مقتل 12 مدنيا معظمهم من الأطفال في غارات جوية على حلب وإدلب

«الائتلاف» يطالب بـ«تحييد سلاح الجو» .. و«المرصد» يعلن مقتل قرابة ألفي مدني بالبراميل المتفجرة منذ يناير

سوريون يعاينون مبنى تدمر جراء استهدافه ببراميل متفجرة من القوات النظامية في حي الأنصاري بحلب أمس (رويترز)
سوريون يعاينون مبنى تدمر جراء استهدافه ببراميل متفجرة من القوات النظامية في حي الأنصاري بحلب أمس (رويترز)
TT

مقتل 12 مدنيا معظمهم من الأطفال في غارات جوية على حلب وإدلب

سوريون يعاينون مبنى تدمر جراء استهدافه ببراميل متفجرة من القوات النظامية في حي الأنصاري بحلب أمس (رويترز)
سوريون يعاينون مبنى تدمر جراء استهدافه ببراميل متفجرة من القوات النظامية في حي الأنصاري بحلب أمس (رويترز)

حصدت الغارات الجوية النظامية، أمس، عائلة واحدة مؤلفة من سبعة أشخاص يبلغ أصغرهم ستة أشهر، بريف حلب، إضافة إلى مقتل خمسة آخرين، بينهم ثلاثة أطفال، في بلدة إحسم بإدلب، في وقت طالب فيه الائتلاف السوري المعارض «مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار واضح وجاد يضمن تحييد سلاح الجو التابع لنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد بشكل عاجل وكامل»، مستنكرا «القصف العشوائي الذي يهدد حياة السوريين كل لحظة».
وتكثف القوات النظامية في الأشهر الأخير استخدام سلاحها الجوي، لقصف لبلدات ومناطق خاضعة لسيطرة كتائب المعارضة العسكرية، في خطوة تعتبرها المعارضة تهدف إلى «إخضاع هذه المناطق بالنار»، بعد فشلها في إعادة سيطرتها الميدانية عليها، مما يحصد أرواح عشرات المدنيين عدا عن الجرحى. وأدت غارة جوية شنتها القوات النظامية أمس على بلدة إحسم بجبل الزاوية في إدلب، إلى مقتل خمسة مواطنين، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة ستة آخرين، فيما قتلت عائلة بأكملها، مكونة من والدين وأولادهما الخمسة الذين يبلغ عمرهم عشرة وستة وأربعة أعوام وعامين وستة أشهر، نتيجة غارة نظامية جوية استهدفت بلدة تل رفعت، شمال حلب، والخاضعة لسيطرة المعارضة.
ويشن الطيران السوري منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي هجمات مكثفة على مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب وريفها. ونددت منظمات دولية ودول بهذه الحملة التي أدت إلى نزوح آلاف السكان وتدمير هائل بالمباني والبنى التحتية. وبلغ عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا جراء القصف بالبراميل المتفجرة والطيران الحربي، على مناطق في مدينة حلب وريفها منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية مايو (أيار) الماضي، 1963 مدنيا بينهم 567 طفلا، وفق حصيلة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس.
وأمام تكرار القصف الجوي على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، وآخره في مدينة دوما قبل يومين، طالب الائتلاف السوري المعارض أمس «مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع عاجل واتخاذ قرار ملزم يضمن تحييد سلاح الجو الذي يستخدمه نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد في قتل المدنيين بشكل عشوائي ونشر الفوضى والدمار في المناطق السكنية المأهولة الخارجة عن سيطرته».
وكانت منطقة السوق الشعبية المكتظة في دوما تعرضت لقصف جوي قبل يومين، أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص بينهم ثلاثة أطفال. وبعد تجمع المسعفين والأهالي لإنقاذ المصابين «أكملت قوات النظام جريمتها واستهدفت المكان بقذيفة هاون، مما ضاعف أعداد الضحايا والجرحى»، بحسب الائتلاف.
