سباق الهجن... رياضة العرب الأصيلة

السعودية عززت مكانتها بتأسيس اتحاد خاص بها و«اعتماد بطولتين»

TT

سباق الهجن... رياضة العرب الأصيلة

اعتمدت الهيئة العامة للرياضة السعودية إطلاق بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين للهجن في الرياض، بداية من العام المقبل، وكذلك بطولة كأس ولي العهد للهجن في محافظة الطائف بداية من صيف العام الحالي، على أن تقام المسابقتان بشكل سنوي، كما ستعلن التفاصيل الكاملة والخاصة بهاتين البطولتين في وقت لاحق، يأتي هذا القرار من قبل تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة بعد أيام قليلة من تأسيس الاتحاد السعودي للهجن الذي يرأسه الأمير فهد بن جلوي بن عبد العزيز.
وتعتبر سباقات الهجن من الرياضات الأصيلة التي مارسها العرب في الجاهلية وقبل الإسلام وتوارثتها الأجيال حتى يومنا هذا، حيث ما زالت تحظى بعشق الأجداد وامتد هذا العشق إلى الشباب في وقتنا الحاضر على الرغم من الثورة الاقتصادية والحضارية، إلا أن هذه الرياضة لا تزال متمسكة بمكانتها وتثير الحماسة في نفوس الكبار والصغار في عصرنا الحديث، حيث تنظم في الدول العربية والخليجية على وجه التحديد كثير من السباقات والمهرجانات السنوية.
ويخضع سابق الهجن إلى قواعد صارمة من أهمها صفات الهجن المشاركة التي تنحدر من سلالات عربية أصيلة، ويعرفها العرب بأبناء أو بنات «النوق الأصايل»، حيث تمتلك هذه الفئة من الجمال صفات خاصة لا تتوفر في غيرها، من نحافة الجسم والرشاقة وخفة الحركة وقدرتها الكبيرة على تحمل التدريب الشاق، وهذا ما يؤهلها للعدو السريع، ومن قواعد السباق أيضاً، مبدأ التكافؤ في الأنواع والأعمار، حيث يكون هناك أشواط مستقلة لفئة النوق وأخرى للجمال، ويجب أن تتساوى الأعمار لتتساوى الفرص بين المتسابقين وتحقيق العدالة.
كما يحرص المنظمين والمحكمين في السباقات على فرز الهجن في فئات متجانسة، حيث تصنف حسب قدراتها في فئات، ولا تضم الهجن غير المعروفة قدرتها أو الجديدة على السباقات مع الهجن المشهورة وصاحبة الإنجازات والبطولات، غير أن هناك أشواطا مفتوحة يسمح فيها بالمشاركة لكل من يرغب في التنافس بهدف اكتساب الخبرة في مثل هذه البطولات والسباقات.
وتتشابه ميادين السباقات الخاصة بالهجن ميادين سباقات الخيول إلى حد كبير، وعادة ما تكون ميادين الهجن بيضاوية الشكل أول دائرية، وتتراوح أطوال السباق من 8 كلم وتصل إلى 22 كلم، ويجهز الميدان بأجهزة متابعة متطورة ودقيقة تثبت عند خط النهاية أمام المنصة الرئيسية لتصوير الهجن في اللحظات الحاسمة وتحديد الفائز بالسباق الذي غالباً لا يتعدى دورة واحدة.
ويسمى راكب الهجن «الركبي» وهو فتى لم يتجاوز سن الخامسة عشرة ويجب أن يكون خفيف الوزن حتى لا يفقد الجمل لياقته أثناء العدو بسبب ثقل وزن «الركبي» ويستوجب على الراكب أن يكون ملماً متدرباً وملماً بقواعد السباق، بيد أن السنوات الأخيرة شهدت استحداث «الركبي» الآلي الذي لا يتجاوز وزنه 4 كلم كي لا يخسر الهجن كثيرا من وزنه مقابل الحفاظ على لياقته.
وتخضع الهجن المشاركة في السباقات لمراحل متعددة من التدريب تحت إشراف مختصين في هذا المجال، وتعد المرحلة الأولى هي أصعب المراحل وأطولها، حينما يتم ترويض الجمل بطريقة ربطه، وبعدها يثبت على ظهر الجمل «شدادا» وهو قطعة من الخشب تمتد من رقبته إلى سنامه، حتى يستقر ويهدأ طبعه، قبل أن يربط في جمل آخر مروض من قبل وتبدأ مرحلة الركوب، وآخر مراحل التدريب بالجري السريع على مسافات مختلفة ويمنح فيها الهجن من قبل المدرب مزيد من الرفاهية بشرب الحليب إطعامه كميات وفيرة من البرسيم.
