الجميع اليوم يستخدمون الإنترنت قبل إقدامهم على السفر، وخلال وبعد سفرهم، بهدف تحميل تطبيق يساعدهم في التعرف على وجهة معينة، وكذلك بالطبع لنشر صور الرحلة عبر «فيسبوك» و«إنستغرام». وقد أحدثت ثورة المعلومات نقلة نوعية في الطريقة التي يحضر فيها الناس لرحلاتهم، وفي أسلوب تمضيتها.
سياحة رقمية
خلال السنوات العشر الماضية، شهدنا نشوء وتطور سائح رقمي أكثر استقلالية ومتطلبات ومتعدد المصادر، يبحث عن خدمات خاصة تشمل خيار الاتصال الدائم بالإنترنت.
هذه الشروط جميعها تتطلب نشوء أعمال وخدمات متصلة بالسفر تلبي حاجات المستهلك الجديد الذي يعتمد على التقنية الرقمية. وتشمل هذه الأعمال العروضات وتوفير الخدمات وتجديد الوجهات لتفادي التكرار. إن ما نشهد عليه اليوم هو ولادة نموذج جديد كلياً من السياحة، يمكن تسميته نموذج «الوجهة السياحية الذكية»، قادر على تحقيق استدامة أكبر على الصعيدين الاقتصادي والبيئي.
ومع تزايد الاعتماد على النزعات والاتجاهات الاجتماعية التي تسهل المبيعات والمشاركة مع أشخاص يتمتعون باهتمامات مشتركة، تشهد الممارسات القائمة في عالمنا اليوم كثيراً من الفوضى. في كل يوم، تظهر شركات جديدة تنسخ عمل الآخرين، أو تتحول إلى نماذج أصغر، أو حتى نسخة جديدة عن شركات أخرى.
ولا شكّ أن الابتكار والتكنولوجيا قد غيرا قواعد اللعبة، إذ بات السائح اليوم مسؤولاً (عبر البحث واختيار الرحلات والمنتجات والخدمات، والتخطيط السريع للرحلات، والتواصل والآراء، إلخ)، وأصبحت التكنولوجيا جهة المورد التي يجب أن تتأقلم مع طلبات الزبون لمعلومات دقيقة وقابلة للمقارنة، وأسعار مناسبة، وتجارب سفر متنوعة وحقيقية.
هذه التغييرات تؤثر على القطاعين السياحيين العادي والفاخر، حسب دراسة نشرها «مؤشر السفر الفاخر» في كلية «آي إي» للأعمال. وتعتمد «وجهات السياحة الذكية» على الابتكار والتكنولوجيا وسهولة الوصول والاستدامة. وقد بدأ «سيجيتور»، أحد أقسام وزارة السياحة في إسبانيا، عام 2012 بتطوير هذا المبدأ للمساهمة في إيصال البلاد إلى الريادة في مجال السياحة المستدامة، وكان السباق في نشر معايير الترخيص لتعريف الوجهات الذكية. ويفتح هذا النموذج الجديد الباب لآلاف من فرص العمل في جميع أنحاء العالم. كما تعمل دول أخرى أيضاً، من بينها المكسيك (كوزوميل، وتيكيلا) والأرجنتين (بوينس آيرس) وغيرهما في القارة الأميركية، على وضع استراتيجيات سياحية تتضمن مكونات ذكية.
تقنيات سياحية
تساهم التقنيات الجديدة المرتبطة بإنترنت الأشياء، والبيانات الكبيرة والمفتوحة، والذكاء الصناعي، والعملة الرقمية، والواقع الافتراضي، في تمهيد الطريق أمام ممارسات جديدة، ووسائل جديدة ومبدعة لجذب الزبائن والحفاظ عليهم. ويمكن القول إن عالم التسويق والمبيعات وبرامج الولاء دخل عصر التحليلات المستمرة وجمع المعلومات.
ويصبح الذكاء السياحي حقيقة منذ اللحظة التي يبدأ فيها المستهلك بتحليل البيانات. وسيتيح مزيج من المسافرين المدعّمين بالمعلومات والتقنيات المحمولة للقطاع فرصة تطبيق استراتيجيات تسويق وترويج مبتكرة تجذب عواطف المستخدمين وحاجاتهم الشخصية بشكل مباشر.
وتسمح نظم الذكاء الصناعي، المتوفر اليوم عبر برامج التواصل الآلي والبيانات الضخمة والتعلم المتعمق بتحليل المعلومات الشخصية الخاصة بالمستخدم، بسرعة فهم توقعاته، ومكان وزمان حصوله عليهم، وكيف يمكننا أن نوفر له هذه الخدمات بأكبر فعالية ممكنة.
وفي الوقت الحالي، ستسمح تقنية الواقع الافتراضي قريباً للمستهلكين بتوفير تجارب اندماج كامل حتى يتمكن الزبائن من اختبار تجربة سفرهم بشكل مباشر عبر هاتفهم الذكي أو في وكالات السفر، مما يحتم على العاملين في مجال السياحة أن يبدؤوا بتدريب فرق عملهم على كيفية التعامل مع التحول الرقمي وإدارته.