وادي قاديشا: أكثر وديان لبنان روعة وخشوعا وينبض بإرث دفين

«اليونيسكو» أدرجته في لائحة التراث الإنساني العالمي عام 1998

صورة بانورامية للوادي
صورة بانورامية للوادي
TT

وادي قاديشا: أكثر وديان لبنان روعة وخشوعا وينبض بإرث دفين

صورة بانورامية للوادي
صورة بانورامية للوادي

عند المشي فيه، ثمة ما يدعوك للخشوع والتأمل؛ حيث سكون الوادي ورهبته وصمت الجبال والصخور الشاهقة، حتى يصعب عليك تخيل أن هناك مكانا بهذا المزيج المدهش من الجمال والغموض في منطقة الشرق الأوسط.
تنحدر، نحو قعر الوادي، الذي زاره الشاعر الفرنسي لامارتين وقال عنه: «لم يترك أي مشهد في نفسي انطباعا مماثلا، هذا المكان يجمع جمال الخطوط وعظمة القمم ودقة التفاصيل وتنوع الألوان».
إنه وادي قاديشا، أحد أعمق وديان لبنان، ويقع على بعد 121 كلم شمالي العاصمة اللبنانية بيروت، فيما المعابد المنحوتة في قلب الصخر النابض بحكايات الأقدمين، تبدو كأنها معلقة بين الأرض والسماء.
يقول خادم رعية الوادي الخوري حبيب صعب في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الوادي ينقسم إلى مقلبين، الأول هو وادي قاديشا، ويمتد حتى دير مار أنطونيوس قزحيا، نزولا حتى الفراديس. والثاني، هو وادي قنوبين، ويمتد من مدافن البطاركة الموارنة، صعودا حتى الكرسي البطريركي الجديد في الديمان».
ويضيف: «تكثر في وادي قنوبين الكهوف والمغاور، وكذلك المزارات ومحابس الرهبان والكنائس والأديرة».
أما تسمية «قاديشا» فتعود إلى الجذور السامية التي تعني «القداسة»، مما جعله الوادي «المقدس» لكونه رمزا من رموز الطائفة المارونية المسيحية. وكان وجهة اعتكاف للمسلمين أيضا، كما ذكر الرحالة الأندلسي ابن جبير عندما زاره في القرن الثاني عشر.
ومن أهم معالم الوادي:
- مقر البطريركية المارونية منذ عام 1400م حتى 1790م.
- دير مار أليشا الشاهد على ولادة الرهبنة المارونية اللبنانية في عام 1695م.
- دير مار أنطونيوس قزحيا وهو مقر أول صحافة مكتوبة في لبنان في القرن الـ16.
- المركز الكاثوليكي الوحيد في الشرق قبل القرن الثامن عشر.
كما كان هدفا للحجاج القادمين من الغرب؛ حيث حفر البطاركة والقديسون صخوره لتتحول إلى مناسك ومغاور ومحابس متناثرة في دفتي الوادي على شكل معلقات.
يرتفع وادي قاديشا عن البحر 1500 متر، فيما يبلغ عمقه نحو 500 متر، تجد وأنت تمشي فيه عبر الدروب الصخرية القاسية كل ألوان الجمال، بدءا من زرقة النهر الذي يجري في أعماق الوادي، ومرورا بخضرة الأشجار التي تكسو جباله، ووصولا إلى بياض الضباب والسحاب الذي يجعل من قاديشا لوحة أسطورية بالغة الجمال!
هذا الوادي الساحر يختزن إرثا دينيا وثقافيا يعود إلى العصور الغابرة، قد يكون صعبا على القاصدين معرفة كيفية التجول في أرجائه دون دليل؛ لذا قام اتحاد بلديات قضاء بشري العام الماضي بنشر لوحات تدل على الكنائس والأديرة والصوامع والمغاور.
في أعماق هذا القفر الموحش المخضوضر، يسيل نهر قاديشا الذي ينبع من مغارة تقع عند أقدام «أرز الرب» التي تشرف عليها «القرنة السوداء»، أعلى قمم جبال لبنان.
