يرى رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الدولية فرنسوا رو في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان من خلال المحكمة الخاصة به سمح بإحراز تقدم على مستوى العدالة الجنائية الدولية»، فللمرة الأولى تم إنشاء مكتب الدفاع مكتب مستقل على قدم المساواة مع مكتب المدعي العام.
وكانت «الشرق الاوسط» نشرت اول امس ملفا عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تضمنت مقابلة مع رئيستها القاضية التشيكية ايفانا هردليشكوفا.
رو ، من جهته، يحرص على توضيح مهمة مكتب الدفاع، التي تبتعد كثيراً عن مهامّ فرق الدفاع التي يعينها مكتب الدفاع، ولكنه ليس ناطقاً باسمها. فمن مهام مكتب الدفاع إعداد قائمة محامين للدفاع عن المتهمين إن كان هؤلاء حاضرين، وإن كانوا غائبين فيدافع المحامون عن حقوقهم ومصالحهم. وثانيا، التحقق من ضمان عدالة الإجراءات أي أنه يحقّ للمتهم أن يشارك في إجراءات منصفة وثالثاً يشارك مكتب الدفاع بإدارة المحكمة إلى جانب الهيئات الثلاثة الأخرى، الرئاسة، ورئيس قلم المحكمة، ومكتب الادعاء.
فرق الدفاع لديها استراتيجياتها الخاصة، ولا يتدخل مكتب الدفاع في تلك الاستراتيجيات، لكن مكتب الدفاع يقدم الدعم اللوجيستي في التحقيقات، ومن خلال المساعدة القانونية للبتِّ في بعض المسائل القانونية والدعم المالي. وبما أنه تم تعيين المحامين من قبل مكتب الدفاع، فهو يدفع لهم أتعابهم من خلال وحدة المعونة القضائية في موازنة المحكمة. ويؤكد رو أن هذه المرة الأولى في محكمة دولية التي يتم فيها مراعاة أهمية الدفاع، لأنه منذ البداية ركَّزت المحاكم الدولية الجنائية على مكافحة الإفلات من العقاب، وبالتالي لم تكن تراعي بما يكفي فرق الدفاع.
يعترف رو، أن «التحدي الأكبر الذي يواجهه هو الدفاع عن متهمين لا يعترفون أصلاً بالمحكمة»... ولهذا السبب لا يدافع المحامون عن المتهمين بل عن حقوق ومصالح هؤلاء، وهذا المفهوم ورد بالنظام الأساسي للمحكمة».
أما كيفية اختيار المحامين، وكيف يمكن لمحام أميركي أن يدافع عن عنصر في «حزب الله»، يشرح رو أن قائمة بمحامين عددهم تقريباً 150 تطوعوا للدفاع عن المتهمين. خضع هؤلاء لجلسة استماع أمام لجنة محامين تختبر مؤهلاتهم ومعرفتهم بالقانون الجنائي وبنظام المحكمة الأساسي، وبعد أن نجحوا هذا الاختبار تم إدراج أسمائهم على هذه القائمة. حاولت أن أحترم التنوع الثقافي والقانوني، تمت تسمية محامين من الشرق والغرب والجنوب والشمال وأصحاب خبرات في مجال العدالة الجنائية الدولية وغيرهم.
ولإدراج أي محامٍ على هذه القائمة، تؤخذ بعين الاعتبار بعض المعايير، معايير تستند إلى عدد سنوات الخبرة، مثلا لمحامي الرئيس لا بد من 10 سنوات خبرة على الأقل، للمحامي المعاون 7 سنوات، المهم ليس الجنسية بل المؤهلات.
