مجموعة الأزمات: تعزيز نفوذ الدولة في سنجار مفتاح لعودة الإيزيديين

اعتبر أن طرد {داعش} عزز السلام لكنه لم يحسن الوضع الاقتصادي والسياسي

TT

مجموعة الأزمات: تعزيز نفوذ الدولة في سنجار مفتاح لعودة الإيزيديين

أكد تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، نشر أمس، أنه على السلطات العراقية تعزيز نفوذها بوجه الفصائل المسلحة في منطقة سنجار، شمال غربي العراق، ما يتيح عودة الأقلية الإيزيدية التي تعرضت للاضطهاد على أيدي تنظيم داعش.
وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان «كيف يكسب العراق معركة ما بعد تنظيم داعش في سنجار»، أن «الاستقرار الكامل في سنجار لا يتحقق إلا من خلال عودة فاعلة للحكومة العراقية، ولعبها دور الوسيط بين الفصائل المختلفة، وإعادة الحوكمة المحلية، وفتح المسار أمام عملية إعادة الإعمار، وتأمين عودة النازحين، ووضع حد للتدخلات الأجنبية».
كان عدد الإيزيديين في العراق يبلغ 550 ألف نسمة قبل دخول تنظيم داعش، وقد هاجر نحو مائة ألف منهم، فيما فر آخرون إلى إقليم كردستان العراق الشمالي.
وأشار تقرير المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من بروكسل مقراً، وتعمل على وقف النزاعات الدامية في العالم، إلى أن «عدداً كبيراً من أعضاء (الطائفة) قتل، أو اختطف، أو اغتصب، أو استعبد، فيما فر الناجون إلى مخيمات» في إقليم كردستان.
ووفقاً للأمم المتحدة، تعرضت آلاف النساء والفتيات، خصوصا من الأقلية الإيزيدية، إلى انتهاكات مروعة في المناطق التي سيطر عليها التنظيم، كالاغتصاب والاختطاف والاستعباد الجنسي والمعاملة اللاإنسانية.
ونبّه تقرير مجموعة الأزمات إلى أن «الجهود المتزايدة لطرد تنظيم داعش من سنجار، التي بدأت في سبتمبر (أيلول) 2015، أتاحت عودة السلام، لكنها لم تحسن الوضع الاقتصادي والسياسي». وأردف التقرير أنه بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، فرض الحزب الديمقراطي الكردستاني سيطرته الفعلية على سنجار، من دون أن «يخفي طموحه بضم سنجار إلى كردستان، الأمر الذي قوبل بمعارضة إيزيدية».
وفقد الحزب الديمقراطي الكردستاني شعبيته إثر انسحاب قواته من سنجار أمام تقدم تنظيم داعش، ما دفع حزب العمال الكردستاني التركي إلى سد الفراغ الذي خلفه، وطرد المتطرفين بمساندة طيران التحالف الدولي. وتقاسم الحزبان، الديمقراطي الكردستاني والعمال الكردستاني، النفوذ في مناطق سنجار، إلى حين دخول قوات الحشد الشعبي، التي تضم فصائل مدعومة من إيران، وإخراجهم من المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) 2017.وترى مجموعة الأزمات الدولية أن على «بغداد استخدام أعضاء الإدارة المحلية التي عينها الحزب الديمقراطي الكردستاني (...) لأنهم يمتلكون المهارات اللازمة لإعادة عمل المؤسسات في سنجار». واقترحت المنظمة، من خلال هيئة المصالحة الوطنية (منظمة مستقلة تعمل بمساندة حكومية)، أن «تمهد بغداد لعودة السلطات المحلية والإدارية المؤلفة من إيزيديين، لتسهيل المساعدة الدولية في إعادة الإعمار، وتحسين آفاق عودة النازحين».
وتعتبر مجموعة الأزمات أن «الولادة الجديدة لمؤسسات محلية خاضعة لسلطة بغداد، ولكن باستقلال ذاتي كبير يستند إلى الدستور» العراقي، هو أمر ضروري لضمان مستقبل الإيزيديين في سنجار.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.