حرب {تسقيط سياسي} في العراق تخوضها «جيوش إلكترونية»

توقعات بأن تزداد ضراوة مع اقتراب موعد الانتخابات

TT

حرب {تسقيط سياسي} في العراق تخوضها «جيوش إلكترونية»

مثل النار في الهشيم، انتشر خبر تقديم النائب عن تحالف القوى العراقية مطشر السامرائي استقالته من البرلمان لأسباب طبية. الأهمية لا تكمن في خبر استقالة نائب، بصرف النظر عن موقعه أو تأثيره، بل في التوقيت وما أشيع عن البديل الذي سيحل محله في موقعه. من حيث التوقيت، فإنه لم يتبقَّ أمام الدورة البرلمانية الحالية سوى 6 أشهر تقريباً وأمام الانتخابات 5 أشهر، على الرغم من نفي رئيس البرلمان سليم الجبوري وجود موعد نهائي، وذلك في ظل الجدل المستمر بشأن إمكانية تأجيلها لبضعة شهور؛ مرة بحجة النازحين ومرة لغرض إعادة ترتيب الأوراق.
المجسات التي يعتمدها كثير من الكتل والأحزاب من خلال ما تملكه من جيوش إلكترونية تعم في الظلام، بالإضافة إلى منابر بعضها المعلنة تؤكد حاجة بعض منها إلى بضعة شهور أخرى لكي يكون مؤهلاً بالكامل لدخول حلبة التنافس الانتخابي. فمن حيث التوقيت، بدت استقالة السامرائي، الذي سبق له أن شغل منصب محافظ «صلاح الدين» مريبة إذا تم ربطها بالمرشح البديل، وهو مثنى السامرائي، رجل الأعمال الذي ينتمي إلى الكتلة والكيان والمحافظة نفسها التي ينتمي إليها السامرائي المستقيل وحاصل على أكثر من 9 آلاف صوت. الإشكالية بدت فيما تم تسريبه من أنباء عبر هذه المجسات والجيوش عن أن مقعد السامرائي المستقيل تم شراؤه لمصلحة السامرائي البديل بنحو نصف مليون دولار أميركي.
وسرعان ما انتشر هذا الخبر وأخذ حيزاً واسعاً في المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي لجهة أن البديل مثنى السامرائي عليه ملفات فساد، وبالتالي فإن شراءه هذا المقعد بهذا الثمن سيوفر له فيما تبقى من المدة الدستورية للبرلمان، الحصانة، التي يمكن أن تعفيه من الملاحقة القضائية. ومع أن مطشر السامرائي نفى ذلك في بيان رسمي، مبيناً أن استقالته هي لأسباب طبية وأنه ليس معنياً بمن يأتي بعده، علماً أن هناك سياقات لدى البرلمان ومفوضية الانتخابات لاختيار البديل، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» مقداد الشريفي رئيس الدائرة الانتخابية السابق في مفوضية الانتخابات، بقوله إن «النائب البديل يأتي من الكتلة والكيان نفسهما شريطة حصوله على أعلى الأصوات، وهي مسألة قانونية بحتة وطبيعية».
تحالف القوى العراقية الذي ينتمي إليه النائبان المستقيل والبديل، دافع بقوة عن سلامة موقف الرجلين ضد ما أثاره ضدهما النائب عن كتلة الأحرار رياض غالي، الذي دعا البرلمان إلى عدم التصويت على مثنى السامرائي في جلسة أول من أمس، من منطلق وجود ملفات فساد عليه. وقال التحالف في بيان إن «المنابر الإعلامية ليست هي المكان المناسب لإطلاق الاتهامات جزافاً والتهجم على الشركاء في العملية السياسية، وإنه في حالة توافر ما يدين نائباً بعينه، فإن القضاء هو الفيصل والحكم، ومن حقه وحده أن ينظر في ذلك ويصدر الأحكام المناسبة». وأضاف البيان أن «مثل هذه التصريحات والاتهامات المرفوضة من شأنها أن تتسبب في تعكير صفو العلاقات التي تربط أطراف العملية السياسية في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى التضامن والتلاحم للشروع بالجهاد الأكبر لإعمار ما دمره الإرهاب وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة».
رئاسة البرلمان العراقي التي كانت أدرجت فقرة استقالة السامرائي وترشيح بديله من القائمة نفسها في جدول أعمال جلسة الثلاثاء، عادت ورفعت هذه الفقرة تحت تأثر الضغوط وحرب التسقيط من جدول جلسة الخميس. ويبدو أن مسألة البديل وبصرف النظر عن أحقية هذا أو ذاك من الكتلة نفسها أو الكيان نفسه مرشحة لأن تفجر حرب ترشيحات داخل تحالف القوى نفسه، حيث أرسل أسامة النجيفي، زعيم ائتلاف «متحدون»، كتاباً إلى رئاسة البرلمان بترشيح بديل من كتلته. ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، فقد تسبب حرق مبنى قناة «دجلة» التي يملكها زعيم حزب الحل جمال الكربولي في حرب من نوع آخر بعد تداول معلومات عن أن الحريق كان «مدبراً وبفعل فاعل»، مثلما أبلغ عضو البرلمان العراقي محمد الكربولي الأمين العام لحزب الحل، «الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «عملية حرق المبنى الجديد لقناة دجلة الذي كانت على وشك الانتقال إليه، والذي كلف مئات آلاف الدولارات جاء نتيجة عمل إرهابي قامت به جهات سياسية هدفها الابتزاز السياسي والمالي، بعد أن كانت القناة قد نشرت سلسلة ملفات فساد بحق هؤلاء». ورغم أن الكربولي لم يشِر إلى جهة معينة، لكن عملية حرق المبنى الجديد التي قيل أول الأمر إنها جاءت لأسباب فنية جاءت في سياق حرب كلامية عنيفة بين قناتي «دجلة» و«الشرقية» التي يملكها السياسي العراقي سعد البزاز، لا سيما بعد بث تقرير من قبل «الشرقية» عن نصب مجسم لـ«برج إيفل» بالرمادي قالت عنه القناة إنه جزء من صفقة فساد مالي بنحو 4 ملايين دولار، في حين ظهر أنه تبرع من أحد العمال الشباب في المحافظة يملك مصنعاً للحدادة ولم يستخدم فيه سوى مواد بسيطة. وترتب على ذلك أن أصدر محافظ الأنبار محمد الحلبوسي قراراً بإيقاف عمل قناة الشرقية داخل محافظة الأنبار بحجة كونها غير مرخصة من قبل هيئة الإعلام والاتصالات.
حرب التسقيط؛ سواء الإلكترونية منها عير مواقع التواصل الاجتماعي، أو الإعلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة، مرشحة للتصعيد خلال الشهور المقبلة، كلما اقترب موعد الانتخابات وجرت الحاجة إلى مزيد من تسقيط الخصوم بعد أن تحولت إلى أهم وسيلة للدعاية الانتخابية في العراق.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.