المعارضة الموريتانية تحذر من انفجار الوضع في البلاد

دعت إلى تهيئة الأجواء لتناوب سلمي على السلطة العام المقبل

TT

المعارضة الموريتانية تحذر من انفجار الوضع في البلاد

وصفت المعارضة الموريتانية الوضع السياسي في البلاد بأنه «بالغ الخطورة»، وقالت في مؤتمر صحافي أمس الأربعاء إن حالة الاحتقان التي تعيشها الساحة السياسية تجعلها «معرضة للانفجار» في أي لحظة، وحذرت من استمرار تأزم الوضع في حين تستعد البلاد لانتخابات رئاسية منتصف العام المقبل (2019). هذه التحذيرات أطلقها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، وهو أكبر ائتلاف معارض في البلاد، يضم قرابة عشرة أحزاب سياسية وعشرات النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة على مجموعة من الشخصيات السياسية المستقلة، أغلبها شغل مناصب وزارية في الأنظمة السابقة.
وقال الرئيس الدوري للمنتدى محمد ولد مولود، خلال المؤتمر الصحافي، إن «موريتانيا تمر بمرحلة بالغة الخطورة، والانتقال المتوقع للسلطة سنة 2019 سيتم في ظرفية معقدة بفعل الجفاف والفقر وتراجع الحريات»، وفق تعبيره.
ولد مولود الذي يرأس حزب اتحاد قوى التقدم، وهو حزب معارض ذو ميول يسارية، أكد أن النظام الحاكم في موريتانيا ينتهج سياسة ستفضي إلى تأزيم الوضع أكثر، وبرر ذلك بما قال إنه «توقف الصحف المستقلة وإغلاق القنوات التلفزيونية الخاصة وملاحقة الإعلاميين، وهي إجراءات تأتي قبل الاستحقاقات الانتخابية». كما انتقد ولد مولود السياسات الحكومية التي وصفها بأنها «خاطئة وتزيد من انتشار الفقر في أوساط السكان»، وقال إن هذه الأوضاع «تدفع بالبلد نحو الانفجار بفعل الظلم والقمع وانهيار القوة الشرائية والانفلات الأمني في مجمل المدن الكبيرة، وانهيار المنظومة التربوية بشكل كامل خلال السنوات الأخيرة».
وجددت المعارضة الموريتانية مطالبتها للسلطات بالإفراج عن عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده، المعتقل منذ أكتوبر (تشرين الأول) بتهمة الخيانة وتهديد الأمن القومي، فيما تقول المعارضة إنه معتقل بسبب مواقفه السياسية.
وأكد الرئيس الدوري للمنتدى أنه «لا يمكن تصور انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة في ظل ملاحقة أعضاء مجلس الشيوخ المعارضين والإعلاميين لمجرد إبداء رأي مخالف لتوجهات النظام»، ولكن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة قدم رؤيته للخروج من الوضع المتأزم، وقال إنها تبدأ بما سماه «التهيئة للانتقال السلمي للسلطة العام المقبل»، وهي تهيئة أوضح ولد مولود أنها يجب أن تقوم على «تعزيز الوحدة الداخلية للمعارضة، والمحافظة على وحدة الشعب والعمل من أجل فرض التغيير».
ووصف ولد مولود المرحلة المقبلة بأنها «مرحلة حاسمة في تاريخ البلد السياسي، باعتبار السنة المقبلة سنة انتخابات»، ولكنه في المقابل لمح إلى إمكانية مقاطعة الانتخابات من طرف أحزاب المعارضة الديمقراطية، وقال إن «جميع الأحزاب السياسية المنضوية في صفوف المنتدى لم تتخذ أي قرار بشأن المشاركة في الانتخابات، وأي قرار سيكون بالإجماع»، وفق تعبيره.
وعانت المعارضة في موريتانيا خلال السنوات الماضية من الانقسام والتشرذم، إذ دخلت عدة أحزاب منها في حوار مع السلطة وشاركت في الانتخابات الماضية، بينما فضلت أغلب الأحزاب التي توصف بالراديكالية أن تقاطع الحوار والانتخابات بسبب ما قالت إنه «انعدام الثقة» في النظام.
وحاولت المعارضة ترميم صفوفها منتصف العام الماضي عندما أعلنت ثمانية تشكيلات بارزة الانخراط في نفس التوجه للوقوف في وجه تعديل الدستور ومحاولة فرض التغيير، وعرف هذا التجمع باسم «مجموعة الثمانية»، ومن ضمن المنخرطين في هذه المجموعة: المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، حزب تكتل القوى الديمقراطية، حركة «إيرا» الحقوقية، حراك «محال تغيير الدستور» الشبابي.
ورغم محاولات ترميم صفوف المعارضة في موريتانيا، فإن بعض الأصوات ما تزال ترتفع من داخلها مطالبة بتشكيل جبهة جديدة تكون أكثر قوة وقدرة على الوقوف في وجه النظام الحاكم، وآخر هذه الدعوات أطلقها رئيس حزب اللقاء الوطني الديمقراطي محفوظ ولد بتاح حين دعا إلى «إنشاء تكتل تاريخي، يكون إطارا مختلفا عن التشكيلات السابقة والحالية للمعارضة».
ولد بتاح الذي سبق أن تولى مناصب وزارية قبل انقلاب 2008، قال إن المعارضة الموريتانية التي تأسست في السنوات الأخيرة لم تكن تفي بالمقصود، وظلت دوماً تعمل وفق «ردة الفعل» وتظهر في «المناسبات»، وانتقد انفتاحها الكبير على جميع الوافدين في حين تتخذ فيها القرارات بالإجماع. ويحكم محمد ولد عبد العزيز موريتانيا منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عام 2008 ضد الرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ولكنه استقال عام 2009 ليشارك في انتخابات رئاسية فاز فيها بنسبة 51 في المائة، متقدماً على جميع خصومه في المعارضة الذين اتهموه بالتزوير، ورفضوا المشاركة في الانتخابات الرئاسية عام 2014، التي حقق فيها فوزاً كاسحاً بنسبة 88 في المائة.
وبموجب الدستور الحالي للبلاد لا يمكن لولد عبد العزيز الترشح لولاية رئاسية ثالثة، كما لا يحق لعدد من قادة المعارضة الترشح بسبب تجاوزهم للسن الدستورية (75 سنة)، وبالتالي فإن هذه الانتخابات غير مسبوقة في موريتانيا، فهي الانتخابات الأولى التي يغيب عنها الزعماء التقليديون للمعارضة ولا يشارك فيها الرئيس المنتهية ولايته.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.