ويطلق العرب على الذكور من الإبل اسم «قعود» حتى بلوغها سن الخامسة، ويسمى بعدها «الزمول»، فيما تسمى الإناث وحتى عمر الخمس سنوات «بكرة» وبعد سن الخامسة تسمى «الحول»، ومن هنا تأتي أسماء سباقات الهجن، فشوط الثنايا البكار تشارك فيه الإناث، وتشارك الذكور «الزمول» التي يزيد عمرها على خمس سنوات في أشواط «الزمول» كما أن هناك أشواطا يسمح فيها بالمشاركة بين الفئتين، لكن غالباً ما تكون «الزمول» في سباق مستقل، و«الحول» في سباق آخر، كما يسمح للهجن دون سن الخامسة «القعود» المشاركة في سباقات «الحول» الإناث.
وتحتل الجمال مكانة في نفوس العرب وخصوصاً الخليجيين، حيث تعد أكثر الحيوانات التصاقاً بملكها، ونشأت منذ قديم الزمان قصص حب وغرام بين أصحاب ورعاة الإبل معها، ونظموا فيها أبيات الشعر التي تؤكد أن الجمال من أوفى الحيوانات لأصحابها، ويضرب فيها المثل بالوفاء والصبر، وتعرف الإبل صاحبها من بين ملايين البشر وتستجيب لصوته، وتتمايل على «هجينه» فذاكرة الجمال فولاذية مهما طال بها الزمن، لا يمكن أن تنسى من أحسن أو أساء إليها.
كما تعرف صاحبها من مسافات بعيدة وتعدو نحوه مطلقة صوتها المعتاد الذي أشبه ما يكون بعبارات ترحيبية، وتقترب منه وتحك رأسها بجسمه وتشتم رائحته، حتى إن الجمال تصدر أصوات «الرغاء» وهو البكاء وتذرف الدموع عندما تفقد صاحبها، وتصل إلى درجة الإضراب عن الأكل والشرب حتى الوفاة في حال فقدت من تحبه، هذه الصفات التي قلما تتوفر في حيوان آخر، جعل منها صديقة وحبيبة لكثير من الذين فتنوا بعشقها.
من جانبه، عبر الأمير فهد بن جلوي رئيس الاتحاد السعودي لرياضة الهجن عن خالص امتنانه لتركي آل الشيخ رئيس الهيئة الرياضية السعودية بإقامة البطولتين السنويتين باسم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، معبراً عن اعتزازه وجميع المهتمين برياضة سباقات الهجن بما تحمله من مسمى غال على الجميع يؤكد العناية والاهتمام الذي تجده الرياضة بشكل عام ورياضة الهجن بشكل خاص من قبل القيادة السعودية، مشيراً إلى حرص اتحاد الهجن على إقامة مثل هذه البطولات الكبرى وبما يعكس مكانتها وما تحمله من إرث تاريخي يجسد حضارة وعراقة سباقات الهجن في المملكة على مر العصور.
يذكر أن السعودية افتتحت مؤخراً النسخة الأولى من مهرجان الهجن على جائزة الملك عبد العزيز، وشهدت منافسات السباق توافد أكثر من 600 ألف زائر من بينهم سفراء ووزراء سجلوا إعجابهم بما شاهدوه من التراث العربي الأصيل في هذه المسابقات، كما تشهد السعودية انتعاش بورصة مزاد الإبل مع انطلاق مهرجان الملك عبد العزيز وسجلت 400 صفقة، وبلغ متوسط المبايعات عشرين صفقة يوميا، لملاك الإبل والمهتمين بها في دول الخليج.
كما يهتم مهرجان الملك عبد العزيز بمسابقة مزايين الإبل، التي تحظى باهتمام بالغ في الأوساط الخليجية وتصل فيها القيمة السوقية لهذه الإبل إلى أرقام فلكية تتجاوز الخمسين مليون ريال، وتحتدم المنافسة في الفوز بلقب المركز الأول بين «المزايين» كما يحدث تماماً في الساحة الكروية الرياضية، وتطلق عدد من التصاريح قبل إعلان النتائج النهائية.
حيث يبرز عدد من الأسماء بين ملاك هذه الإبل، ويعدون العدة لخوض هذه المسابقة في وقت باكر، ولا تقتصر المشاركة في هذا السباق على السعوديين، إذ يدخل في المنافسة الأسماء المعروفة على المستوى الخليجي من الإماراتيين والكويتيين والبحرينيين والعمانيين، ينفقون فيها أموالا طائلة من أجل الحصول على الإبل التي تتميز عن غيرها بمواصفات تضمن لهم دخولها بالمنافسة الشرسة على الفوز بالمركز الأول في سباقة «مزايين» الإبل.



