غارات تدمر محطة مياه وتقتل مدنيين في إدلب

قوات النظام تقترب من سراقب

مظاهر الدمار تبدو بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
مظاهر الدمار تبدو بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

غارات تدمر محطة مياه وتقتل مدنيين في إدلب

مظاهر الدمار تبدو بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)
مظاهر الدمار تبدو بعد غارة على عربين في غوطة دمشق أمس (أ.ف.ب)

تجاوز عدد القتلى المدنيين الذي سقطوا نتيجة تكثيف قوات النظام السوري قصفها الجوي لمناطق في ريفي حلب وإدلب خلال الساعات الـ24 الماضية، 26 قتيلاً، بينما أُفيد بمساندة الطائرات الحربية الروسية بعمليات القصف واستهدافها محطة مياه بالقرب من سراقب تروي 20 ألف نسمة، ما أدّى إلى خروجها من الخدمة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «استماتة قوات النظام في الوصول إلى سراقب وطريق دمشق – حلب الدولي، قادمة من محور ريف حلب الجنوبي، تزامنت مع ارتفاع وتيرة عمليات القتل»، لافتاً إلى أن «الطيران الحربي استهدف منطقة قرب قرية تل حديا بالريف الجنوبي لحلب، ما تسبب في استشهاد 7 مواطنين على الأقل بينهم طفل وإصابة آخرين بجراح». كذلك طال القصف سيارة تقل نازحين، «ما تسبب في احتراق جثث بعضهم، فيما استهدفت أيضاً مناطق في قرية كفر حلب، ما تسبب باستشهاد مواطنين اثنين، ليرتفع عدد المدنيين الذين قضوا جراء غارات وقصف جوي استهدف ريف حلب خلال الـ24 ساعة الفائتة، إلى 26».
وواصلت قوات النظام، حسب المرصد، تقدمها باتجاه حدود إدلب ومنطقة سراقب مسيطرةً على منطقة تلة علوش بعد اشتباكات عنيفة مع فصائل المعارضة على محاور في الريف الجنوبي لحلب. وقالت مواقع معارضة إن شخصين قُتلا أمس (الجمعة)، بقصف جوي للطائرات الروسية على مدن وبلدات محافظة إدلب، لافتةً إلى أن الطيران الحربي الروسي شن عدة غارات جوية بالصواريخ والبراميل المتفجرة على قرية الغدفة بريف إدلب الجنوبي، ما تسبب بمقتل مدني، وإصابة أفراد عائلته بجروح. كذلك أُفيد عن مقتل مدني آخر بقصف جوي مماثل على بلدة معردبسة بريف إدلب الجنوبي الشرقي. كذلك طالت الغارات الروسية قرى وبلدات: أبو مكي، وجرجناز، والصرمان، وكفر عميم، وسراقب، والشيخ إدريس، وخان السبل، والرصافة، ومحاريم، والنباريس، بريف إدلب الشرقي، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة على محور قرية تل السلطان، ومحاولات تقدم قوات النظام والتوسع غرباً.
واستهدفت الطائرات الروسية، حسب المجلس المحلي في قرية كفر عميم، محطة مياه القرية الواقعة في ناحية سراقب (16 كم شرق إدلب) شمالي سوريا، ما أدى إلى خروجها من الخدمة، حيث كانت تروي 20 ألف نسمة. وقال المجلس إن «القصف الذي استهدف المحطة أدى إلى دمارها بشكل كامل»، مقدراً تكلفة إعادة تأهيلها بـ75 ألف دولار أميركي، موضحاً أنها كانت تخدم قرى: كفر عميم، وريان، والشيخ إدريس، وتعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب لهذه المناطق، لافتاً إلى أنها «سبق وتعرض محيطها لقصف بالبراميل المتفجرة والطائرات الحربية ولكنها لم تخرج من الخدمة حينها».
