حلفاء للنظام السوري يتحدثون عن «مرحلة جديدة» ويهددون بـ«رد قاس»

TT

حلفاء للنظام السوري يتحدثون عن «مرحلة جديدة» ويهددون بـ«رد قاس»

تحدث «حزب الله» اللبناني، أمس، عما سمّاها «مرحلة استراتيجية جديدة» في سوريا عقب إسقاط طائرة «إف16» إسرائيلية كانت تشارك في ضربات على مواقع إيرانية وأخرى للنظام السوري، في وقت هدد فيه حلفاء للنظام السوري بـ«رد قاس وجدي» على تل أبيب. وسارعت طهران على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي إلى نفي أي دور لها في إسقاط المقاتلة الإسرائيلية، قائلة إن دفاع سوريا عن نفسها «حق مشروع»، فيما لوحظ أن نائب قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي نفى إسقاط إسرائيل طائرة «درون» إيرانية، علما بأن الإسرائيليين وزعوا صورا لها وقالوا إنها باتت بحوزتهم. وبررت تل أبيب ضربها 12 موقعا على الأراضي السورية، أمس، بخرق «الدرون» الإيرانية مجالها الجوي.
وقال بهرام قاسمي، أمس، في أول رد من الخارجية الإيرانية على التطورات السورية، إن المزاعم الإسرائيلية بإسقاط «درون» إيرانية «كاذبة» و«مثيرة للسخرية» و«لا تستحق الرد»، مشددا في الوقت نفسه على أن «إيران حضورها (في سوريا) استشاري بالأساس وبطلب من الحكومة الشرعية والقانونية في هذا البلد»، بحسب رأيه. ولفت قاسمي إلى أن طهران «ترى أن الدفاع (عن النفس) حق مشروع لسوريا»، مضيفا أن «المسؤولين الإسرائيليين ينشرون ادعاءات كاذبة ضد الدول الأخرى، بهدف التستر على جرائمهم».
بدوره، حرص نائب قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، على أن يلتزم بالإطار الدبلوماسي للخارجية الإيرانية حول ما يتعلق بالحضور الإيراني في سوريا ومزاعم إسقاط «الدرون» الإيرانية. وبعدما اتهم الإسرائيليين بـ«الكذب»، وتوعدهم بـ«جحيم إيراني» إذا ما قررت طهران ذلك. ومع ذلك، رهن سلامي تأكيد خبر إسقاط «درون» إيرانية بصدور تأكيد من حكومة دمشق، رافضا تأكيد صحة خبر «مصدره إسرائيل»، على حد تعبيره.
ونقلت وكالة «تسنيم» عن سلامي قوله أمس: «ليس لدينا وجود عسكري في سوريا، وإنما وجودنا في هذا البلد استشاري، حيث إن حضور الجيش السوري للدفاع عن أراضيه يكفي لذلك». وأشار سلامي، في تصريحاته، إلى مواقف سابقة للمرشد الإيراني علي خامنئي، مكررا أن إيران «تعمل على زوال إسرائيل في أقل من 25 عاماً».
وتستخدم إيران تسمية «استشارية» لوصف حضورها العسكري في سوريا. وتشير تقديرات إلى مقتل أكثر من 2400 من منتسبي «الحرس الثوري»، ومجموعات تعمل تحت إمرته في الحرب السورية المستمرة منذ 7 سنوات.
وجدد سلامي، في تصريحاته أمس، تهديدات إيرانية باستهداف كل القواعد الأميركية في المنطقة، وقال إن «بإمكاننا اليوم أن ندمّر من هذا المكان جميع القواعد الأميركية في المنطقة ونقيم جحيما للصهاينة». وأشاد بالنظام السوري، قائلا إن «أميركا تُهزم في سوريا». ومع ذلك، حذّر المسؤول الإيراني مما وصفها بـ«المؤامرة» التي تقوم بها أميركا وبريطانيا ودول أخرى في المنطقة، واتهمها بالسعي وراء «إثارة الحروب الداخلية في العالم الإسلامي».
وفي بيروت، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن بيان لـ«حزب الله» إدانة الحزب الشديدة لـ«العدوان الإسرائيلي المستمر على الجمهورية العربية السورية واستهدافه المتكرر منشآتها وبناها العسكرية والمدنية». وأشاد البيان بـ«يقظة» الجيش السوري «الذي تصدى ببسالة للطائرات الإسرائيلية المعادية، وتمكن من إسقاط مقاتلة من طراز (إف 16)، معلنا بداية مرحلة استراتيجية جديدة تضع حدا لاستباحة الأجواء والأراضي السورية»، بحسب ما رأى الحزب الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب النظام السوري ضد فصائل المعارضة.
وتابع البيان: «نؤكد أن تطورات اليوم تعني بشكل قاطع سقوط المعادلات القديمة، ونجدد التأكيد على وقوفنا الثابت والقوي إلى جانب الشعب السوري في الدفاع عن أرضه وسيادته وحقوقه المشروعة».
وصدر هذا البيان في وقت نقلت فيه وكالة «رويترز» عن «التحالف» العسكري الذي يقاتل دعما للنظام السوري أن إسرائيل ستشهد «رداً قاسياً وجدياً» على «إرهابها» من الآن فصاعدا. وأضاف التحالف، في بيان، أن المزاعم الإسرائيلية بدخول طائرة بلا طيار المجال الجوي الإسرائيلي «كذب وافتراء»، مشيرا إلى أن إسرائيل هاجمت قاعدة للطائرات من دون طيار في وسط سوريا. وأضاف التحالف أن الطائرات من دون طيار انطلقت من مطار «التيفور» (تي4) صباح السبت لتنفيذ مهمات روتينية ضد تنظيم داعش في منطقة صحراوية في سوريا. وتابع: «انطلقت طائراتنا المسيرة صباح اليوم (أمس) من مطار التيفور ولكن باتجاه البادية السورية في مهمة اعتيادية لكشف بقايا خلايا (داعش) وتدميرهم. وحين استهداف المحطة (المطار) كانت لا تزال طائراتنا فوق مدينة السخنة باتجاه البادية». وتقع السخنة في شمال شرقي مدينة تدمر في وسط سوريا. وليس واضحا هل يتحدث البيان عن طائرة «درون» أخرى غير التي أعلن الإسرائيليون إسقاطها بعد خرقها مجالهم الجوي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.