرة اللبنانية مهمة جدا، والثاني، قطاع الصناعات الخفيفة، والثالث، قطاع الزراعة. أما القطاع الرابع، فهو في مجال الاتصالات والتقنيات التكنولوجية».
وأشار إلى أن «الفرص متوافرة لتبادل الخبرات والتعاون، وأمام رجال الأعمال اللبنانيين والأرمن فرص كافية للتداول والقيام بزيارات متبادلة»، مؤكدا أن «الشعب الأرميني حريص على استقبال اليد العاملة اللبنانية، لأن بين شعبينا الكثير من المحبة والصداقة. وكلي ثقة بأن اللبنانيين سوف يحبون أرمينيا والعمل فيها، وسنبذل جهدنا لملء الفجوة الناتجة عن ضعف العلاقات الاقتصادية، قياسا إلى العلاقات السياسية المتينة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.