في هذا الوقت، أفادت شبكة «شام» بخروج أبناء مدينة بنش في إدلب، من المدنيين والمقاتلين المنضوين في صفوف الفصائل، في مظاهرات للمطالبة بـ«نبذ الفصائلية والتفرق والتشرذم الذي أوصل الوضع الميداني إلى ما هو عليه من تراجع». وطالب المتظاهرون الفصائل بضرورة الوقوف أمام مسؤولياتها، وتعزيز الجبهات أمام تقدم قوات النظام والميليشيات التي تحاول التوسع في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الجنوبي، والتي تهدف إلى الوصول إلى تلة العيس الاستراتيجية ومن ثم التوجه لفك الحصار عن بلدات كفريا والفوعة.
وأصدر عشرات من نشطاء محافظة إدلب بياناً يحذرون فيه «فصائل الثوار من مغبة التساهل في التصدي لتقدم قوات الأسد والميليشيات الإيرانية التي باتت تتوسع غربي مدينة أبو الضهور، وتسيطر على قرى وتلال جديدة في المنطقة، مع تكثيف القصف الجوي على كامل المنطقة وصولاً إلى مدينة سراقب». كما طالب البيان، الفعاليات الشعبية في عموم ريف إدلب بـ«التحرك والضغط ضمن مظاهرات ووقفات سلمية تطالب الفصائل بالتحرك الفوري»، محذرين من «التغاضي عن نداءاتهم وتكرار سيناريو شرقي سكة الحديد».
وفي دمشق، قال نشطاء معارضون إنه رغم أن المعارك هدأت منذ 4 سنوات في منطقة جديدة عرطوز الفضل بريف دمشق، والتي يسيطر عليها النظام، فإن تبعاتها لا تزال تقتل المدنيين، حيث قُتل طفلان وأصيب 5 آخرون أمس، في انفجار في أثناء لعبهم بقنبلة يدوية، وتم نقل الأطفال المصابين إلى أحد مشافي دمشق. وحسب مصادر محلية، تم إسعاف 7 أطفال إلى مشفى «المواساة» بدمشق، كانوا قد أُصيبوا في الحادثة التي وقعت داخل مدرسة كان بابها مفتوحاً يوم الجمعة الذي يعتبر عطلة رسمية، الأمر المستغرب -حسب المصادر- التي أضافت أن أحد الأولاد كان يلهو بالقنبلة وبادر ورفاقه إلى نزع الصاعق كأنها دمية، ما أدى إلى مقتل طفلين وثالث في حالة خطرة، بينما إصابات الأربعة الآخرين طفيفة. واتهمت المصادر، أهل الطفل الذي جاء بالقنبلة، بالإهمال والتسيب باستخدام السلاح، وقالت المصادر إن «السلاح والقنابل اليدوية بحوزة عناصر جيش الدفاع الوطني واللجان الشعبية، وكثير من هؤلاء ليس لديهم حد أدنى من الإحساس بالمسؤولية تجاه حمل السلاح فيلهون به كأنه لعبة ويمكن لأطفالهم أن يفعلوا مثلهم»
وفي منطقة أخرى جنوب العاصمة دمشق، أُصيب طفلان آخران جراء سقوط قذائف على حي الدويلعة، وفق ما ذكره مصدر في قيادة شرطة دمشق في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، والذي أفاد بسقوط بـ7 قذائف على حي الدويلعة، ما تسبب في إصابة طفلين بجروح طفيفة. إضافة إلى إلحاق أضرار ببعض المنازل والممتلكات.
كما سقطت عدة قذائف أمس (الجمعة) على المدينة القديمة، وألحقت القذائف أضراراً بمنازل في حارة الدوامنة بحي باب توما وكذلك في حي الأمين.
كان 8 مدنيين بينهم رجل مع أطفاله الثلاثة قد قُتلوا قبل يوم في منطقة عش الورور، وأصيب 13 آخرون بجروح بعضهم في حالة خطيرة نتيجة سقوط قذائف على الحي، تزامنت مع سقوط قذائف أخرى على حي مزة 86، أدت إلى مقتل شابة وإصابة شخصين آخرين أحدهما طفل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».