بوتفليقة يدعو إلى تنشيط اتحاد المغرب العربي

قال إن بلاده لا تزال متمسكة ببنائه كخيار استراتيجي

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (رويترز)
TT

بوتفليقة يدعو إلى تنشيط اتحاد المغرب العربي

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (رويترز)

قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في رسائل وجهها أمس إلى قادة دول المغرب العربي، إن بلاده «لا تزال متمسكة ببناء المغرب العربي كخيار استراتيجي ومطلب شعبي»، علماً بأنه لم يعد تقريباً أي وجود لـ«اتحاد المغرب العربي» كهياكل منذ أغسطس (آب) 1994، تاريخ تنظيم آخر قمة للقادة المغاربيين في تونس. ويعود سبب جمود «الاتحاد» إلى الخلاف الجزائري - المغربي حول نزاع الصحراء، الذي يسمم العلاقات بين البلدين.
وذكر بوتفليقة، في رسالته إلى ملك المغرب محمد السادس، التي نشرتها وكالة الأنباء الحكومية، وجاءت بمناسبة مرور 29 سنة على «معاهدة مراكش»، التي أسست «الاتحاد»، أن الجزائر «حريصة على النهوض بمؤسسات الاتحاد، وتنشيط هياكله، بما يمكن من الذود عن المصالح المشتركة لبلدانه».
وقال أيضاً «جلالة الملك وأخي المبجل، يسعدني عشية الاحتفال بالذكرى التاسعة والعشرين لتأسيس اتحاد المغرب العربي أن أزف إليكم، باسم الجزائر شعباً وحكومة وأصالة عن نفسي، خالص التهاني مقرونة بأطيب التمنيات، سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يكرمكم وكافة الأسرة الملكية الشريفة بدوام الصحة والهناء، ويحقق للشعب المغربي الشقيق التقدم والازدهار في كنف قيادتكم الرشيدة».
وأضاف بوتفليقة موضحاً أن «هذه الذكرى التاريخية، سانحة نستذكر فيها ما يربط الشعوب المغاربية من أواصر الأخوة والتضامن وحسن الجوار، وما تتقاسمه من الثوابت الحضارية السامية والمصير المشترك، وهي محطة تفرض علينا تقييم مسيرة الاتحاد المغاربي، وتطوير منظومة العمل القائمة، وتكييفها وفقاً لمقتضيات الظروف الراهنة، بما يسهم في تعزيز صرح الاتحاد ودعمه»، مشيراً إلى أن الجزائر «تريد تجديد أنفاس مؤسسات الاتحاد المغاربي، بما يمكن دولنا من الذود عن مصالحها المشتركة ومغالبة التحديات المتنامية، والاستجابة لطموحات وتطلعات كل الشعوب المغاربية إلى المزيد من الوحدة والتكامل والاندماج».
وجرت العادة كل عام أن يخاطب بوتفليقة نظراءه بالمغرب العربي بخصوص الموضوع نفسه، لكن لا شيء تحقق. ويعود السبب، بحسب بعض المراقبين، إلى استمرار التراشق بين أكبر جارين بالمنطقة حول نزاع الصحراء. فالجزائر تدعم فكرة استقلال الصحراء، بينما تتمسك الرباط بمشروع «الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية».
يشار إلى أن الحدود بين البلدين مغلقة منذ قرابة 24 سنة، على خلفية مقتل سياح غربيين في هجوم إرهابي على فندق بمراكش، قالت السلطات المغربية إنه «من تدبير مخابرات الجزائر». واتهم بوتفليقة الرباط عام 1999 بـ«احتضان» جماعة متطرفة قتلت جنوداً بجنوب غربي الجزائر. وقد أدخلت الحادثتان العلاقات الثنائية في نفق مظلم.
وفي رسالة إلى الرئيسين الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والتونسي باجي قايد السبسي، قال بوتفليقة إن الذكرى «محطة لتقييم مسيرة الاتحاد بموضوعية، بغية تطوير منظومة العمل القائمة لمواكبة المستجدات الراهنة، وهي أيضاً سانحة نستحضر فيها ما يجمع الشعوب المغاربية من وشائج القربى، وأواصر الأخوة والتضامن وحسن الجوار، وما يوحدها من ثوابت حضارية عمادها اللغة والدين والمصير المشترك. فضلاً عن كونها محطة تستدعي الوقوف على مسيرة الاتحاد وتقييمها بصفة شاملة، حتى يصبح الاتحاد المغاربي تجمعاً فاعلاً في محيطه الإقليمي والدولي».
ورفع بوتفليقة أيضاً رسالة إلى فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني بليبيا، حملت الدعوة نفسها.
يُشار إلى أنه جرت عام 2005 محاولة لالتئام قمة مغاربية بطرابلس، بغرض نقل الرئاسة الدورية لـ«الاتحاد» إلى ليبيا. غير أنها ألغيت عشية انعقادها بسبب تبادل تصريحات حادة بين الجزائر والمغرب، دائماً حول أزمة الصحراء. ومعروف أن الجزائر تعيب على فرنسا «دعمها اللامحدود» للحل الذي يطرحه المغرب لحل النزاع. وفي 2010 لوحظ تقارب لافت ميز علاقات الجزائر والرباط على خلفية اتفاق ثنائي حول تبادل زيارات على مستوى وزاري يكون مدخلاً لترتيب ظروف فتح الحدود البرية المغلقة منذ صيف 1994. وبدأت زيارات وزارية فعلاً، لكنها توقفت فجأة للأسباب نفسها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.