رسائل إسرائيلية ضد «أذرع إيران» في سوريا

تل أبيب تحدثت عن وجود 8 آلاف من «حزب الله» فيها

عناصر من {حزب الله} يشيعون زميلاً لهم قتل في سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من {حزب الله} يشيعون زميلاً لهم قتل في سوريا (أ.ف.ب)
TT

رسائل إسرائيلية ضد «أذرع إيران» في سوريا

عناصر من {حزب الله} يشيعون زميلاً لهم قتل في سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من {حزب الله} يشيعون زميلاً لهم قتل في سوريا (أ.ف.ب)

خرجت مجموعة من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي بتصريحات يضخمون فيها قوة «الأذرع الإيرانية» العسكرية في سوريا ولبنان وتهديداتها لإسرائيل ولأحد أهم مرافقها الاقتصادية؛ آبار الغاز القائمة في قلب البحر الأبيض المتوسط. ورأى مراقبون هذه التصريحات بمثابة رسائل تهديد للقيادة الإيرانية ومحاولة لكشف حقيقة أهداف القيادة الإيرانية أمام شعبها المنتفض في شوارع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت في كلمة ألقاها يوم الثلاثاء في جامعة هرتزليا أن إيران سعت إلى تشكيل «هلال شيعي» في المنطقة، قائلا: «انظروا فقط إلى حجم الاستثمار الإيراني من أجل تحقيق الهيمنة الإقليمية، ستجدون أنه يصل إلى منح (حزب الله) ما بين 700 مليون دولار ومليار دولار كل عام»، لافتا إلى وجود 8 آلاف مقاتل من الحزب في سوريا إضافة إلى 10 آلاف عنصر في ميليشيات تدعمها إيران التي تملك ألفي «خبير عسكري» في سوريا. وأضاف: «في الأشهر الأخيرة تنامى كذلك الاستثمار على الساحة الفلسطينية بدافع رغبة في بسط النفوذ، بزيادة في التمويل السنوي في قطاع غزة لحركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي) إلى مائة مليون دولار».
وتطرّق أيزنكوت إلى الملف السوري قائلا إن الجهود المركزية في الجبهة السورية تتمحور حول منع تمركز إيران على الحدود الإسرائيلية، فيما أكد ضرورة بذل كل الجهود في هذا الإطار؛ وضمنها العسكرية. وتحدث ضباط عن «حزب الله» بصفته تهديداً آنياً مباشراً لأنه يمتلك «قدرات عسكرية، من بينها الصواريخ، تمكنه من ضرب آبار الغاز في المياه الاقتصادية الإسرائيلية». ووفقاً لقائد البحرية، الجنرال إيلي شربيت، فقد شخص «حزب الله» المحفزات الكامنة في الحيز البحري وبنى لنفسه «منظومة هجومية استراتيجية من كل النواحي».
يذكر أن البحرية قامت مؤخرا بتركيب منظومة «القبة الحديدية» على سفن «ساعر5» التي تحمي آبار الغاز، في رد فوري، قبل امتلاك سلاح البحرية 4 سفن حربية من طراز «ساعر6» في 2019. وكتب شربيت في مقالة نشرها مؤخرا بمجلة «بين القطبين»، أن «حزب الله» عمل على «بناء منظومة صواريخ هجومية وكبيرة». ووفقا لأقواله فقد «بنى (حزب الله) أفضل أسطول صواريخ في العالم... لديه كثير من الصواريخ».
وكتب الكولونيل يوفال ايلون، قائد القاعدة البحرية في أشدود، في مقال آخر: «يمكن الافتراض أنه في المواجهات المقبلة سيتم تهديد قاع البحر بشكل كبير من قبل العناصر المهتمة بضرب حصانة إسرائيل». وحسب أقواله، فإن «قوة الوسائل والقدرات كبيرة ومتعددة، بدءا من الغواصين الانتحاريين، مرورا بتفعيل قوارب مفخخة، وحتى تفعيل غواصين في المياه العميقة والمتفجرات، بما في ذلك تفعيل غواصات صغيرة ومنظومة ألغام وتخريب من صنع ذاتي».