يبدأ الوادي عند بلدة بشري، وهي مسقط رأس الشاعر اللبناني المبدع جبران خليل جبران، ويصب فيه عدد من الوديان الرافدة التي تجتمع مياهها فيه لتسيل باتجاه البحر، بعد أن يكون النهر قد عبر طرابلس وتحول فيها اسمه من نهر قاديشا إلى نهر «أبي علي».
وحظي الوادي باهتمام عالمي؛ حيث قامت منظمة اليونيسكو بإدراجه في لائحة التراث الإنساني العالمي عام 1998، وقامت بوضع صورته على غلاف عددها الصادر في أواخر 2014 وهي المرة الأولى التي يتصدر فيها غلاف المجلة موضوع يتعلق بلبنان.
واليوم تتوالى أعمال البحث والاستكشاف عن المغاور والمحابس في هذه المنطقة. ويستند متطوعو «رابطة قنوبين للرسالة والتراث» في بعض أعمال البحث، إلى الروايات الموروثة لأبناء الوادي والجوار، التي تشير إلى مواقع المعالم وخصوصيتها.
ففي 3 فبراير (شباط) 2014 وصل متطوعو الرابطة إلى موقع «مدفن القلاعي» بعد سعي امتد لسنتين، وهو معلق في الجرف الصخري شرق دير سيدة قنوبين، وواحد من المغاور والمحابس التي شهدت الحياة الروحية في جوار الدير المذكور.
وفي أواخر الشهر المذكور انكشف الموقع الذي يحتضن ثلاث مغاور ذات خصوصية متصلة بتراث الوادي البشري والعمراني، وهي مغارة «شير النحلة»، ومغارة «النحلة»، ومغارة «بركة بيت حبيب»، وقد حولها الإنسان بركة أو خزانا للري.
وإذ يشدد مسؤول الإعلام في الرابطة جورج عرب على أن الوصول إلى بعض المغاور المكتشفة كان صعبا جدا، يؤكد أن المرحلة التالية هي لإجراء الأبحاث العلمية لتحديد الحقبة التاريخية التي سكنها الإنسان، ولدراسة الحقبة الجيولوجية التي تشكلت فيها تلك المغاور.
ويشير الأب صعب إلى أن الأنظار تتجه اليوم نحو الكم الهائل من الاكتشافات لمغاور كانت مغمورة في الوادي، وهو مما ضاعف عدد الأماكن الأثرية والتراثية والتاريخية إلى أكثر من 50 مغارة، ومحبسة، ومكان تنسك.
وتضاف هذه الاكتشافات إلى لائحة المغاور المكتشفة في محيط الوادي، التي كان أبرزها مغارة «عاصي الحدث»، التي عثر فيها على جثث محفوظة طبيعيا، فضلا عن بقايا فخاريات وعملات قديمة، تعود إلى القرن الثالث عشر.
وانتقالا إلى المغاور الواقعة بين قنوبين والفراديس، نجد أن عددها ثلاث؛ أولها وأكبرها مغارة الغفران، البالغ علو فتحتها في التجويف الصخري الشاهق 16 مترا، بعرض أربعة أمتار، وفي داخلها ترسبات مائية متحجرة بأشكال رائعة متعددة الأحجام.
أما مغارة «الملاك» فتمتاز بترسبات مائية متحجرة بألوان زاهية، من الأزرق والأصفر والأخضر الداكن، فيما تستوقفك مغارة القربان، التي هي عبارة عن تجويف شاهق في شير صخري. حجارتها رملية، تتدرج أقسامها من الخارج إلى الداخل على شكل مذبح للصلاة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوادي يأتي في طليعة مواقع السياحة الدينية في لبنان، ويقصده سنويا ما يزيد على 150 ألف سائح لبناني وعربي وغربي.



طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.