عزيمان: المغرب أضحى أكثر اهتماماً بأنظمة التتبع والتقييم بعد دستور 2011

الاتحاد الأوروبي يدعم الرباط في تقييم السياسات العمومية

TT

عزيمان: المغرب أضحى أكثر اهتماماً بأنظمة التتبع والتقييم بعد دستور 2011

قال عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب، ومستشار الملك محمد السادس، إن رهان المملكة منذ إقرار دستور سنة 2011 «لم يعد ينحصر في إعداد وبرمجة وتمويل سياسات عمومية منسجمة»، مؤكداً على أن الاهتمام «أضحى منصباً أكثر على تصور الأنظمة الضرورية للتتبع والتقييم».
وأضاف عزيمان خلال افتتاح ندوة حول موضوع «تقييم السياسات العمومية في مجال التربية»، نظمت أمس بالرباط، أن هذا الاهتمام يأتي من أجل «قياس النتائج، ومدى تأثيرها في النمو الاجتماعي والاقتصادي وانعكاساتها على تطلعات المجتمع وعلى المعيش اليومي للمواطنين»، مؤكدا أن عملية التقييم «لم تعد مرتبطة فقط بقياس النتائج أو الانعكاسات، بل أصبحت تقوم بدور متزايد في تعبئة الفاعلين، وفي تحسيس الدوائر المعنية والجمهور الواسع بأهداف ونتائج السياسات العمومية».
وشدد عزيمان على القول إن المجلس الأعلى للتربية والتكوين «مدعو إلى تحمل مسؤوليته الجسيمة المتمثلة في مباشرة مختلف أشكال التقييم الدوري والمنتظم والشمولي، والموضوعاتي والقطاعي لتفعيل الإصلاح، من حيث سيرورته وتحقيق أهدافه، ونتائجه وانعكاساته على مكتسبات التلاميذ وعلى فرص الإدماج المهني للطلبة».
وزاد عزيمان موضحا أن رهان التقييم «عملية معقدة، تقتضي الاستجابة لقواعد دقيقة، ومراعاة معايير موضوعة مسبقا»، مشددا على أن القائم على التقييم يتطلب أن يتوفر على «مستوى عال من الكفاءة والتجرد والتجربة، ودرجة كبيرة من الموضوعية والحياد والاستقلالية»، معتبرا أن الندوة «فرصة لتبادل الآراء وتقاسم المعلومات والأفكار والمقاربات حول الممارسات النموذجية في هذا الميدان».
من جهته، قال محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، إن المغرب وعلى الرغم من تخصيص مبالغ ضخمة لقطاع التربية والتعليم فإن القطاع «ما زال لا يقدم النتائج المطلوبة ولا يلبي طموحات البلاد في هذا المجال»، مشددا على أن بلاده تخصص «6.5 من الناتج الداخلي الخام، في حين أن فرنسا تخصص 5.5». وزاد مبيناً أن هذا الرقم يفوق المعدل العالمي المحدد في 4.8 من الناتج الداخلي الخام.
واعتبر المسؤول الحكومي أنه رغم ارتفاع حجم الإنفاق الذي يفوق المعدل العالمي، فإنه يبقى «غير كاف لتحقيق الإقلاع المطلوب»، مسجلا أن الحكومة عمدت إلى الرفع من ميزانية التعليم في موازنة 2018 بـ8 في المائة في إجمالي المبالغ المخصصة للقطاع، لتتجاوز 100 مليار درهم، (أزيد من 10 مليارات دولار).
كما أفاد وزير الاقتصاد والمالية المغربي في افتتاح الندوة التي تستمر أشغالها حتى اليوم الأربعاء، بأن هذا الوضع يتطلب بذل مزيد من الجهود على مستوى آليات التقييم والتتبع، مؤكدا أن الحكومة تعتبر ملف التعليم من «أولوية الأولويات بعد قضية الوحدة الترابية للبلاد».
وشهدت الندوة إطلاق مشروع توأمة مؤسساتية بين الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين المغربي، والمركز الدولي للدراسات البيداغوجية (CIEP) بفرنسا، وذلك بهدف تقوية كفاءات الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس في مجال تقييم السياسات العمومية في التربية والتكوين والبحث العلمي.
ويدخل المشروع ضمن برنامج «إنجاح الوضع المتقدم للمغرب»، الممول من طرف الاتحاد الأوروبي، والذي سيتم من خلاله تعبئة مجموعة من الخبراء والمؤسسات الفرنسية، لدعم المغرب في مجال تقييم وتتبع السياسات العمومية في مجال التربية والتعليم. كما يرتقب أن تعرف الندوة، التي حضر جلستها الافتتاحية ممثل عن بعثة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، والسفير الفرنسي بالرباط جون فرنسوا جيرو، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الذين سيقدمون مداخلات علمية ستقارب «منهجيات تقييم السياسات العمومية في كل من أوروبا وفرنسا والمغرب، وتبادل الآراء حول الممارسات النموذجية في مختلف أنظمة التقييم الأوروبية».
ومن المتوقع أن تخرج الندوة بجملة من التوصيات، التي من شأنها أن تسهم في تقوية كفاءات الهيئة الوطنية للتقييم، من خلال برنامج للمواكبة، يمتد لستة أشهر، وذلك في إطار التوأمة المؤسساتية المعلنة، في برنامج «إنجاح الوضع المتقدم» للمغرب مع الاتحاد الأوروبي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.