الأنبار تحلم بنفض غبار «داعش» بعد أكثر من سنة على تحريرها

أكثر من 90 ألف وحدة سكنية متضررة... والتعويضات «غير عادلة»

منزل مدمر في الرمادي (أ.ف.ب)
منزل مدمر في الرمادي (أ.ف.ب)
TT

الأنبار تحلم بنفض غبار «داعش» بعد أكثر من سنة على تحريرها

منزل مدمر في الرمادي (أ.ف.ب)
منزل مدمر في الرمادي (أ.ف.ب)

تشكو السلطات المحلية والسكان في محافظة الأنبار العراقية، على حد سواء، من عدم انطلاق حملة إعمار شاملة على رغم مرور أكثر من سنة على تحرير أغلب مدنها من قبضة «داعش».
وخلفت الحرب ضد التنظيم المتطرف أضراراً فادحة في البنى التحتية والمباني الحكومية، إلى جانب تهدم آلاف الوحدات السكنية. ويشكو معظم السكان الذين تضررت منازلهم بفعل الحرب أو تعرضت للتدمير من قبل عناصر «داعش»، من أن نسب التعويض التي حددها القانون «لا تتناسب مع حجم الأضرار التي تعرضت لها منازلهم أو تعادل سعرها الحقيقي في سوق البناء والعقارات».
ويقول عضو محافظة الأنبار أركان الطرموز لـ«الشرق الأوسط» إن «المحافظة تعاني من نقص حاد في الموارد، وهناك أكثر من 90 ألف وحدة سكنية متضررة جزئياً أو كلياً». ويشير إلى أن أغلب السكان المتضررة منازلهم يعانون من «قلة» التعويضات المالية التي يحصلون عليها من الحكومة، ذلك أن القانون «يقر أساساً 50 في المائة من قيمة التعويض، وذلك يعني أن نصف قيمة المنزل لا تعوض، إلى جانب الظلم الذي تمارسه لجان التعويض، حيث لا توجد معايير دقيقة لمعرفة ثمن المنزل والمبلغ اللازم لإصلاحه».
ويضرب الطرموز مثالاً على «عدم عدالة» مبالغ التعويض، قائلاً: «تعرض منزل القاضي رئيس استئناف الأنبار إلى التدمير، فقررت لجنة التقدير أن سعره يبلغ 500 مليون دينار. ونصف هذا المبلغ الذي يقره قانون التعويض 250 مليونا، لكنه لم يحصل إلا على 50 مليون دينار فقط».
ويلفت الطرموز إلى وجود اعتقاد واسع في الأنبار يربط بين عودة النازحين المرتبطة بشكل أساسي بإعادة إعمار المنازل وبين تحقيق الاستقرار في المحافظة لأن «الإعمار يعني عودة الأهالي... والحكومة لا تقوم حتى الآن بما يجب. المحافظة بحاجة إلى ملياري دولار لتعويض المنازل فقط، والمشكلة أننا لم نتسلم نصف أموال موازنة 2017 البالغة 17 مليارا، ولا نعلم كم المبلغ المخصص لنا في السنة الحالية».
ويشبه قائمقام مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، إبراهيم الجنابي قانون تعويض منازل المتضررين بقانون «اجتثاث البعث». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن القانون الأخير «اجتث أشخاصاً، وقانون التعويضات يجتث منازلهم، لأنه لا يعطي إلا نسبة ضئيلة جداً من سعر المنزل الحقيقي».
ويرى أن الحكومة والبرلمان «لم يقوما بواجبهما تجاه المحافظة رغم تصويت مجلس النواب على قرار اعتبار المحافظة منكوبة». وكشف عن أن «نسبة الأضرار التي طالت البنى التحتية بلغت نحو 85 في المائة من المدينة».
وفي التفاصيل، أوضح الجنابي أن «65 ألف وحدة سكنية دمرت، منها 45 ألف متضررة بشكل جزئي و12 ألف وحدة سكنية متضررة بالكامل» في الرمادي وحدها. وأضاف: «دمرت غالبية محطات الطاقة الكهربائية وتهدمت مائتا مدرسة من مجموع 425. إضافة إلى تدمير 13 جسراً، والقضاء شبه الكامل على الثروة الزراعية والحيوانية التي كانت تقدر بنحو 350 ألف رأس غنم و35 ألف بقرة، أغلبها هربت باتجاه سوريا، إضافة إلى تضرر الأراضي الصالحة للزراعة والبساتين نتيجة إهمالها لثلاث سنوات».
ولفت إلى أن «غالبية المساعدات التي حصلت عليها الأنبار من منظمات أممية وعربية ساهمت في إعادة إعمار بعض المنازل، إلى جانب نجاح الدولة في إعادة إعمار 3 جسور فقط». لكنه اعتبر ذلك «حلولاً ترقيعية لا تساعد في إعادة الأعمار بشكل فعال، كما لم تساعد على عودة جميع الأهالي» الذين ما زال أكثر من مائة ألف منهم خارج المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.