ولم تكن القناعة ببراءة المتهمين جزءاً من اختيار المحامين. يقول رو: «هذا السؤال لم يُطرَح لأن المحامي يطّلع على ملف القضية بعد تعيينه، وبعد ذلك يحتكم إلى ضميره؛ إما أن يقبل أو يقرر أنه لا يستطيع أن يدافع عن المتهم وهذا ما لم يحدث»، ويذكر رو أن المحكمة تطبق القانون الأنجلو ساكسوني، بالتالي لا نتحدث عن البراءة، السؤال الوحيد المطروح هو «هل أثبت الادعاء بما لا يرقى إليه أي شك معقول، القضية أو الإدانة، أم لا؟!»، وفي النهاية نتحدث عن إدانة، أو أن الادعاء لم يثبت الإدانة.
لم يتواصل المحامون مع «حزب الله» أو أي من المتهمين، فبحسب مدونة سلوك المحامين، لا يحق للمحامي أن يتصل بطريقة مباشرة أم غير مباشرة بالمتهمين، والسبب بسيط، ففي القواعد يحق لأي متهم يُحاكَم غيابيّاً، بمحاكمة جديدة. ولكن لكي يحافظ على حقه هذا يجب ألا يتصل بمحاميه، لأنه في حال اتصل بالمحامي، لا تعد هذه المحكمة غيابية وبالتالي يفقد حقه بمحاكمة جديدة.
يقر رو بأن التعاون من قبل السلطات اللبنانية مع مكتب الدفاع، لم يكن «عملية سهلة»، فبحسب القانون اللبناني «لا يحق للمحامي إجراء التحقيق بنفسه؛ فهذا هو دور قاضي التحقيق، كما هو في فرنسا. كانت هناك بعض المصاعب أمام بعض فرق الدفاع للحصول على معلومات، ولكن اليوم تم تخطِّي كل تلك المصاعب ونستطيع أن نقول إن التعاون بين فرق الدفاع والسلطات اللبنانية هو تعاون سليم».
مشكلات فريق الدفاع مع مكتب المدعي العام، موجودة، كما في كل المحاكم. يشكو رو أن فرق الدفاع واجهَتْ بعض المشكلات بالنسبة لعملية الكشف عن الأدلة، فهذه العملية كانت طويلة ولا تزال مستمرَّة. ويقول: «فرق الدفاع اشتكَتْ من حصولها على التقارير في اللحظة الأخيرة، أي دائماً كانت تحصل على التقارير باللحظة الأخيرة. عادة في لبنان وفرنسا تستبعد الأدلة التي تقدم خارج المهل الزمنية المحددة، حتى الآن لم تستبعد الغرفة هنا هذه الأدلة سوف نرى أن ستفعل ذلك في قرارها.
وعما إذا كان يعتقد أن ظروف تحقيق العدالة متوفرة في هذه المحكمة، وأن حقوق المتهمين مصونة بالكامل، يقول: «لسنا في عالم مثالي والمسار لا يزال طويلاً أمامنا، لا سيما للوصول إلى تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء. إن ميزانية مكتب الادعاء هي ضعف ميزانية مكتب الدفاع، ولكن ما أستطيع أن أقوله هو أن شروط الدفاع قد تحسَّنَت من خلال إنشاء مكتب الدفاع هذا».
رو الذي لا يحبذ «اللغة الدبلوماسية»، يقول: «إن قواعد الإجراءات والإثبات كانت تسمح لغرفة الدرجة الأولى بتقصير المهل الزمنية ولكنها لم تفعل ذلك للأسف»، لكن من منظور إيجابي «لم يتمكن أحدهم من لوم الغرفة لأنها لم تأخذ الوقت الكافي»، أما بالنسبة للوقت التي ستحتاج إليه فرق الدفاع، فـ«من المستحيل أن نقول الآن، ولكنني أضمن أن الدفاع لن يحتاج إلى الوقت نفسه الذي احتاج إليه مكتب المدعي العام».
فرنسوا رو: لا تكافؤ في الفرص مع فريق الادعاء
رئيس مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان أكد أن المحامين لا يتواصلون مع «حزب الله»
فرنسوا رو: لا تكافؤ في الفرص مع فريق الادعاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة