سباق على إعادة إعمار سوريا بانتظار حل للأزمة

روسيا تزاحم إيران... مصر تخشى تفويت الفرصة والهند والصين تنتظران

TT

سباق على إعادة إعمار سوريا بانتظار حل للأزمة

يستعد وفد من رجال الأعمال المصريين يمثلون نحو 20 شركة لزيارة دمشق نهاية الشهر الحالي، وفق ما أعلنته جمعية رجال الأعمال المصريين، في وقت أكدت فيه روسيا مشاركة شركة «تكنوبروم اكسبورت» الروسية في إعادة بناء 4 محطات سورية للكهرباء، وفق الاتفاق الذي تم توقيعه أخيراً بين روسيا وسوريا للتعاون في مجال الطاقة خلال العام الحالي وما بعده، وقالت القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية الروسية، إنه «سيتم التنفيذ المرحلي للمشاريع المهمة استراتيجياً لاستعادة وتحديث وبناء مرافق الطاقة الجديدة في سوريا».
وفتح الوجود العسكري الروسي في سوريا باب المنافسة بين إيران وروسيا، فبينما كانت إيران تستحوذ على الحصة الأكبر من عقود الكهرباء، لا سيما تغذية محافظتي حلب وحمص، إضافة لتوقيع اتفاقيات مهمة في مجالات الزراعة والصناعة والنفط والاتصالات والثروة الحيوانية والمواصلات والاتصالات والصحة والتعليم والطاقة، بدأت روسيا تزاحمها منذ 2015 بالحصول على عقود كبرى، خصوصاً في قطاعات النفط والتنقيب عن الغاز والصناعات الغذائية واستغلال الفوسفات.
حيال هذا التنافس تتطلع دول أخرى إلى انتهاز الفرص للمساهمة في إعادة الإعمار، كمصر، قبل فوات الأوان، فقد كشف فتح لله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين في تصريح صحافي، أن وفداً من رجال الأعمال المصريين يمثلون 20 شركة سيزور دمشق نهاية الشهر الحالي، «لبحث فرص إعادة الإعمار» في سوريا.
وكانت جمعية رجال الأعمال المصريين قد طالبت بالتواصل مع النظام السوري، لا سيما وقد بدأت شركات مصرية بإعداد دراسات حول حجم المشاريع والأعمال المتاحة ووضع مخططات. إلا أن أي مشاركة مصرية في إعادة الإعمار تتطلب توفير الأمن للشركات والعاملين، إضافة إلى توفير المعدات اللازمة من قبل الجانب السوري، ويعمل الجانب المصري على دراسة مقترحات تفيد بتأسيس كيان مشترك للشركات المصرية يضم كل المشاركين في سوريا تحت مظلة واحدة وهيكل إداري واحد.
ومع أن وزارة التجارة والصناعة المصرية سبق وأطلقت دعوات واسعة النطاق للشركات المصرية للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، بعد طرد تنظيم داعش، فإن الجهود والمساعي في هذا الخصوص لا تزال قيد البحث وفي مرحلة الاستعداد لانتهاز الفرص فور التوصل إلى حل للأزمة السورية، في حين أن النظام السوري يروج لتلك الأفكار والجهود كأمر بدأ بالتحقق.
فالمشاركة المصرية في معرض دمشق الدولي في أغسطس (آب) 2017 بحضور 30 شركة مصرية، كانت لعرض الدور الممكن أن يلعبه قطاع الأعمال الخاص المصري في إعادة الإعمار بسوريا. وهو ما تعمل نقابة المهندسين المصريين على بحث إمكانياته وترويجه، لا سيما بعد لقاء وفد من النقابة مع رئيس النظام بشار الأسد قبل نحو عام. وتتوقع النقابة أن يشهد عام 2018، ازدهاراً ودوراً مؤثراً لشركات البناء المصرية في سوريا، وبما يفتح دوراً لشركات أخرى في مجالات الطاقة ومواد البناء والصلب وغيرها. وحسب تقديرات نقابة المهندسين المصريين، ستكلف إعادة بناء سوريا 500 مليار دولار. وتطمح مصر إلى الحصول على حصة منها بنسبة تتراوح بين 20 في المائة و25 في المائة أو ما بين 100 مليار و125 مليار دولار. لكن ما زال الهاجس الأمني يقف عائقاً أمام هذا الطموح، فرغم كل محاولات النظام السوري وجهود وزارة السياحة التابعة له للتأكيد على عودة «الأمن والأمان» إلى كل المناطق التي يسيطر عليها النظام، من خلال حملات الدعاية والإعلان والعلاقات العامة، لا تزال القذائف تتساقط على أحياء دمشق وتحصد أرواح المدنيين وتخرب ممتلكاتهم، ناهيك بالعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على النظام السوري التي تعيق استيراد كثير من المواد والمعدات اللازمة لإعادة الإعمار.
ولا تزال الدول التي أعلنت رغبتها في المساهمة بإعادة الإعمار كالهند والصين، تترقب ما يجري على الساحة السورية مشترطة تحقق الأمان للتقدم بخطوات فعلية، فالسفير الهندي في دمشق، مان موهان بانوت، صرح قبل أيام لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، بوجود «رغبة مشتركة بين سوريا والهند للتعاون بفاعلية في مرحلة إعادة الإعمار»، وربط ذلك مع «عودة الاستقرار»، مؤكداً أن سوريا «ستشهد خلال الأشهر المقبلة زيارات وفود هندية واجتماع مجلس الأعمال السوري - الهندي».
من جانبه، أكد المبعوث الصيني الخاص لدى سوريا شيه شياو يان، على هامش مشاركته في مؤتمر سوتشي، أن بكين مستعدة للمشاركة في «إعادة إعمار سوريا بعد الحرب»، مشدداً على أن هناك «حاجة ملحة إلى حل القضية السورية»، فالحرب على الإرهاب «ما زالت قائمة ولم تنتهِ بعد».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.