تشكيل تحالف سياسي لخوض الانتخابات البلدية التونسية

TT

تشكيل تحالف سياسي لخوض الانتخابات البلدية التونسية

أعلن عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري التونسي المعارض، عن تشكيل ائتلاف انتخابي يضم 11 حزباً سياسياً بهدف خوض غمار الانتخابات البلدية المقبلة في قائمات موحدة داخل أكثر من 45 دائرة بلدية.
وقال الشابي إن هذا التحالف الانتخابي، الذي يحمل اسم «الاتحاد المدني»: «منافس جدي لبقية الأحزاب السياسية، خصوصاً حزبي النداء والنهضة اللذين يخوضان الانتخابات في قائمات انتخابية توزع بين 50 في المائة لأبناء الحزب، والنصف الثاني للكفاءات المستقلة».
وأضاف الشابي أن الائتلاف الانتخابي قبل انضمام حزب الحركة الديمقراطية، الذي أسسه أحمد نجيب الشابي قبل فترة قصيرة، ليصبح بذلك عدد الأحزاب المنضوية تحت لواء هذا التحالف السياسي الجديد 11 حزباً.
ويضم هذا الائتلاف حركة آفاق تونس، وحركة مشروع تونس، وحركة تونس أولاً، والحزب الجمهوري، وحزب المستقبل، وحزب المسار، بالإضافة إلى حزب العمل الوطني الديمقراطي، وحركة البديل، وحزب اللقاء الدستوري، وحزب المبادرة، إلى جانب الحركة الديمقراطية التي انضمت أخيراً لهذا التحالف الجديد.
وبشأن أهداف هذا الائتلاف الانتخابي، وما إذا كانت له قدرة فعلية على منافسة بقية الأحزاب والجبهات الانتخابية، أوضح الشابي لـ«الشرق الأوسط» أن لجنة فنية تجمع رؤساء الأحزاب المنضمة لهذا التحالف ستتكفل بإعداد القائمات الانتخابية الموحدة، ومن المنتظر التقدم في 45 دائرة انتخابية كبرى بمراكز الولايات (المحافظات)، إضافة إلى ثاني أكبر بلدية في كل ولاية. ودعا هذا الائتلاف الانتخابي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى التعجيل بعقد لقاء تشاوري مع كل الأحزاب، بهدف تحديد خريطة طريق بخصوص إجراء الانتخابات البلدية، والمصادقة على مجلة الجماعات المحلية، وتركيز فروع المحكمة الإدارية، وضمان حياد الإدارة.
وبخصوص عمليات التنسيق بين هذه الأحزاب خلال تلك الفترة التي تسبق الإعلان عن المرشحين للانتخابات البلدية المقبلة، أكد الشابي أن المطلب الأساسي خلال هذه المرحلة هو التصديق على قانون الجماعات المحلية، المنظم للسلطة المحلية، الذي سيرسي دعائم وآليات الحكم المحلي، علاوة على تركيز فروع للمحكمة الإدارية التي ستبت في الخلافات الانتخابية، وتحييد الإدارة خلال هذا الاستحقاق، وضمان عدم استغلال إمكانيات الدولة لصالح أحزاب الائتلاف الحاكم الحالي، بزعامة النداء والنهضة.
وتتبادل الأحزاب السياسية اتهامات فيما بينها بمحاولة عرقلة الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في السادس من مايو (أيار) المقبل، وذلك من خلال دعم الاحتجاجات الاجتماعية، ونشر الفوضى التي تكون مؤثرة على الوضع الأمني. كما تُتهم أحزاب يسارية صغيرة، لم تستطع منافسة حزبي «النداء» و«النهضة» في الانتخابات الماضية، بالسعي إلى عرقلة المسار الانتخابي، من خلال إذكاء موجة الاحتجاجات بهدف تأجيل الانتخابات البلدية المقبلة. وبخصوص إمكانية عودة الاحتجاجات، ومدى تأثيرها على الاستعدادات للانتخابات، أكد عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا خوف على اقتراع البلديات، لكنه أوضح أنه بإمكان الاحتجاجات أن تعيد الشأن السياسي إلى محور اهتمامات التونسيين، مشيراً إلى عودة الجدل السياسي بقوة حول الفشل في تحقيق التنمية، وتوفير فرص العمل، وهو ما من شأنه أن يُذكي المنافسة بين مختلف الأطراف السياسية، ويدفعها إلى كسب ود القواعد الانتخابية. وتوقع البرينصي أن يكون موعد 15 فبراير (شباط) المقبل، تاريخ التقدم بالقوائم الانتخابية، محطة هامة لبداية تنفيذ ما تبقى من المسار الانتخابي، على حد تعبيره.
وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية عن توفير حماية أمنية كاملة لحمة الهمامي، زعيم تحالف الجبهة الشعبية اليساري، إثر استدعائه من قبل وحدات أمنية مختصة في مكافحة الإرهاب، وإعلامه بأنه محل تهديد جدي بالاغتيال بعد دعمه للاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة، التي عرفتها البلاد ضد الزيادات في الأسعار.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.