وأضاف جنرال آخر: «على الرغم من قدرة (حزب الله) على ضرب منصات الغاز، فإن الجيش يعتقد أن المنظمة لن تستعجل ضربها». وقال ضابط في سلاح البحرية: «نحن لا نراه يرتكب عملا متطرفا لمجرد إثارة استفزاز، ففي الجانب الآخر يدركون أن الإضرار بهذه المنصات هو إعلان حرب لبنان الثالثة».
ومنذ اكتشاف حقول الغاز في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، تعتقد إسرائيل أنها يمكن أن تكون عامل تفجير، خصوصا مقابل «حزب الله». ووصف ضابط في البحرية حقول الغاز بأنها «شعلات تشتعل أمام أعينهم».
المعروف أن إسرائيل ستبدأ في العام المقبل العمل في مواقع حفر أكثر شمالا في المياه الاقتصادية الإسرائيلية؛ مثل «كريش» و«تنين». وستضاف هذه المواقع إلى المهام الدفاعية للبحرية. ومن شأن موقعها، الأقرب إلى الحدود مع لبنان، أن يثير التوتر مع «حزب الله»، الذي يعد هذه المنطقة لبنانية. وفي الوقت نفسه، يشخص الجيش الإسرائيلي أيضا محاولة من قبل حماس للحصول على القدرة لضرب آبار الغاز. وأوضح الضابط: «أحد أهداف حماس في المواجهة المقبلة سيكون ضرب الآبار، وخلق حدث مؤثر في الوعي. المسافة بين قطاع غزة وآبار الغاز هي 40 كيلومترا، وهي ليست مسافة لا يمكنهم الوصول إليها».
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قال: «لقد شهد (حزب الله) تغييرا في السنوات الأخيرة؛ من منظمة حفرت على رايتها عنوان درع لبنان في مواجهة دولة إسرائيل، إلى القتال بصفتها ذراعا إيرانية. لقد فقد نحو ألفي مقاتل، ولديه 10 آلاف جريح. في اختبار القدرة، إن التهديد الأكثر أهمية يقوم على الساحة الشمالية، واللبنانية أساسا».
لكن الجنرالات الإسرائيليين يشيرون إلى بعض القيود التي قد تمنع «حزب الله» من المبادرة إلى حرب مع إسرائيل. ويقول أحدهم في جلسة مع المراسلين العسكريين إن «(حزب الله) الذي مني بخسائر فادحة نتيجة لعمليات فتاكة نفّذت في معقله في ضاحية بيروت، سيضطر خلال العام المقبل إلى مجابهة عمليات تسلل ينفذها عناصر في (الجهاد العالمي) الساعين إلى الانتقام من إنجازات الحزب في سوريا، وليس سهلا عليه فتح معركة مع إسرائيل يعرف سلفا أنها ستكون قاسية عليه. وبناء عليه، فهو يقوم مع جيش الأسد والميليشيات الشيعية بالسير بشكل حثيث في العمليات القتالية في المناطق المهمة بالنسبة للحزب. إن الدمج بين خبو نار الحرب في مواجهة (داعش)، وتحسين المحاور اللوجيستية لنظام الأسد في هضبة الجولان والدافعية الكبيرة لدى إيران و(حزب الله) في القتال في هضبة الجولان، وفقا لمصالحهما، سيوسّع خلال الفترة القريبة من مدى المعارك بالقرب من الحدود الإسرائيلية».
يذكر أن الجيش الإسرائيلي يواصل نشر قوات شديدة النخبوية على امتداد الحدود ويقوم بفرض حالة استنفار مؤقتة في صفوف القوات النارية البرية، إلى جانب تفعيل الاستخبارات النوعية والطائرات، وذلك لأن التغيير قد يتمثل ليس فقط ضد المحور الراديكالي المتمثل في سوريا و«حزب الله» وإيران، بل أيضا ضد المتمردين الذين قد يجدون أنفسهم عما قريب وقد أصبحت ظهورهم إلى الجدار. ويقول أحد الجنرالات: «يتوجب علينا في هذه المرحلة عدم التعامل بجدية فائقة مع الأخبار الأجنبية المختلفة حول هروب المتمردين وأبنائهم وعائلاتهم من هضبة الجولان، حيث يتوقع اندلاع معارك طاحنة في المنطقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».