وفاة عضو في «هيئة التفاوض» المعارضة بـ«حادث دهس» في دمشق

اتهامات للنظام بتدبير «عملية اغتيال» منير درويش

TT

وفاة عضو في «هيئة التفاوض» المعارضة بـ«حادث دهس» في دمشق

شيّع في حي باب توما بدمشق أمس، المعارض السوري عضو «هيئة التفاوض» عن «منصة القاهرة» منير درويش، عن عمر يناهز 78 عاماً، بعد وفاته في حادث دهس أمام منزله في ريف دمشق. وفيما نعاه نجله الموجود في أميركا من دون ذكر تفاصيل الحادث، وجّهت «هيئة التفاوض» في بيان النعي اتهاماً للنظام باغتيال درويش.
وكتب مازن درويش، نجل المعارض الراحل، على صفحته في موقع «فيسبوك»: «ببالغ الأسى تلقينا نبأ وفاة والدي، الأستاذ منير درويش في ظروف أليمة وصعبة على كل السوريين، داخل وخارج سوريا».
أما «هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية» فقد حمّلت النظام السوري المسؤولية عما وصفته بـ«عملية تصفية متعمدة» للمعارض درويش. وقالت «الهيئة»، في بيان، إن درويش «تعرض لعملية دهس أمام منزله في مدينة دمشق مساء الجمعة، ثم تلتها عملية تصفية متعمدة». وطالبت الهيئة «الجهات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، بإجراء تحقيق جنائي شفاف بحادثة الاغتيال».
كذلك اتهمت شخصيات سورية معارضة، أمس، النظام بالمسؤولية عن «تصفية» درويش، بحجة أن حالته الصحية كانت مستقرة، وكان بصدد مغادرة المستشفى. وكان صديق درويش مروان حبش (أبو سعيد) أول من أعلن نبأ وفاته مساء الجمعة، وكتب على صفحته في «فيسبوك»: «زرتك عصر هذا اليوم (الجمعة) في غرفتك بالمستشفى، وتحدثنا مطولاً عن جنيف وسوتشي ومؤتمر القاهرة، وتحدثت معك من أميركا أم مازن (زوجة منير درويش) وجاوبتها بأن أبو سعيد سيطمئنك بعد وصوله للبيت، وتحدثت مع أم مازن، وأبلغتها أن وضعك الصحي سليم، وأنك مصر على مغادرة المستشفى غداً السبت (أمس)، الراحة والسكينة لروحك يا أبا مازن، يا أيها الصديق الودود والوطني بإخلاص».
واتهم رئيس الدائرة الإعلامية في «الائتلاف الوطني» أحمد رمضان، في تغريدة على «تويتر»، النظام السوري باغتيال عضو «هيئة التفاوض» الكاتب منير درويش، بعد «محاولة دهسه قرب منزله في دمشق»، كما قال. وأضاف أن «درويش أخضع لعمل جراحي في قدمه بمشفى المواساة، قبل أن تتم تصفيته لاحقاً». من جانبه، قال المستشار الإعلامي لـ«هيئة التفاوض»، يحيى العريضي، إن درويش تعرض لـ«عملية اغتيال مخططة من قبل النظام السوري»، وطالب المنظمات الحقوقية بإجراء «تحقيق جنائي شفاف».
وشارك درويش في المفاوضات الخاصة بالتسوية السياسية السورية في الشهور الماضية، وكان آخرها مفاوضات «جنيف 8» و«مؤتمر الرياض2».
ومنير درويش الذي شيّع إلى كنيسة السريان الأرثوذكس بحي باب توما الدمشقي صباح أمس، كاتب وروائي وسياسي يصفه رفاقه بـ«المناضل الوطني والقومي العربي الذي تتلمذ في مدرسة المفكّر السوري ياسين الحافظ، وساهم بعد رحيله بنشر فكره ومتابعة رسم الخط بانفتاح ووعي وثبات، ملتزماً بخطه الوطني والقومي والثوري والماركسي والديمقراطي العلماني». وآثر درويش البقاء في دمشق، رغم مغادرة أسرته للبلاد، ولم يمنعه ذلك من المشاركة مع المعارضة في العمل السياسي، فكان عضواً في «منصة القاهرة»، وأحد مكوّنات «هيئة التفاوض» التي شكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي انبثقت عن مؤتمر «الرياض 2».
ونعت المعارضة السياسية السورية مية الرحبي الراحل درويش على صفحتها في «فيسبوك». وكتبت: «قضينا ساعات طويلة في لقاء جنيف الأخير، نعمل على أوراق تحمل كل أحلامنا وأمانينا بمستقبل حر لبلدنا وشعبنا. أهكذا ترحل قبل أن ترى تلك الأفكار على الورق حلماً يتحقق؟ هل سنرحل كلنا قبل ذلك؟».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».