حرارة جسم الإنسان لشحن الأجهزة الإلكترونية

مولد كهروحراري للتقنيات الجوّالة

حرارة جسم الإنسان لشحن الأجهزة الإلكترونية
TT

حرارة جسم الإنسان لشحن الأجهزة الإلكترونية

حرارة جسم الإنسان لشحن الأجهزة الإلكترونية

تجري الإشادة بالكومبيوترات والأجهزة التي يمكن ارتداؤها على الجسم على أنها الجيل المقبل من المعدات الإلكترونية الجوالة، لكن إيجاد وسيلة لتأمين طاقة كافية لها تدوم طويلا تظل مشكلة فعلية. لكن العلماء خرجوا بحل مبتكر عن طريق استخدام الزجاج ومولدات كهربائية - حرارية أساسها الألياف التي من شأنها أن تشير إلى عصر جديد من التقنيات الذكية الخفية.
يقف خلف هذا الابتكار فريق من الباحثين من جامعة المعهد العالي للعلوم والتقنيات في كوريا الجنوبية (كياست)، برئاسة بيونغ جن شو بروفسور الهندسة الكهربائية، الذي أنتج مع فريقه مولدا كهربائيا حراريا مرنا، يتيح شحن الأجهزة الإلكترونية من حرارة جسم الإنسان.

* شاحن خفيف
ويقول الخبراء إن النظام هذا مناسب لشحن أجهزة مراقبة القلب، والنظارات الذكية، وغيرها من التقنيات التي توضع على الجسم، فالمولد الجديد هذا، هو جهاز يمكنه تحويل الحرارة، أو الاختلاف في درجات الحرارة إلى طاقة كهربائية. وعن طريق استخدام الفرق البسيط، لكن المهم بين الجلد والشعر مثلا، تمكن البروفسور شو وفريقه من إنتاج مثل هذا المولد الكهروحراري الذي يمكن ارتداؤه ووضعه على الجسم أيضا.
وبما أنه يجب أن تكون الإلكترونيات التي توضع على الجسم، خفيفة الوزن، مرنة، ومجهزة بمصدر للطاقة، على شكل بطارية يمكن حملها وتدوم طويلا، أو قد تكون مولدا كهربائيا. ومولد «كياست» خفيف الوزن جدا، ومرن للغاية، ويولد تيارا كهربائيا من حرارة جسم الإنسان. ويؤكد شو أن هذا المولد يمكنه شحن الهواتف الذكية. وأضاف «في الوقت الحالي نحاول صنع عينة منه يمكنها أن تمد المستشعرات الطبية بالكهرباء». وهذا المولد مرن للغاية بحيث يمكن ثنيه وليه على شكل دائرة كاملة.
وقد جرى حتى الآن تطوير نوعين من المولدات الكهروحرارية وهما إما عضوي، أو غير عضوي، والأول، هو من المركبات التي أساسها الكربون مثل تلك الموجودة في النظم البيولوجية، في حين أن الأخير هو من الجزيئات التي ينقصها الكربون مثل تلك الموجودة في النظم الجيولوجية.
وفائدة المولدات التي أساسها عضوي أنها مرنة للغاية وتتطابق مع الجلد البشري، ومثالية بالنسبة إلى الإلكترونيات التي يمكن ارتداؤها على الجسم، لكنها ذات إنتاجية كهربائية منخفضة، بيد أن المولدات التي أساسها غير عضوي، تولد طاقة كهربائية عالية، لكنها ثقيلة وصلبة وكبيرة الحجم.
غير أن البروفسور شو خرج بمبدأ جديد وأسلوب تصميمي مغاير لتشييد مولد كهروحراري مرن يمكنه تقليص خسارة الطاقة الحرارية وفقدانها، لكنه في الوقت ذاته يرفع من إنتاجية الطاقة، مما يعني الجمع بين فوائد المواد العضوية وغير العضوية. وهذا مسعى ثوري جديد في تصميم المولدات، وبذلك يمكن تقليل وزن المولد الذي هو عنصر مهم بالنسبة إلى الأجهزة الإلكترونية التي توضع على الجسم، كما يقول.
ولدى استخدام هذا المولد من تصميم «كياست» لمد جهاز إلكتروني يوضع على رسغ اليد بالكهرباء، فإنه ينتج 40 ملي واط من الكهرباء، وفقا إلى الفرق في درجات الحرارة بين الجلد البشري، والهواء المحيط.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً