دليلك إلى وجهات سياحية غير عادية في 2018

مواقع تبقى في الذاكرة لم يعهدها السائح من قبل

البرتغال من بين الوجهات المميزة هذا العام
البرتغال من بين الوجهات المميزة هذا العام
TT

دليلك إلى وجهات سياحية غير عادية في 2018

البرتغال من بين الوجهات المميزة هذا العام
البرتغال من بين الوجهات المميزة هذا العام

مع بدايات عام 2018 يبحث كثير من السياح عن مواقع جديدة للزيارة، بعيدا عن الوجهات المألوفة التي يزورها ملايين السياح سنويا مثل فرنسا وإسبانيا في أوروبا وفلوريدا في الولايات المتحدة. وينتمي هؤلاء إلى نخبة زارت بالفعل معظم أنحاء العالم وتبحث عن مواقع غير عادية تبقى معهم في الذاكرة. وهم يعرفون جيدا أنه كلما زادت أسفار السياحة، زادت القناعة بأن هناك مزيدا من المعالم التي ينبغي زيارتها، وكثيرا من المواقع التي يتعين استكشافها. وهم بالتأكيد لا يريدون رحلة سياحية معهودة مثل الملايين غيرهم.
ويقترح خبراء السياحة سنويا مزيدا من الوجهات غير العادية عبر شركات ومواقع سياحية مثل «إير بي إن بي» و«لونلي بلانيت» و«تريب آدفايزر» كما يوجد كثير من المقترحات التي يقدمها المغامرون من السياح أنفسهم ويحكون فيها عن تجاربهم الخاصة.
وتشترك هذه الوجهات في أنها غير معروفة لمعظم السياح، وهي مرشحة لأن تبقى كذلك خلال العام الحالي، مما يجعلها وجهات مثالية لمن يريد أن يتجنب الزحام السياحي ليجد نفسه في مواقع خلابة بها القليل من الزوار.
ولا يعني اختيار سياحة غير عادية الذهاب إلى أقاصي الأرض وإن كان هذا واردا، فبعض هذه الوجهات يوجد في أوروبا وأفريقيا، وهي مناطق قريبة من الشرق الأوسط. ويمكن عبر حسن الاختيار التركيز على الوجهات منخفضة الأخطار، وخصوصا خطر الإرهاب، مع العلم بأن مخاطر الإرهاب، وفقا لوزارة الخارجية البريطانية، تعد عالية في دول مثل إسبانيا وفرنسا.
وفي هذه المناطق غير العادية يتعين اتخاذ بعض الحرص وترتيب السفر عبر شركات معروفة واتباع إرشاداتها الخاصة بالسلامة والتقاليد المحلية. ويجب تنويع أدوات الإنفاق وعدم الاعتماد على بطاقات الصرف أو النقد وحدهما. والأفضل في كل الحالات عدم اصطحاب أغراض ثمينة أو إلكترونيات أو مجوهرات يمكن أن تلفت أنظار اللصوص.
هذه النخبة لسياح 2018 مختارة من كثير من المصادر وتوفر وجهات سفر لم يعهدها المسافر العربي من قبل، وهي تشمل:
> جيبوتي: وهي تقع ضمن العشر الأول هذا العام في لائحة «لونلي بلانيت»: وكان الاختيار مفاجأة لكثير من الأوروبيين، لأن منظمات حقوق الإنسان لا تعد جيبوتي من أفضل مواقع في هذا المجال. ولكن «لونلي بلانيت» تؤكد أنها لا تتدخل في السياسات المحلية وتعتقد أن تشجيع السياحة إلى وجهة أفريقية مغمورة مثل جيبوتي يمكنه أن يحسن الأحوال المعيشية فيها. ويأتي ذلك عن طريق دعم الصناعات المحلية والاختلاط بأهل البلاد. ويأتي هذا الاختيار أيضا بناء على تجارب إيجابية قام بها سياح في العام الماضي. وهي بالفعل صناعة ناشئة في جيبوتي حيث زارها في العام الماضي 73 ألف سائح. وهي توفر الشواطئ النظيفة والجزر شبه الشاغرة والطقس المعتدل والشعاب المرجانية ونشاطات الإبحار والغوص والسباحة والصيد وخوض رحلات الأدغال. وهي تحتوي على بعض البراكين النشطة وعلى محميات طبيعية. ويقبل السياح على جيبوتي من فرنسا وبقية الدول الأوروبية مع نسبة من سياح منطقة الخليج ومن إثيوبيا.
ومن المعالم التي تجذب السياح مسجد تادجورا، وهو الأقدم تاريخيا في منطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى مدينة جيبوتي وشاطئ لويادا السياحي وجزر موشي وماسكالي. ويمكن القيام برحلات بحرية قرب مضيق باب المندب لمشاهدة الحيتان وأسماك القرش. ويمكن التحدث باللغة العربية التي تنتشر بالإضافة إلى الفرنسية والإنجليزية. ويجب الالتزام بالتقاليد الإسلامية المحافظة خصوصا فيما يتعلق بملابس السيدات. كما يجب التحصين ضد بعض الأمراض الاستوائية.
> كوبا: على الرغم من نمو صناعة السياحة في كوبا إلى ما يقرب من مليوني سائح سنويا، فإن هناك كثيرا من الوجهات السياحية داخل البلاد التي لم تستكشف بعد. فهناك 253 محمية طبيعية و257 وجهة آثار وطنية، و7 مواقع تراثية مصنفة من منظمة اليونيسكو، و13 حديقة نباتية استوائية. وقبل الثورة الكوبية كانت علاقات كوبا مع الولايات المتحدة وثيقة، وتدفق عليها الاستثمار الصناعي الذي ما زالت آثاره تظهر في السيارات الأميركية الكلاسيكية التي تعتمد عليها البلاد. ولكن العلاقات تأزمت بعد تأميم الأعمال والشركات، وتعرضت كوبا لفترة مقاطعة طويلة وحظر على السفر إليها. ولكن العلاقات في السنوات الأخيرة تحسنت مع أوروبا والولايات المتحدة، وعادت أفواج السياحة مرة أخرى، ومعظمها يتوجه إلى السواحل وإلى العاصمة هافانا. وتعد السياحة الآن من مصادر الدخل الرئيسية في البلاد. وتعد كندا من أكبر الدول المصدرة للسياحة إلى كوبا، ويزورها سنويا من كندا ثلث عدد سياحها. وتنفتح كوبا الآن على العالم وتشجع القطاع الخاص فيها وصناعة السياحة على وجه أخص. وعادت العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة منذ عام 2015. ويصل السياح إلى كوبا من جميع أنحاء العالم عبر رحلات جوية منتظمة أو رحلات تشارتر سياحية تهبط في 10 مطارات كوبية. وهناك نسبة عالية من هذه الرحلات تتبع قطاع السياحة العلاجية نظرا لتفوق هذا القطاع في كوبا. ويوفر راوول كاسترو رئيس كوبا الحالي مزيدا من التسهيلات، مثل فتح المناطق التي كانت محظورة سابقا على السياح، والسماح للكوبيين بالإقامة في الفنادق السياحية.
> شاطئ الانتيخو - البرتغال: يذهب ملايين الأوروبيين إلى البرتغال سنويا، ولكن معظمهم يغفل الذهاب إلى شاطئ الانيتخو جنوب العاصمة لشبونة. وهي منطقة طبيعية يقطعها نهر سادو الذي يصب في المحيط الأطلنطي، وبها شواطئ تكون فيما بينها شبه جزيرة ويمكن الوصول إليها بعبّارات بحرية.
ويتمتع القليل من السياح الذين يكتشفون هذه المنطقة برياضات التزلج الشراعي على الماء والغولف ومشاهدة الدلافين والتنزه على الشواطئ. ويمكن زيارة بعض القرى والتعرف على الثقافة المحلية المتأثرة بفترة الحكم العربي في البلاد، وتفقد بعض الآثار الرومانية المنتشرة في المنطقة. وفي المساء؛ يمكن التوجه إلى منطقة كومبورتا حيث المطاعم منتشرة في الأزقة بين محلات بيع الهدايا والمشروبات. ويمكن استئجار سيارة لاستكشاف معالم المنطقة خلال 10 شهور من العام يكون النشاط السياحي خلالها شبه منعدم.
وتزدحم المنطقة بالسياح المحليين من البرتغال خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) من كل عام. وبالمقاييس الأوروبية، تعد المنطقة فقيرة نسبيا ومن الأقل تطورا في أوروبا، وربما كان هذا من أهم جوانب جاذبيتها. وهي منطقة جمال طبيعي، ويطلق عليها البعض اسم «توسكاني البرتغال» نسبة إلى منطقة سياحية إيطالية شهيرة. والسفر إلى المنطقة يشبه العودة بالزمن إلى نصف قرن مضى، خصوصا فيما يتعلق بالهدوء ووقع الحياة الرتيب. وهي منطقة معزولة نسبيا وتحتاج إلى قيادة ساعتين من العاصمة لشبونة أو من مدينة فارو. ولا توجد فنادق فاخرة في المنطقة؛ بل يلجأ السياح إلى بنسيونات صغيرة منتشرة في القرى.
> فاليتا - مالطا: فيما يذهب معظم السياح إلى مالطا من أجل التمتع بالشمس والشواطئ، فإن كثيرا منهم يغفل ما تقدمه العاصمة فاليتا من عوامل جذب سياحية فريدة. وتقدم فاليتا، التي تأسست عام 1565 وبعض أنحاء مالطا معالم تاريخية فريدة تمتد لأكثر من 5 آلاف عام. ولذلك، فهي وجهة سياحية تصلح للزيارة طوال فترات العام؛ حيث السباحة والغوص والرياضات البحرية خلال فترة الصيف وتفقد الآثار وسياحة المدن خلال فصل الشتاء. وهي من أصغر العواصم الأوروبية حجما، لكنها توفر كثيرا من المعالم؛ التي تشمل المتحف الوطني وقصر «روكا بيكولا» الذي يعود تاريخه إلى القرون الوسطى. وهناك أيضا متحف حربي وقلاع وأسوار بحرية. وتعد فاليتا حصنا عسكريا تاريخيا يقع في شبه جزيرة وتصنفه منظمة اليونيسكو ضمن التراث الإنساني، وأفضل وسائل اكتشاف المدينة المشي على الأقدام في زقاقاتها وحدائقها. ولا بد لزائر فاليتا من أن يقضي بعض الوقت في الميناء التاريخي الذي يعد حصنا تاريخيا منيعا. ورغم أنه تأسس منذ القرن السادس عشر، فإنه يتسع الآن لسفن الـ«كروز» والسفن حاملة الحاويات، كما تنتشر آلاف اليخوت في المناطق المحيطة بالميناء. ولعشاق الفن، يوجد في المدينة أيضا متحف الفنون الجميلة الذي يضم لوحات لكبار فناني مالطا وأوروبا يعود تاريخ بعضها إلى القرن الثاني عشر.
> يوتاه - أميركا: تعد ولاية يوتاه الأميركية من أكثر الولايات الأميركية ثراء بالجمال الطبيعي والمعالم غير العادية، ولكنها لا تحظى إلا بنسبة ضئيلة من السياح بالمقارنة مع ولاية كاليفورنيا المجاورة لها من ناحية الغرب. ويقول أهل الولاية إنها نحتت بالرياح والمياه عبر التاريخ. وهي تضم 5 محميات طبيعية وكثيرا من الجبال. وتعد رحلة بالسيارة في أرجاء يوتاه من أفضل الرحلات السياحية التي يمكن أن يقوم بها زائر لولايات أميركية. وهناك كثير من البحيرات المنتشرة في يوتاه، واكتسبت العاصمة «سولت ليك سيتي» اسمها من إحدى هذه البحيرات. وهي توفر أيضا معالم الحضارة الحديثة في «سولت ليك فالي» حيث دار الأوبرا ومسرح الباليه والمتاحف وقاعات الموسيقى السيمفونية والمطاعم والنوادي الليلية.
وتوفر الطريق السريعة «89» في وسط الولاية فرصة للوحدة والسكينة وسط مشاهد طبيعية صحراوية حادة بين الوديان العميقة والقمم الشاهقة. ويتعمق هذا المشهد في جنوب يوتاه حيث الصخور التي نحتها الزمن إلى أشكال متعددة؛ منها ما يشبه الجسور. وتبقى في الولاية آثار لقبائل نافاهو من الهنود الحمر، ووديان ذات تلال عملاقة طالما ظهرت في أفلام الغرب الأميركية الكلاسيكية. ورحلة إلى ولاية يوتاه هي في الواقع رحلة إلى الخيال الذي يجمع بين تاريخ الغرب الأميركي والطبيعة في أكثر معالمها درامية.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».