مسيحيون فلسطينيون يعرقلون مسار بطريرك الأرثوذكس في بيت لحم

احتجاجاً على شبهات بيع عقارات لإسرائيل

TT

مسيحيون فلسطينيون يعرقلون مسار بطريرك الأرثوذكس في بيت لحم

في مشهد لم يسبق أن شهدته أعياد الميلاد التي تحتفل بها الطوائف الشرقية في فلسطين، اعترض مئات المصلين المسيحيين، أمس السبت، موكب بطريرك الروم الأرثوذكس كيريوس كيريوس ثيوفيلوس، محاولين منعه من الوصول إلى كنيسة المهد في مدينة بيت لحم. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة البطريرك بسبب شبهات تتعلق بصفقات بيع وتسريب عقارات وأرض فلسطينية إلى شركات استيطانية ومؤسسات رسمية في إسرائيل.
وجاءت هذه المظاهرات في إطار الموقف الذي اتخذته مؤسسات أرثوذكسية في فلسطين، ودعت فيه إلى التجمع في منطقة دوار العمل «من أجل إنقاذ أوقافنا الأرثوذكسية من النهب والتسريب، ومن أجل عزل البطريرك ثيوفيلوس وأعوانه، وتحرير الكنيسة من الفساد والفاسدين» بحسب الموقف الصادر عن المؤسسات الأرثوذكسية المعارضة للبطريرك. ودعت هذه المؤسسات إلى منع البطريرك من «تدنيس» كنيسة المهد، بحسب رأيها. واضطرت قوى الأمن الفلسطينية إلى تهريب البطريرك ثيوفولوس بسيارة، بعيداً عن الموكب، لأن المتظاهرين المسيحيين قذفوا سيارته بالبيض والأحذية.
وبدأت الطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الشرقي في فلسطين، أمس السبت، احتفالاتها بعيد الميلاد وهي: الروم الأرثوذكس والسريان والأقباط والأحباش الأرثوذكس. ولكن، وعلى غير العادة، بدت ساحة المهد خالية من المواطنين، فيما لم يحضر أي من المسؤولين في المسار المخصص لاستقبال البطاركة في الساحة باستثناء بعض السياح الأجانب، وذلك تلبية لدعوة المؤسسات الأرثوذكسية التي دعت إلى مقاطعة البطريرك.
وبدأت الاحتفالات في مدينة بيت لحم باستقبال موكب النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس المطران مارسيوريوس ملكي مراد، للمشاركة في قداس منتصف الليل. وصرّح المطران مراد قائلاً: «جئنا اليوم إلى بيت لحم لكي نعيّد على الجميع ونحتفل معهم، ونتبادل آيات المحبة والسلام والإخوة بالأفراح. فاليوم نجدد العهد لبيت لحم وفلسطين والأراضي المقدسة، ليعطينا الصحة والسلام العادل الشامل والوئام والطمأنينة بين الأديان والمذاهب في هذه الأرض». وتطرق إلى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل فقال: «نحن - المسيحيين ورجال الدين - نصلي من أجل السلام، وأن تكون القدس وبيت لحم مدينة واحدة، يأتي إليها جميع شعوب العالم كي يصلوا فيها، ويتبادلوا آيات المحبة والصلاة من أجل الوفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولاً إلى أن يأتي يوم ينعم فيه الجميع بالسلام العادل. لكن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل غير مدروس، ويجب إعادة النظر فيه».
وأشار الأنبا أنطونيوس، مطران الأقباط، إلى أن رسالتهم اليوم هي رسالة السلام الذي يجب أن يعم في أرجاء العالم، وأن يكون عام 2018 عام السلام في الوطن العربي المضطرب والمليء بالحروب، حتى تستطيع هذه المنطقة أن تنمو وأن تتفرغ شعوبها للعمل وليس للحروب.
وذكرت وكالة «رويترز» أن بطريركية الروم الأرثوذكس، وهي واحدة من أكبر ملاك الأراضي الخاصة، أثارت في السنوات الماضية جدلاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين بمحاولة بيع أصول أساسية لمستثمرين. ونقلت عن وسائل إعلام إسرائيلية أن صفقات البيع المثيرة للجدل تشمل عقارات وأملاكاً في القدس الشرقية والغربية إضافة إلى مدينتي يافا وقيسرية الساحليتين. وتم تحديد بعض المستثمرين اليهود والإسرائيليين كمشترين محتملين لتلك العقارات والأراضي.
وتابعت «رويترز» أن مسؤولين في البطريركية يقولون إنهم بحاجة لبيع أراض لتسديد ديون تراكمت عبر السنين. وحتى الآن تؤجر الكنيسة فحسب الأراضي لسكان بعقود طويلة الأجل. ويحاول مشرعون إسرائيليون منع إبرام تلك الصفقات خشية أن تؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار العقارات. ويعارض الفلسطينيون بيع الأرض لمجموعات يهودية وإسرائيلية ويعتبرون ذلك خيانة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.