مساعٍ للحكومة اليمنية لتجفيف الموارد المالية للانقلابيين

بائع يمني يعد بذوراً مملحة من اليقطين للبيع داخل متجر في سوق في الحي القديم بصنعاء (إ.ب.أ)
بائع يمني يعد بذوراً مملحة من اليقطين للبيع داخل متجر في سوق في الحي القديم بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

مساعٍ للحكومة اليمنية لتجفيف الموارد المالية للانقلابيين

بائع يمني يعد بذوراً مملحة من اليقطين للبيع داخل متجر في سوق في الحي القديم بصنعاء (إ.ب.أ)
بائع يمني يعد بذوراً مملحة من اليقطين للبيع داخل متجر في سوق في الحي القديم بصنعاء (إ.ب.أ)

اتخذت الحكومة اليمنية الشرعية عدداً من الخطوات الإجرائية في مسعى منها لتجفيف الموارد المالية التي تستحوذ عليها ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية في مناطق سيطرتها وتستخدمها في تمويل المجهود الحربي وشراء الأسلحة والإثراء غير المشروع لقادتها.
وشملت الإجراءات الحكومية الأخيرة قطاعي الاتصالات وصناعة «التبغ»، إذ عملت على تأسيس شركة «عدن نت» التي من المتوقع أن تبدأ نشاطها الشهر المقبل لتغطي كل المحافظات المحررة. وسيحرم انطلاق شركة الاتصالات الجديدة، الانقلابيين في صنعاء من مبالغ ضخمة كانوا يحصلون عليها لقاء التحكم المركزي في خدمة الاتصالات والإنترنت عبر المزود الرئيس للخدمة وهو شركة «تليمن».
وإلى جانب حرمان الميليشيات من هذه المبالغ فإن الحكومة الشرعية ستتخلص من سيطرة الحوثيين ونشاطهم التجسسي على الاتصالات والإنترنت في المناطق المحررة، وما يقومون به من تسخير هذا القطاع الحيوي ليصبح أداة من أدوات حربهم ضد الحكومة الشرعية.
وكشف أحدث تقرير للجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة والمعنية باليمن، أن الميليشيات الحوثية تجني من السيطرة على قطاع الاتصالات الحكومي في صنعاء ومن الضرائب المفروضة على شركات الاتصالات الخاصة نحو ربع مليار دولار سنوياً.
وعلى صعيد قطاع «صناعة التبغ» أمرت الحكومة الشرعية التي يترأسها أحمد عبيد بن دغر، باحتجاز واردات «التبغ» الخام التابعة لشركة «كمران» المختلطة بين القطاعين الحكومي والخاص، بعد وصولها إلى ميناء عدن، وهو ما أدى إلى وقف صناعة السجائر المحلية التي تتحكم بها الميليشيات الحوثية، بانتظار التوصل إلى تفاهم بين الشركة والحكومة الشرعية.
وكشف التقرير الأممي الذي أعده فريق الخبراء، أن عائدات صناعة التبغ تشكّل المورد الثاني بعد الاتصالات للميليشيات الحوثية، إذ تجني الجماعة الانقلابية من عائدات الضرائب التي تدفعها شركة «كمران» إلى جانب شركتين خاصتين، نحو 200 مليون دولار في العام الواحد.
كما أن الميليشيات عملت على إقالة مسؤولي شركة «كمران» المختلطة التي تملك فيها الحكومة الحصة الكبرى، وعيّنت خلفاً لهم موالين لها لتسهيل السيطرة على مبالغ ضخمة من عائدات الشركة لصالح أنشطة الجماعة ومجهودها الحربي.
وكشفت وثائق سرّبها ناشطون يمنيون في صنعاء أن جماعة الحوثي تحصّل من الشركة (كمران) لتمويل احتفالاتها الدعائية كل سنة نحو 100 مليون ريال يمني (الدولار يساوي حسب سعر الصرف الرسمي 380 ريالاً)، ناهيك بالمبالغ التي تستولي عليها الجماعة لأغراض أخرى.
وأمام التهديد الكلي بوقف نشاط الشركة التي تمتلك أصولاً ضخمة في مختلف المحافظات اليمنية، لجأ مسؤولون فيها إلى مخاطبة الحكومة الشرعية برسالة رسمية يتوسلون فيها أن توافق على إطلاق شحنة «التبغ» المحتجزة في ميناء عدن مقابل دفع الضرائب للحكومة الشرعية.
وحملت الرسالة التي وُجهت إلى رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، توقيع مسؤول التوريدات في الشركة، ما يعني اعترافاً ضمنياً منه بالحكومة الشرعية، رغم تبعيته الفعلية في صنعاء لأوامر الميليشيات الحوثية.
وتضمن الخطاب التزاماً من الشركة بدفع الإقرارات الضريبية شهرياً عن ضريبة المبيعات والمرتبات للمحافظات المحررة بدءاً من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بناءً على اتفاق تبرمه مع مصلحة الضرائب في مدينة عدن التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد.
وتجاوزت الشركة (كمران) في السنوات الأخيرة أنشطتها في صناعة السجائر إلى قطاعات استثمارية أخرى مثل قطاعي الإنشاءات والمقاولات والصناعات الخفيفة الأخرى.
وكانت السلطات في ميناء عدن قد قامت باحتجاز شحنة «التبغ» الأخيرة بناءً على توجيهات من رئيس الوزراء أحمد بن دغر، ووزير الصناعة والتجارة في الحكومة، تقضي بمنع وصول أي مواد تابعة للشركات الحكومية الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية قبل تسديد ضرائبها للمحافظات المحررة. وكانت منتجات الشركة من السجائر المحلية قد توقفت هذا الأسبوع وارتفعت أسعار المعروض المتبقي منها لدى تجار الجملة إلى نحو الضعف، ما أجبر كثيراً من المستهلكين إلى التوقف عن التدخين أو اللجوء إلى بدائل مهربة من السجائر الرخيصة التي تزخر بها السوق.
وتحاول الحكومة الشرعية تحسين إيراداتها وتحجيم الأموال التي تتدفق على الميليشيات الانقلابية، في سياق مسؤوليتها لتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة ودفع رواتب الموظفين الحكوميين وتحسين خدمات الكهرباء والمياه والصحة.
وكان رئيس الحكومة أحمد بن دغر قد غادر عدن الجمعة الماضية إلى الرياض بناءً على استدعاء من الرئيس عبد ربه منصور هادي، للتشاور معه حول مستجدات الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية.
والتقى بن دغر في الأيام الثلاثة الماضية عدداً من سفراء الدول الغربية المعنية بالشأن اليمني، في سياق المشاورات التي تجريها الحكومة تمهيداً لاستئناف المفاوضات المرتقبة مع الانقلابيين بالتزامن مع بدء مهام المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيثتس.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.