واعتبر الائتلاف، في بيان صادر عنه، أن «القصف الجوي المستمر للعام الثالث على التوالي تحت سمع وبصر العالم أمر يجب أن يتوقف بشكل فوري وحاسم، إذ لا تمر ساعة من نهار إلا وتقوم قوات الأسد باستهداف المدن والبلدات وقتل العشرات والمئات من المدنيين وتدمير المنازل والمدارس والمساجد والكنائس والمشافي والنقاط الطبية ومستودعات الإغاثة، في خرق فاضح لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب، وهو سلوك يستخدمه النظام كسياسة ممنهجة في كل أنحاء سوريا منذ انطلاق الثورة».
في موازاة ذلك، قصفت القوات النظامية مناطق في قريتي بلاس وعبطين بحلب، تزامنا مع اشتباكات بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) ومقاتلي الكتائب الإسلامية في منطقة الشيخ نجار. وأفاد المرصد السوري باستهداف «الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة بعدة صواريخ محلية الصنع، منطقة الأكاديمية العسكرية بحي الحمدانية». كما قصفت القوات النظامية بالبراميل المتفجرة جوار فرن لتوزيع الخبز في حي طريق الباب.
وفي ريف دير الزور، أشار المرصد السوري إلى «اشتباكات عنيفة بين مقاتلي (الدولة الإسلامية في العراق والشام) من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية وتجمع كتائب عبد الله بن الزبير من جهة أخرى، في محيط بلدة خشام، مما أدى إلى مقتل سبعة مقاتلين من (الدولة) وأسر عدد منهم، كما لقي مقاتل من تجمع كتائب عبد الله بن الزبير حتفه في الاشتباكات ذاتها».
وأدى هجوم مقاتلي «داعش» على بلدة خشام إلى توقف معمل غاز كونيكو عن العمل، في حين أعادوا إحكام سيطرتهم على قرية النملية جنوب بلدة الصور، عقب اشتباكات عنيفة مع مقاتلي «النصرة». وأدت اشتباكات مماثلة في محيط محطة الخراطة النفطية جنوب غربي دير الزور، إلى مصرع 5 مقاتلين.
وفي ريف دمشق، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة في بلدة المليحة ومحيطها، وسط قصف نظامي على مناطق في البلدة ومزارعها. وأفاد المرصد السوري بسقوط خمسة صواريخ أرض - أرض أطلقتها القوات النظامية على البلدة صباح أمس، في حين نفذ الطيران الحربي غارتين على أطراف بلدة حزة، بالتزامن مع قصف نظامي على مناطق في محيط البلدة.
وفي الحسكة، اعتدى مجهولون أول من أمس بالضرب على عضو أحد التجمعات الكردية قرب دوار العنترية بمدينة القامشلي، في حين لقي رجلان كانا يقودان دراجة نارية مفخخة حتفهما ليلا على الطريق الواصل بين منطقة دولاب العويص على أطراف مدينة الحسكة، ومركز مدينة الحسكة، إثر انفجار الدراجة بهما قبل الوصول إلى داخل المدينة، بحسب ناشطين.
في موازاة ذلك، أعلنت «محكمة الإرهاب» في سوريا الإفراج عن 490 معتقلا، لتواصل محاكمتهم وهم طلقاء، وتشكيلها لجنة «لإخلاء كل من يستحق»، وفق ما ذكرته صحيفة «الوطن» المقربة من النظام، في عددها الصادر أمس.
ونقلت الصحيفة عن رئيس النيابة العامة في «محكمة الإرهاب»، عمار بلال، توضيحه أن «محاكمة من أخلي سبيلهم ستبقى مستمرة إلى أن تثبت براءتهم أو يحاكموا وفقا للأدلة المتوافرة لدى المحكمة». ولفت إلى أن «إخلاء سبيلهم لا يعني بالمطلق العفو عنهم بشكل كامل»، لافتا إلى أنه «يمكن تشميل الموقوفين بأي عفو يصدر باعتبار أن التهم الموجهة إليهم ليست خطيرة».
وأشار بلال إلى أنه «تم تشكيل لجنة لدراسة أضابير الموقوفين بشكل كامل من أجل إخلاء سبيل من ترى اللجنة أنه يستحق ذلك»، معلنا «إخلاء سبيل عدد كبير منهم من السجون خاصة الذين لم يتورطوا في أعمال إرهابية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.