رئيس الاتحاد الآسيوي: السعودية قادرة على تنظيم نسخة تاريخية من كأس العالم

سلمان بن إبراهيم آل خليفة (أ.ف.ب)
سلمان بن إبراهيم آل خليفة (أ.ف.ب)
TT

رئيس الاتحاد الآسيوي: السعودية قادرة على تنظيم نسخة تاريخية من كأس العالم

سلمان بن إبراهيم آل خليفة (أ.ف.ب)
سلمان بن إبراهيم آل خليفة (أ.ف.ب)

هنّأ الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي للعبة (فيفا)، المملكة العربية السعودية بنيلها شرف تنظيم نهائيات كأس العالم 2034.

ووفقاً لوكالة الصحافة الألمانية، أكّد آل خليفة، خلال تصريحاته التي نقلها الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، «أن اختيار المملكة لتنظيم الحدث العالمي الكبير يعدّ منجزاً باهراً للقارة الآسيوية بأسرها».

وشهد رئيس الاتحاد الآسيوي، من العاصمة السعودية الرياض، اجتماع الجمعية العمومية غير العادي لـ«فيفا»، الذي عقد اليوم (الأربعاء) عبر تقنية الاتصال المرئي، وتم خلاله الاعتماد الرسمي لفوز السعودية بتنظيم نهائيات كأس العالم 2034.

وقال آل خليفة: «يسعدني أن أتوجه بالتهنئة الخالصة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على نيل هذا الإنجاز الذي يترجم مكانة السعودية المرموقة على الخريطة الدولية، ويؤكد ثقة الأسرة الكروية العالمية بقدرات المملكة الهائلة لاستضافة البطولة عطفاً على نجاحها الكبير في تنظيم كثير من الأحداث الرياضية الدولية خلال السنوات القلية الماضية».

وأضاف: «ننظر بعين التقدير والإعجاب للجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة في تقديم ملف استضافة كأس العالم، الذي ينسجم مع (رؤية السعودية 2030)، ونخصّ بالذكر جهود وزير الرياضة الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وجهود الاتحاد السعودي لكرة القدم، برئاسة ياسر المسحل، بالإضافة إلى كافة العاملين في ملف مونديال 2034، الذين عكسوا صورة مشرقة عن قدرات أبناء المملكة».

وشدّد الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة: «قدّمت المملكة العربية السعودية ملفاً متكاملاً لتنظيم نهائيات كأس العالم 2034، وقد نال هذا الملف التقييم الأعلى في تاريخ ملفات نهائيات كأس العالم عبر تاريخها الطويل، ما لا يدع مجالاً للشك بقدرة السعودية على تنظيم نسخة تاريخية من البطولة، بفضل ما تمتلكه من بيئة تنظيمية مثالية، وبنية تحتية عالية الجودة، وكوادر بشرية محترفة، وشغف كروي لا حدود له».

وأكّد آل خليفة «أن تنظيم السعودية لنهائيات كأس أمم آسيا 2027 يمثل محطة مهمة من محطات الاستعداد لاستضافة مونديال 2034»، مبيناً «أن الحدث القاري سيسهم في رفع الجاهزية، من خلال الوقوف على مختلف أركان العملية التنظيمية، للوصول إلى أعلى درجات التحضير لاستضافة كأس العالم».

وأوضح رئيس الاتحاد القاري: «أسرة الكرة الآسيوية وقفت مع السعودية منذ إعلانها العام الماضي عن نية الترشح لاستضافة مونديال 2034، واليوم بعد الإعلان الرسمي عن إسناد تنظيم البطولة للمملكة، فإننا نجدد وقوفنا إلى جانب السعودية لتنظيم نسخة لا تنسى من كأس العالم، وذلك من خلال تسخير كافة الإمكانات المتاحة لدعم المملكة، معربين عن ثقتنا التامة بقدرتها على تشريف آسيا في تنظيم بطولة عالية الجودة تجلب الفخر لكل القارة الآسيوية».