قبيلة الجبور تطالب العبادي بكشف مصير أبنائها المختطفين شمال بابل

نائب في القائمة الوطنية لـ«الشرق الأوسط»: الأمر خطير وتواصلنا مع أجهزة الأمن دون جدوى

TT

قبيلة الجبور تطالب العبادي بكشف مصير أبنائها المختطفين شمال بابل

اجتمع شيوخ قبيلة الجبور في العراق، أمس، وأصدروا بيانا ناشدوا فيه رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزيري الداخلية والدفاع بالتدخل للكشف عن مصير وجهاء من القبيلة اختطفوا شمال محافظة بابل (100 كيلومتر) جنوب العاصمة بغداد.
وقال بيان صادر عن الاجتماع: «نطالب نحن شيوخ قبيلة الجبور رئيس الوزراء ووزيري الداخلية والدفاع وجهازي الأمن الوطني والمخابرات وجميع الأجهزة الأمنية المختصة بوضع حد لهذه الجرائم، سواء بحق أبناء قبيلة الجبور أو بقية القبائل والعشائر الأخرى والكشف عن مصير مشايخ القبيلة المختطفين».
وتعد قبيلة الجبور من أكبر القبائل العربية في العراق وينتشر أبناؤها في أغلب المحافظات العراقية كما يتوزعون دينيا على المذهبين السني والشيعي.
وعلى الرغم من انحسار عمليات الخطف في عموم المحافظات العراقية منذ فترة طويلة، فإن أوضاع هذا الملف في محافظة بابل، وخاصة في جهتها الشمالية ما زالت تثير قلق السلطات المحلية والمواطنين العاديين على حد سواء، حيث تقوم جماعات مسلحة بخطف مواطنين وإخفائهم وفي بعض الأحيان تعمد إلى رمي جثثهم في المناطق المهجورة أو مجاري المياه كما تفيد مصادر في مدينة الحلة مركز محافظة بابل.
وفي آخر مسلسل أعمال الخطف قامت جماعة مسلحة قبل نحو ثلاثة أسابيع، بخطف اثنين من شيوخ ووجهاء عشيرة الجبور الكبيرة في منطقة المحاويل شمال الحلة أثناء عودتهما من مجلس عزاء لأحد شيوخ العشيرة.
ورغم نفي النائب عن القائمة «الوطنية» عبد الكريم عبطان الجبوري معرفته أو معرفة السلطات المحلية بدوافع اختطاف الشخصين، تؤكد مصادر مطلعة في المحافظة وجود «دوافع طائفية وراء أغلب حالات الخطف شمال بابل».
ويقول عبد الكريم الجبوري لـ«الشرق الأوسط»: «قبل نحو ثلاثة أسابيع قامت مجموعة من وجهاء قبيلة الجبور بحضور مراسيم عزاء لأحد شيوخ العشيرة في مدينة المحاويل شمال بابل، وقامت جماعة مسلحة مجهولة تستخدم سيارات نوع (بيك أب) بخطف اثنين من وجهاء القبيلة يقيم أحدهم في بغداد والآخر في الحلة وتتراوح أعمارهم بين 65 - 75 سنة». ويحذر الجبوري من أن «الأمر الخطير في الموضوع هو تواصل واستمرار عمليات الخطف منذ أشهر في بابل، ونسمع بين فترة وأخرى عن حالات اختطاف مماثلة وعمليات اغتيال».
ويشير الجبوري إلى قيامه بالتواصل مع الجهات الأمنية في المحافظة، لكنها «نفت علمها بمصير المختطفين، كما نفت قيام أجهزتها بإلقاء القبض عليهم». مضيفا: «لا يستطيع التكهن بدوافع الخاطفين، لكنهم عصابات منفلتة خارجة عن القانون ولا علاقة لها بأي جهة، واستبعد ارتباطهم بجهة سياسية».
وقال مصدر يفضّل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن «ملف الاختطاف في بابل معقد وخطير وتقف وراءه ميليشيات نافذة ولها غطاء سياسي، لاحظ أن أغلب العمليات تمركزت شمال بابل في المناطق المختلطة التي يوجد فيها السنة والشيعة، مثل، الإسكندرية والحصوة والمحاويل والمسيب ومويلحة».
ويؤكد المصدر أن «موضوع الاختطاف المتكرر يسبب حرجا للأجهزة الأمنية التي تخشى الدخول بمواجهة مع تلك الميليشيات». وكشف عن أن الميليشيات «قامت قبل فترة من اختطاف وجهاء عشيرة الجبور باغتيال محام ومحامية على الطريق في منطقة الحصوة».
ويلفت إلى أن «الميليشيات شمال بابل خطيرة جداً وتوجد بكثافة، لكنها لا تظهر في العلن وتستهدف شخصيات من العشائر العربية وخاصة عشيرتي الجنابات والجبور».
وكانت القائمة «الوطنية» بزعامة نائب الرئيس إياد علاوي عقدت مؤتمرا صحافيا، أول من أمس، دعت فيه رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى فتح تحقيق عاجل وسريع في عمليات الاختطاف في بابل، وحذرت فيه من «عودة العصابات المسلحة والقوى المنفلتة والخارجة عن القانون التي تحمل السلاح بعيدا عن سلطة الدولة لتعيث في الأرض فسادا، فما عاد قانون يلجمها ولا عرف يردعها ولا دين يمنعها».
وطالبت بـ«قيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الكبرى والجامعة العربية والمنظمات الحقوقية والإنسانية بدورهم الأخلاقي والإنساني إزاء ما يجري من انفلات في بعض المناطق».
وتعد منطقة شمال بابل من المناطق التي غالبا ما تثير حفيظة الكتل السياسية السنيّة وتعمق خلافاتها مع الحكومتين الاتحادية والمحلية في بابل، نتيجة عدم سماح الأخيرتين بعودة آلاف الأسر المهجرة من مدينة «جرف الصخر»، لأسباب تقولان إنها «أمنية وحساسة» وكانت «جرف الصخر» إحدى معاقل تنظيمي القاعدة وداعش قبل أن تتمكن القوى الأمنية وفصائل «الحشد الشعبي» من السيطرة عليها نهاية عام 2014.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.