روي هودجسون: التدريب متعة سادية ومن المعاناة تشعر بالسعادة

المدير الفني لكريستال بالاس نجح في إنقاذ النادي واسمه الكبير وما زال يتمتع بطاقة كبيرة رغم تجاوزه السبعين

هودجسون نجح في إنقاذ مسيرة كريستال بالاس وأبعده عن منطقة الخطر (أ.ف.ب)
هودجسون نجح في إنقاذ مسيرة كريستال بالاس وأبعده عن منطقة الخطر (أ.ف.ب)
TT

روي هودجسون: التدريب متعة سادية ومن المعاناة تشعر بالسعادة

هودجسون نجح في إنقاذ مسيرة كريستال بالاس وأبعده عن منطقة الخطر (أ.ف.ب)
هودجسون نجح في إنقاذ مسيرة كريستال بالاس وأبعده عن منطقة الخطر (أ.ف.ب)

لم يكن المدير الفني لنادي كريستال بالاس روي هودجسون يوماً ما من نوعية المدربين الذين ينظرون إلى الوراء. ولو كان الأمر كذلك لظل حتى الآن - حسب اعترافه - في نفس الدائرة المغلقة لحياته بالذهاب إلى النادي الذي كان يشجعه، وهو صغير، ويمشي مع والده لمشاهدة فريق الرديف بالنادي في أسبوع، ثم مشاهدة الفريق الأول في الأسبوع التالي من شرفة ملعب هولميسديل روود.
لقد كان الشعور بالطموح الكامن لنادي كريستال بالاس ورغبة هودجسون في العودة إلى العمل مرة أخرى بعد 14 شهراً من ترك منصبه كمدير فني للمنتخب الإنجليزي، هو الذي أقنعه بالعودة إلى النادي الذي بدأ العمل به قبل أكثر من نصف قرن من خلال جلسات مع فريق الشباب بالنادي.
وكان والده بيل، وهو من مقاطعة تاينسايد البريطانية، قد انتقل للعمل في العاصمة البريطانية لندن قبل الحرب العالمية الثانية، ثم عاد من القتال ليتزوج ويستقر كسائق حافلة في الضواحي الواقعة جنوب النهر.
يقول هودجسون: «لقد اعتبر نفسه لندنياً، لكنه كان يشجع ناديين: نيوكاسل في شبابه، ثم عندما انتقل إلى مدينة كرويدون، كان يشجع كريستال بالاس. وقبل وفاته مباشرة، أطحنا بنادي إنترميلان الإيطالي من بطولة أبطال الكؤوس الأوروبية في عام 1989. وكنت سعيداً حقاً لأنه عاش على الأقل لرؤية تلك اللحظة. لكن أن يراني مع كريستال بالاس فهذه قصة أخرى! أنا متأكد من أنه كان سيكون فخوراً وسعيداً للغاية».
وبعد ما يزيد قليلاً عن أربعة أشهر على تعيينه مديراً فنياً لنادي كريستال بالاس، كان البعض يشكك في قدرته على قيادة الفريق لبر الأمان، ولا يتذكر سوى الإخفاق الأخير للمدير الفني المخضرم مع المنتخب الإنجليزي في البطولات الأخيرة، وافترض أن هذا الرجل قد انتهى، ولذا فمن الصعب ألا نعجب بقدرة هذا المدير الفني المخضرم على العودة إلى التألق من جديد.
ورغم أن هودجسون قد بلغ السبعين من عمره، وتعد هذه هي المهمة التدريبية رقم 20 في تاريخه، فإنه يملك طاقة هائلة للتدريب بكل قوة، وربما أكثر من أي وقت مضى، كما أن لديه قدرة كبيرة على نقل طاقته وحماسه إلى لاعبيه، بدءاً من ويلفريد زاها مروراً بجيمس تومكينز ووصولاً إلى باكاري ساكو ومارتن كيلي، وهم اللاعبون الذين نجح هودجسون في إعادتهم إلى المستوى القوي الذي كانوا عليه من قبل.
وقبل تولي هودجسون قيادة كريستال بالاس، كان الفريق قد حقق أسوأ بداية له في الدوري الإنجليزي الممتاز عبر تاريخه، حيث خسر سبع مباريات من دون إحراز أي هدف، بما في ذلك أربع مباريات تحت قيادة المدير الفني الهولندي فرانك دي بور. ووصل هودجسون لتولي قيادة الفريق في ظروف صعبة للغاية، وحتى جدول المباريات وضعه في اختبار صعب في أول مباراتين له أمام كل من مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد. لكن خلال 16 مباراة منذ ذلك الحين، ورغم قائمة الإصابات الطويلة، نجح كريستال بالاس في حصد 25 نقطة، ولم يخسر في آخر 12 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز سوى أمام آرسنال.
وكان هناك بعض الأوقات - مثل تعثر الفريق على ملعب الاتحاد أو عندما أضاع فريقه ركلتي جزاء في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع أمام كل من بورنموث ومانشستر سيتي - التي فكر فيها هودجسون في المنطق وراء استئنافه لحياته المهنية مرة أخرى.
يقول المدير الفني المخضرم: «كنت سأضحك كثيراً لو أخبرني شخص ما في عام 1976 بأنني سوف أستمر في مهنة التدريب حتى السبعين من عمري. لقد ساعدت بوبي هوتون في نادي هالمشتاد السويدي وكان عمرنا لا يتجاوز الثلاثين عاماً. كنا نقول: ألن يكون من الرائع أن نقوم بذلك لمدة 10 سنوات وندخر بعض المال، ثم نبدأ عملاً صغيراً سوياً، كشركة سياحة مثلاً. لم تكن لدينا أفكار عن كرة القدم أكثر من ذلك».
وأضاف: «إنها متعة سادية، فالمعاناة لا تتوقف أبداً وهذه هي المشكلة. وهناك الكثير من المديرين الفنيين الشباب الذين يحترمون حقيقة قيامي بذلك لفترة طويلة، ويسألونني عن كيفية القيام بهذا الأمر في كثير من الأحيان. ويسألون: هل بات الأمر أسهل من ذي قبل؟ هل يمكنك الاسترخاء أكثر خلال المباريات؟ لكن المأساة أنني أقول لهم: لا، فالأمر يزداد سوءاً. عندما تضع قدمك على أول السلم فهذا هو المكان الذي يمكنك بسهولة التراجع عنده. وعندما تكون محظوظاً بما فيه الكفاية وتنجح في الصعود، فإن الشيء الوحيد الذي يمكنك أن تراه هو الانزلاق الموجود خلفك، لكنك لا ترى درجات السلم التي تأخذك لأعلى».
ويتابع: «أنت تتعلم أن تكون أقوى بمرور الوقت، لكن كلما ظللت في هذه المهنة لفترة أطول فسيكون من الصعب عليك الابتعاد عنها. إنها ليست شيئاً يمكنك الذهاب بعيداً عنه، وحتى لو كنت لا تحقق الفوز، فقد تشعر ببعض الراحة والرضا من حقيقة أنك تقوم بعملك بشكل صحيح. لكنني أعاني خلال المباريات، فنحن نتابع كل ما يحدث ونبذل قصارى جهدنا ولا نترك أي كرة إلا ونحاول أن نحصل عليها، ونتمنى أن ينجح دفاعنا في إيقاف كل الكرات العرضية. نحن نستمتع بالمباريات إلى حد ما، لكن قلبك دائما يخفق».
إن المشهد الذي يذهب فيه المدير الفني لنادي مانشستر سيتي جوسيب غوارديولا إلى هودجسون خلال الوقت المحتسب بدلاً من الضائع للمباراة التي انتهت بالتعادل السلبي بين كريستال بالاس ومانشستر سيتي، في ليلة رأس السنة الجديدة، يلخص الاحترام الذي يحظى به هودجسون من قبل أقرانه من المديرين الفنيين. وقد تحدث هودجسون وغوارديولا عن فريقيهما، وقال هودجسون: «لقد كانت محادثة لطيفة».
لقد عبر هودجسون عن إعجابه بالطريقة التي يلعب بها مانشستر سيتي والجهد الكبير الذي يبذله الفريق حتى الرمق الأخير من عمر المباريات. يقول هودجسون: «أنا أحب الطريقة الرائعة التي يلعبون بها. وما زلت أشعر بالكثير من المتعة وأنا أشاهد الفرق الجيدة وهي تلعب، وأستمتع برؤية تحركات اللاعبين المتناسقة. الأمر يشبه رقص الباليه، فهناك الكثير من التفاعل في مباريات كرة القدم: بينك وبين زملائك في الفريق وكيف يدعم كل لاعب زملاءه ويعمل من أجل الآخرين ويركض وينتظر المساعدة. لكنني أستمتع أيضا بالجانب الآخر المتمثل في الضغط على الخصم، وكيف يعمل اللاعبون بقوة لاستعادة الكرة».
لقد تسلم هودجسون مهمة فريق يعاني من انعدام الثقة، لكن النادي كان حريصاً على توفير كل عوامل النجاح للمدير الفني المخضرم، فأصبحت تقام الحصص التدريبية على شكل المباريات لتشجيع اللاعبين على التعاون فيما بينهم، ولكي يعرف كل لاعب دوره في المباريات جيداً. لقد نجحت هذه الطريقة من قبل مع هودجسون في فولهام ووست بروميتش ألبيون ومالمو وكوبنهاغن.
يقول هودجسون: «لم نسمع أي أحد يقول: لماذا نقوم بذلك بحق الجحيم؟ لكن العكس هو ما حدث تماماً، حيث جاء بعض الأشخاص إلينا وقالوا: نحن نحب هذا وبحاجة إلى المزيد، ونرجوكم أن تستمروا في هذا الأمر. الفريق يستمد زمام المبادرة منك ومن طاقتك وحماسك، وكل ذلك ينتقل إلى اللاعبين. أنا قلق من أن يكون تقدمي في السن قد لا يجعلني قادراً على التأكد من مواصلة ذلك».
وبفضل العمل الكبير الذي قام به، نجح هودجسون في الارتقاء بكريستال بالاس إلى المركز الثاني عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، ويبدو أنه سيتلقى العديد من العروض خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية. يقول هودجسون: «أعمل في نادٍ لديه إمكانات جيدة حقاً، كما أن ملاك النادي يفكرون بطريقة صحيحة. الشيء الوحيد الذي نفتقر إليه هو التأكد من أن لدينا 11 لاعباً لديهم القدرة على تحقيق الاستقرار التام في الدوري الإنجليزي الممتاز، حتى لا يمكننا النظر إلى الحمل الثقيل الموجود على كاهلنا ونتساءل: هل سنستمر في الدوري الإنجليزي الممتاز، أم سنهبط لدوري الدرجة الأولى»؟.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».